رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حينما يتماهى الجبن المتعفن مع النفاق المستفحل


المشاهدات 1320
تاريخ الإضافة 2024/02/24 - 8:32 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 3:19 AM

مرة أخرى تخرج الولايات المتحدة الأمريكية ورقة ( الفيتو ) وتلقي بها فوق طاولة مجلس الأمن الدولي ، معلنة عن إبطال أي قرار أممي يقضي بالوقف الفوري للحرب في غزة. فقد بادرت الجزائر هذه المرة ، بصفتها عضوا غير دائم بمجلس الأمن و بالتنسيق مع المجموعة العربية والإسلامية بالأمم المتحدة إلى تجريب حظها بأن عرضت على أنظار مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يرفض التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين ، ويكرر مطالبة جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ، و يطالب بالإفراج الفوري و غير المشروط  على جميع الرهائن ،و جدد الدعوة إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل و سريع و آمن إلى غزة .
وبدا من حيث الشكل و المضمون أن الطريق معبدة و سالكة وآمنة للمصادقة السريعة  على قرار يتعلق بقضية إنسانية صرفة ، وبأزمة بدأت ترخي بظلالها على الأوضاع الأمنية في العالم ، وبحرب غير متكافئة يصر أحد الأطراف على أن يستخدم المدنيين ، خصوصا الأطفال و النساء و الشيوخ حطبا لها. لكن الذي حدث أن مجلس الأمن الدولي عجز للمرة الثالثة على اتخاذ قرار وقف الإبادة الجماعية و إيصال المساعدات و الإفراج عن الرهائن ، خصوصا الإسرائيليين منهم ، و الامتثال للقانون الدولي ، بسبب أن دولة واحدة من أصل 15 دولة لم تكن موافقة على ذلك ، وقدرت أن الحرب و الإبادة و التهجير و التجويع و التدمير الشامل لا زال ضروريا لتمكين جهة من التشفي و الانتقام و تحقيق التطهير العرقي الكامل.  
وفي الحقيقة، فإن الموقف الأمريكي ليس غريبا ولا مناقضا لطبيعة الأمور ، بل الشاد هو أن تقدم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها إلى العالم على غير ما اعتادت أن تقدم نفسها كدولة راعية لإرهاب الدولة، لكن مع ذلك فإن الموقف الأمريكي الجديد يكشف عن الشخصية الأمريكية الرسمية المركبة والمعقدة، لأن نفس الحكومة الأمريكية التي أرسلت وزيرها في الخارجية في رحلات مكوكية متعددة إلى دول المنطقة للبحث عن تسوية للحرب غير المتكافئة بوقف فوري لإطلاق النار، هي نفسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تلوح في كل مرة بورقة الفيتو لمنع اتخاد قرار أممي يرمي إلى تحقيق نفس الهدف ، وهي نفسها التي لا يتوانى عرابها في المناشدة من أجل إدخال المساعدات إلى غزة ، وهي نفسها التي ترفع يدها معارضة لتحقيق نفس المبتغى، وهي نفسها التي ترفع صوتها عاليا للمطالبة بإخلاء سبيل المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، هي بذاتها التي ترفع نفس الصوت للحيلولة دون تحقيق ذلك، وهو نفاق بنفحة أزمة ضمير مستعصية على الفهم .
وسط هذا التدافع من المتناقضات المثيرة تستمر قوات الاحتلال في تقتيل المدنيين من الأطفال و الرضع و الخدج والنساء بتغطية كاملة و شاملة و مطلقة من طرف الإدارة الأمريكية، بما يكشف عن جبن متعفن في نفوس قيادة و قوات الاحتلال، ويكمن الجبن المتعفن في العجز وفي الفشل في مواجهة المقاومة الفلسطينية وفي الانهزام في هذه المواجهة، لذلك يدفعها الجبن المتعفن إلى التعويض و الضغط بإبادة المدنيين في أفق إجبار المقاومة على الاستسلام حفاظا على أرواح المدنيين.. وهكذا فإن مشروعية وقف إطلاق النار بالنسبة إلينا و بالنسبة لأحرار العالم ، لا تتمثل في الخوف من هزيمة المقاومة ولكن في الحفاظ على المدنيين الأبرياء .
هكذا يتلاءم ويتماهى الجبن الصهيوني المتعفن مع النفاق الأمريكي المستفحل.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير