رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
منع التسجيل .. حين تتحول القرارات من ورق إلى اختبار حقيقي


المشاهدات 1178
تاريخ الإضافة 2025/12/23 - 9:21 PM
آخر تحديث 2025/12/25 - 4:40 AM

في كرة القدم، لا تُقاس قوة اللوائح بنصوصها فقط، بل بقدرتها على التنفيذ. ومن بين أكثر الأدوات التي يستخدمها الفيفا لفرض احترام القرارات، يبرز منع التسجيل (Registration Ban) كإجراء صارم، لكنه في كثير من الأحيان ضروري. هذا الإجراء لا يُفرض عبثًا، بل يأتي نتيجة إخلال واضح بالالتزامات، وغالبًا ما يكون آخر إنذار قبل انهيار الثقة بين النادي والمنظومة الدولية.منع التسجيل يعني ببساطة حرمان النادي من قيد لاعبين جدد، محليًا أو دوليًا، لفترة زمنية محددة أو حتى تنفيذ التزام معين. وغالبًا ما يرتبط هذا القرار بقضايا مالية، مثل عدم تنفيذ أحكام صادرة عن غرفة فض المنازعات في الفيفا، أو محكمة التحكيم الرياضي (CAS)، خاصة في ما يتعلق بالمستحقات المتأخرة للاعبين أو الأندية الأخرى.الخطير في هذا الإجراء ليس المنع ذاته، بل الاستهانة به. فبعض الأندية تتعامل مع القرار وكأنه تهديد نظري، وتفاجأ لاحقًا عند فتح نافذة التسجيل بأن النظام مغلق، والوقت يمر، والبدائل غير متاحة. في حالات عديدة، أندية وقّعت عقودًا جديدة، وأعلنت عن صفقات، ثم اصطدمت بالواقع: لا تسجيل دون تنفيذ القرار.
أحد الأمثلة الشائعة أن ناديًا يُمنع من التسجيل لعدم دفع مستحقات لاعب سابق. بدلاً من تسوية الملف، يحاول النادي تسجيل لاعبين جدد عبر الالتفاف أو الاعتماد على “الوعود”. النتيجة؟ تضيع النافذة، ويُحرم الفريق من التعزيز، ويتحول الخطأ الإداري إلى أزمة فنية داخل الملعب.
الفيفا، في هذا السياق، لا ينظر إلى الأعذار بقدر ما ينظر إلى التنفيذ. لا يهم إن كانت الأزمة المالية حقيقية أو مؤقتة، المهم أن القرار واجب النفاذ. ولهذا السبب، نرى في نشرات الفيفا الرسمية أسماء أندية من مختلف القارات تخضع لحظر التسجيل، بعضها أندية جماهيرية، ما يؤكد أن اللائحة لا تفرّق بين كبير وصغير.
الأخطر أن منع التسجيل لا يقتصر على الفريق الأول فقط، بل قد يشمل جميع الفئات العمرية، ما يضرب مشروع النادي طويل الأمد. بعض الأندية دفعت ثمن سوء الإدارة لسنوات لاحقة، بعدما فقدت جيلاً كاملًا من اللاعبين بسبب قرار لم يُؤخذ بجدية في وقته.
في المقابل، هناك أندية تعاملت بذكاء مع الموقف. ما إن وصلها الإشعار، حتى سارعت إلى تسوية النزاع، ولو على مراحل، وقدمت إثبات التنفيذ للفيفا، فتم رفع الحظر قبل فتح نافذة التسجيل. الفرق هنا لم يكن المال فقط، بل الوعي القانوني وسرعة القرار.
خاتمة
منع التسجيل ليس عقوبة انتقامية، بل أداة لضبط التوازن وحماية الحقوق. النادي الذي يحترم القرارات يحمي نفسه قبل أن يحمي غيره، أما الذي يستخف باللوائح، فسيجد نفسه عاجلًا أو آجلًا في مرمى اللائحة… دون بدائل ولا أعذار. 
سألتقيكم الأسبوع القادم بملف جديد يفتح زاوية أخرى من زوايا القانون الكروي، حيث لا مكان للاجتهاد حين يكون النص واضحًا.


تابعنا على
تصميم وتطوير