رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الفساد الإداري والمالي قضية تؤرق المجتمعات


المشاهدات 1705
تاريخ الإضافة 2025/12/22 - 9:41 PM
آخر تحديث 2026/01/01 - 12:41 AM

يُعدّ الفساد الإداري والمالي في الدوائر الحكومية من أخطر الظواهر التي تواجه المجتمعات المعاصرة، لما له من آثار سلبية عميقة تمسّ التنمية والاستقرار والعدالة الاجتماعية. فحينما يتسلل الفساد إلى مؤسسات يفترض أن تكون في خدمة المواطن، تتحول هذه المؤسسات من أدوات للبناء إلى معاول للهدم، ويصبح المواطن هو الخاسر الأكبر.
ويتمثل الفساد الإداري في إساءة استخدام السلطة الوظيفية لتحقيق مصالح شخصية، مثل المحسوبية والواسطة وتعطيل المعاملات وابتزاز المراجعين، بينما يظهر الفساد المالي في اختلاس المال العام، والرشوة، والتلاعب بالعقود والمناقصات. وغالبًا ما يتكامل النوعان ليشكّلا شبكة معقدة تعيق أي محاولة للإصلاح.
ولا تقف آثار الفساد عند حدود الخسائر الاقتصادية، بل تمتد لتقوّض الثقة بين المواطن والدولة، وتضعف هيبة القانون، وتكرّس شعورًا عامًا بالظلم وعدم تكافؤ الفرص. كما يؤدي الفساد إلى هدر الموارد، وتعطيل المشاريع التنموية، وتراجع جودة الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والبنية التحتية.
إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحًا تشريعيًا وإداريًا شاملًا، يقوم على تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية، واستقلال القضاء، وحماية المبلّغين عن الفساد. كما لا يقلّ دور الإعلام والمجتمع المدني أهمية في كشف التجاوزات ورفع الوعي العام بخطورة الفساد وآثاره.
ويبقى المواطن شريكًا أساسيًا في معركة مكافحة الفساد، من خلال رفض الرشوة، والالتزام بالقانون، والمطالبة بحقه في إدارة نزيهة وخدمات عادلة. فبناء دولة قوية وعادلة لا يتحقق إلا بإدارة نظيفة، ومال عام مصان، ومؤسسات تعمل لخدمة المجتمع لا لاستنزافه.
وفي الختام، فإن القضاء على الفساد الإداري والمالي ليس خيارًا ترفيًا، بل ضرورة وطنية لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وتحقيق التنمية المستدامة التي تنشدها المجتمعات.


تابعنا على
تصميم وتطوير