رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حينما تتعمد التقارير الدولية التكتم على الحقيقة


المشاهدات 1106
تاريخ الإضافة 2025/12/20 - 11:19 PM
آخر تحديث 2025/12/21 - 5:37 AM

يشير تقرير حديث صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع الأمم المتحدة، إلى أن أكثر من 239 مليون شخص حول العالم يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية في سنة 2026، ويرد التقرير أسباب ذلك إلى تصاعد وتيرة الصراعات المسلحة والعنف والجوع والنزوح والمرض، وتدهور الأوضاع الإنسانية في العديد من دول المعمور. وقد لا نحتاج إلى كثير جهد لتفسير ما يحدث في هذا الصدد في زمن يبدو من حيث الشكل على الأقل محصنا بوفرة الغذاء والأمن والاستقرار وحتى الرفاه، ومعززا بمنظومة حقوقية كونية تضمن العيش الكريم لسكان العالم بغض النظر عن جنسها ونوعها وعرفها وجغرافيتها. لكن ما هو مثير حد الألم فيما تضمنه التقرير يتمثل أساسا في تأكيده على أن مجموعة من الدول الإسلامية تتقدم لائحة الدول التي تعرف خصاصا كبيرا في أعداد المحتاجين إلى هذه الرعاية الإنسانية بما تعنيه من احتياجات في الغذاء والأمن والاستقرار والعيش الكريم .حيث يكشف التقرير أن السودان تتصدر قائمة الدول التي تضم أكبر عدد من المحتاجين ، حيث سجل وجود 33,7 مليون شخص محتاج ، تليها دولة اليمن ب 23,1 مليون شخص ،ثم أفغانستان ب 22 مليون شخص وسوريا ب 16,5 مليون شخص، ناهيك عن دولة فلسطين التي يواجه مواطنوها أبشع مظاهر العوز في الحياة بسبب سياسة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم .الواضح أن الأسباب التي حددها وعددها التقرير لتفسير تغول ظاهرة الاحتياج الإنساني في العالم لم تكن مقنعة إلى حد بعيد، لأن دولا كثيرة في مناطق أخرى من العالم تواجه حدة كبيرة في هذا العجز الإنساني، في القارة السمراء كما في آسيا كما في أمريكا اللاتينية، وبالتالي كان من المنطقي أن تتقدم شعوب هذه الدول لائحة المحتاجين في العالم ، لكن أن توجد دول إسلامية بعينها في مراتب جد متقدمة في هذا التصنيف ،فإن ذلك يعني أن هناك أسبابا أخرى وقع تحاشي احتسابها واعتمادها في هذا التصنيف .وهي لا تتعلق بالسياسات المعتمدة في تلك الدول ولا بفشل المشاريع الديموقراطية والسياسية عامة، ولا حتى بارتفاع معدلات الفساد فيها التي تبقى مع ذلك ضمن أسباب ما يحدث ، لكنها عوامل وأسباب موجودة في العديد من النقاط والمواقع الجغرافية على امتداد الخريطة العالمية ، لكن هذه الأسباب لم تكن قادرة على الدفع بدول كثيرة إلى احتلال مراتب متقدمة في لائحة الدول المحتاجة شعوبها إلى المساعدة الإنسانية والرعاية، كما هو عليه الحال في الدول الإسلامية التي حملت مشعل الريادة في ذلك .لا بد من الحديث عن العوامل الخارجية التي كانت سببا فيما يجري في دول يحث دينها الحنيف على كافة مظاهر التضامن الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الأجناس والفئات، إذ لا يمكن التسليم بمبدأ الصدفة فيما يجري في هذه الأقطار الإسلامية، والتي وجدت لها أدوات تنفيذ طيعة وخنوعة على المستوى الداخلي. وحينما نتمعن في طبيعة الصراعات العنيفة والحروب الطاحنة والتجاذبات القوية التي تجري في هذه الأقطار يبدو واضحا أن العامل الخارجي يعتبر فاعلا رئيسيا وموجها حاسما للأحداث والتطورات الجارية هناك والتي سخرت أدوات تنفيذ طامعة في السلطة أو المال ومحفزة بمحركات النزعة القبلية  والخلفيات الدينية والعرقية .وحينما تحضر عوامل العمالة إلى الخارج بكل ما يتطلب ذلك من حماس والاستعداد للتضحية، وتحصن هذه العمالة بتوفير كميات الحطب اللازمة لاستمرار ألهاب النيران، فإن الحديث عن وجود عنصر استقلال القرار الوطني في حسم النزاعات الداخلية يصبح ضربا من ضروب الخيال وشكلا من أشكال الاستحالة. 


تابعنا على
تصميم وتطوير