
ضرب الإرهاب مرّة أخرى منطقة من العالم ، وكانت هذه المرّة العاصمة الأسترالية سيدني مسرحاً لعملية إرهابية أودت بحياة 15 شخصا وإصابة 40 آخرين . وبصرف النظر عن منفذي العملية والمستهدفين ، فإنّه ما انفكّ يتّضح أنّ الخطر الإرهابي يصبُ دوما في آخر المطاف في خانة مصلحة التطرّف عموما والتطرّف الصهيوني على وجه التحديد .
وليس بخافٍ أنّ الأرقام تُثبت أنُ المستهدف الأساسي وأكبر ضحايا العمل الإرهابي هم المسلمون ، إنْ كان ذلك في ديارنا أو حتّى خارج الديار ، ويتبيّن كذلك وبشكل لا نزاع فيه أنُ الغاية المثلى من العمل الإرهابي تبقى تشويه صورة الإسلام والمسلمين لتنفرد قوى التطرّف والإرهاب بحمل راية الدين الحنيف الذي يسعون بكلّ الطرق والوسائل إلى طمس رسالته السامية التي قوامها الحرّية والإعتدال والتسامح .
وليس غريبا والحال تلك أن “ينتفض” الكيان الصهيوني عند كلّ عملية إرهابية ليجني ثمار غباء بعض الأطراف السياسية التي تصرّ على تكرار ذات الخطأ الذي قاد أمّة الإسلام إلى المتاهة والضياع .
وقد لا يحتاج المرء إلى تبيان ذلك ، إذْ ، وفي كلّ مرّة يتكرّر ذات السيناريو الدراماتيكي : عملية إرهابية تُعطي نَفَساً جديدا للجسم الصهيوني العليل والذي هو أصلا في حالة موت سريري .
وإنّ تكرار مثل هذا السيناريو يشّرع التساؤل والاحتراس من الأهداف الخفيّة للعمل الإرهابي الدي ينفّذ باسم الدين ، لأنّ النتيجة المأساوية واحدة ؛ الكيان الصهيوني يغنم ويكسب النقاط وقوى الإعتدال والوسطية تُحشر أكثر في الزاوية. وقد تابع العالم كيفية توظيف الكيان الصهيوني لكلّ ما يُجمع الكلّ على أنّه عمل إرهابي، ومن ذلك عملية سيدني الأخيرة ، حيث كانت مناسبة للكيان الصهيوني وزعيمه المغالي في جرائمه بحقّ الفلسطينيين وفلسطين لمهاجمة الحكومة الأسترالية على خلفية إعترافها بالدولة الفلسطينية، وتسامحها ضدّ رأي عام وطني أسترالي رفض ويرفض جرائم الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني في حقّ الفلسطينيين .
وإذا سلّمنا جدلا بأنّ نيل المنى والحقوق والمطالب لا يُكسب بالتمنّي ولكن يُفْتَكُّ ويؤخذ غلابا على المعنى الذي أورده الشاعر العظيم أحمد شوقي ، فإنّ هذا المسعى لن يكون مجديا إلّا أذان نتاج فِكْرٍ يحرّك ويقود أفعال الجميع من تحقيق المنشود ، وهو فِكْرٌ آتٍ لا محالة لأنّ مصير الشعوب هو دوما بين أيديها، ولأنّ إرادتها كفيلة بحمل القَدَرِ متى توفّرت ظروف ذلك ، على الإستجابة لمطالبها التاريخية والقانونية والمشروعة ، كما أوحت بذلك معاني أبيات الشاعر الخالد أبو القاسم الشابي .
ولأنّ الغاية المثلى للنفوس هي الحياة وثقافة الحياة “ .. لا بدّ للّيل أن ينجلي ، ولا بدّ للقيد أن ينكسر “، ولذلك نجزم مع الشابي أنّه : “ إذا طمحت للحياة النفوسُ ،، فلا بدّ أن يستجيب القدر ْ “، لأنّ “ من لم يعانقه شوق الحياة ،، تبخّر في جوّها واندثرْ “.