رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
النزاهة الرياضية .. خط الدفاع الأول ضد التلاعب بنتائج المباريات


المشاهدات 1386
تاريخ الإضافة 2025/12/10 - 10:00 PM
آخر تحديث 2025/12/16 - 5:02 PM

في كرة القدم، كثيرًا ما يجري الحديث عن الاحتراف، العقود، الانتقالات، وشروط اللعب، لكن هناك ملفًا شديد الحساسية لا يلتفت له الجمهور إلا حين ينفجر: التلاعب بنتائج المباريات. هذا الخطر الصامت الذي يهدد نزاهة اللعبة قبل أي شيء، ويضرب ثقة الجماهير، ويشوّه قيمة البطولات مهما كانت قوتها.
الفيفا والاتحادات القارية طالما شددت على أهمية حماية نزاهة المنافسة، لكن الواقع يكشف أن الضغوط الاقتصادية، وضعف الرقابة في بعض الدوريات، وتسلل شبكات المراهنات غير القانونية، جعلت من التلاعب ساحة معركة مفتوحة. هنا تحديدًا تبرز أهمية اللوائح، ليس فقط كنصوص مكتوبة، بل كمنظومة حماية متكاملة.
تنص اللوائح على أن أي محاولة للتأثير على نتيجة مباراة، سواء من لاعب أو إداري أو حكم أو حتى وسيط خارجي، تُعد خرقًا جسيمًا للعقوبات الأخلاقية والرياضية. وتبدأ العقوبات من الإيقاف والغرامات، وقد تصل إلى الحرمان مدى الحياة، مع فرض عقوبات مالية ضخمة على الأندية المتورطة. لكن هل تكفي هذه الإجراءات لمنع التلاعب؟
الواقع يقول إن التلاعب غالبًا لا يتم من الباب الواسع. إنه يدخل عبر الثغرات: لاعب لم يحصل على راتبه، حكم يعاني ضغوطًا مالية، إداري يبحث عن نفوذ، أو نادٍ يغرق في الديون. هذه البيئة الهشة تفتح الباب أمام الجهات المشبوهة. لذلك، حين يتحدث الفيفا عن “النزاهة”، فهو في الواقع يتحدث عن بيئة عمل آمنة قبل أن يتحدث عن نصوص وعقوبات.من الزوايا التي تحتاج إلى قراءة أعمق، هو الدور الذي تلعبه وحدة النزاهة داخل الاتحادات. هذه الوحدات ليست مجرد مكاتب شكلية، بل من المفترض أن تكون عينًا يقظة تراقب أنماط المباريات، التحركات المالية، عقود اللاعبين، وحتى المكالمات المشبوهة. بعض الاتحادات المتقدمة تمتلك منظومات تحليل بيانات تراقب سلوك المراهنات عالميًا، وتكشف التلاعب خلال دقائق.أما في الدول التي لا تزال نزاهة اللعبة فيها تعتمد على “الضمير”، فتحدث المشكلة الكبرى: المباراة تُلعب داخل الملعب، لكن نتيجتها تُحسم خارجه. هنا الضحية الأولى ليست النادي ولا اللاعب، بل الجمهور الذي يفقد ثقته بالمنافسة، والجمهور حين يرحل… ترحل قيمة الدوري بأكمله.
وباختصار، التلاعب لا يُهزم بالعقوبات فقط، بل بالوقاية:
- دفع الرواتب في وقتها،
- رقابة مالية دقيقة،
- تعليم اللاعبين الشباب مخاطر شبكات المراهنات،
- وتفعيل وحدات النزاهة كجهات رقابية مستقلة.
خاتمة:
كرة القدم لعبة شريفة بطبيعتها، لكن الحفاظ على شرفها مسؤولية مشتركة. وفي مرمى اللائحة، يبقى المبدأ واضحًا: لا بطولة تستحق الاحتفال إن كانت مبنية على نتائج مزوّرة. اللعبة الجميلة لا تُحمى بالشعارات، بل بأنظمة قوية، وإرادة صارمة، وبيئة تمنع التلاعب قبل أن تعاقب عليه.


تابعنا على
تصميم وتطوير