
يواجه المجتمع الدولي تحدّيات معقَدة وكبيرة، ومن أخطرها آفة المخدرات التي بلغت حدّاً غير مسبوق، وهي تكاد تشمل كلّ المجتمعات وإنْ كان ذلك بدرجات متفاوتة الخطورة ، وتكمن خطورتها أوَلا: في كونها مرتبطة أساسا بالجريمة المنظمة عابرة للقارَات، وثانيا: في ارتباطها الوثيق بالإرهاب بمختلف أشكاله .
وتولي الدول الغربية الليبرالية بالخصوص أهمَية قصوى لمحاربة هذه الظاهرة المرضية لاقتناع تام منها أنَها أداة فعَالة لضرب تماسك الدولة والمجتمع .
وكانت قناعتنا تتَجه إلى أن دولنا في جنوب العالم لا تولي هذه الآفة ما تستحقَه من عناية ومتابعة ووضع الخطط الكفيلة بالتصدَي لها ، غير أنَ إنعقاد المؤتمر الدولي الثالث للمكافحة المخدرات في بغداد فنَد هذه المزاعم، وأثبت أنَ بعض دولنا العربية والإسلامية منخرطة بالكامل في المجهود متعدَد الأطراف لمجابهة هذه الآفة المدمَرة للدول والمجتمعات والأفراد . وعلى سبيل الذكر لا الحصر، أعلنت العراق على لسان وزير داخليتها عبد الأمير الشمَري أنَ العراق نجح في بناء منظومة أمنية متطورة لمجابهة آفة المخدَرات، مشدَدا على أنَ «آفة المخدرات أصبحت اليوم تهديدا مركَبا ومتسارعا يتجاوز الحدود الجغرافية لأيَ بلد ، وتتطلَب محاربته جهداً جماعيا مركباً ومتسارعاً ولا يقف عند حدود أيَ دولة أو مؤسسة» .
وبحسب التقارير الأممية، فقد بلغ حجم إنتاج الأفيون في العالم 7790 طناً في عام 2018 ، وما ينفكّ إنتاج الكوكايين في العالم يتزايد ، ولا سيما في أمريكا الجنوبية .
وتشكّل المخدرات تحدّياً كبيراً ومعقّداً، وهي آفة تشمل ما يزيد عن 300 مليون شخص فضلا عن كونها ظاهرة منتشرة في مختلف الدول والمجتمعات بقطع النظر عن درجة نموّها وتحضّرها .
وتُستعمل هذه الظاهرة في ضرب تماسك الدول والمجتمعات، ومثَلت على مدى عقود أداة فعَالة بين أيدي قوى معلومةٍ لا تردَد في إستعمال وتوظيف أيَ أدوات من أجل الوصول إلى أهدافها بما في ذلك أدوات غير أخلاقية ومدمَرة لحياة الأفراد والمجتمعات، غير أنَ إنتشار الظاهرة وافلاتها عن كلَ سيطرة لم يستثن مجتمعات هذه القوى الغربية المعلومة ، لينقلب بذلك السحر على الساحر وتصبح آفة المخدرات تهديدًا مباشرًا لها وجب التصدَي له واستئصاله من عروقه إن لزم الأمر .
إنَ القوى الغربية الليبرالية في معرض تحقيقها لأهدافها الوطنية تنتهج في أغلب الأحيان مسالك تخالها أساسًا مدمَرة فقط للمجتمعات الأخرى، ولكن سرعان ما يتبيَن أنَ الآفة تكون عامَة وترجع بالوبال الشديد عليها أوَلا.. آفة والمخدرات وظاهرة الإرهاب مثالان صارخان على ذلك ، أفلا يتّعظون؟!