
يستخدم ملايين الأشخاص، في كل لحظة، تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر التصفح أو الإعجاب أو التعليق أو المشاركة، وفي الوقت نفسه يشعر كثيرون أنهم “مدمنون” على هذه المنصات، ويرددون ذلك بوصفه حقيقة ثابتة.
ومع هذا الشعور العام، جاءت دراسة علمية حديثة نُشرت في شهر تشرين الثاني 2025 في مجلة Scientific Reports لتقدّم قراءة مختلفة، وتعيد تفسير الإحساس الشائع بالإدمان.
فما الذي اكتشفته الدراسة؟ وما دلالاتها؟
- حملت الدراسة عنوان: المبالغة في تقدير إدمان وسائل التواصل الاجتماعي شائعة لكنها مكلفة، للباحثين وندي بوب وإيان أندريون.
- توضح الدراسة أن معظم من يعتقدون أنهم مدمنون، هم في الحقيقة عالقون داخل دائرة “ عادة رقمية “ ، وهي سلوك متكرر لا يرقى إلى مستوى الإدمان السريري.
- اعتمد الباحثان على تحليل بيانات أكثر من 1200 مستخدم أمريكي نشط على منصة إنستغرام.
- كشفت النتائج ما يلي:
- 18 ٪ شعروا بأنهم مدمنون إلى حد ما.
- 5 ٪ قالوا إنهم مدمنون بشدة.
- 2 ٪ فقط ظهرت لديهم أعراض إدمان حقيقية تشمل فقدان السيطرة، والرغبة القهرية، وأعراض الانسحاب.
- لعب الإعلام دورا كبيرا في صناعة وهم الإدمان الرقمي، فقد ورد مصطلح “إدمان السوشيال ميديا” في أكثر من 4300 مقال خلال الأعوام 2021–2024، بينما ظهر مصطلح “الاعتياد على السوشيال ميديا” 50 مرة فقط.
- طريقة وصف السلوك توثر على الانسان، فحين يُقال للمستخدم إن سلوكه “إدمان”، يتراجع شعوره بالتحكم ويزداد اللوم الذاتي والذنب، بينما حينما يتم اقناعه بالنظر إلى السلوك كـ“عادة قابلة للتغيير” فإنه سيشعر بقدرة أكبر على التحكم بسلوكه وتغييره.
- التمييز بين الإدمان والعادة مهم وضروري، وليس مجرد ترف اصطلاحي، فإما أن يرى الشخص نفسه “ضحية” لا تستطيع تغيير واقعها، أو يرى أنه “فاعل” يمارس عادة رقمية يمكن التغلب عليها.
- يجب التنبيه ايضا الى انه حتى في حال عدم وجود إدمان سريري حقيقي، فإن الاستخدام المفرط والعادة الرقمية غير المسيطر عليها، تسبب نتائج نفسية وجسدية حقيقية؛ قلق، تشتت، ضياع وقت، ضعف تركيز، انخفاض احترام الذات، واكتئاب خفيف.
ومن وجهة نظري ، ما يحتاجه مستخدم مواقع التواصل ليس فقط تخفيف الاستخدام، بل وعي عميق بالعادات الرقمية، كيف تشكل يومه؟ كم تسرق من وقته؟ وكيف تؤثر على نفسيته وإنتاجيته؟
فالعادة الرقمية، وإن لم تكن إدمانا، قد تكون أحيانا أشد تأثيرا، لأنها سلوك روتيني يُعاد إنتاجه يوميا، ويؤثر بمرور الوقت من دون مقاومة، ولذا فمراجعة العادات الرقمية ضرورة أساسية لإعادة ضبط علاقتنا بالفضاء الرقمي.