رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تجارب التاريخ المؤلمة


المشاهدات 1257
تاريخ الإضافة 2025/12/01 - 9:59 PM
آخر تحديث 2025/12/03 - 6:25 PM

  تعيش تونس حراكا مجتمعيا كبيرا يبعث على الحيرة  ، ويكاد الطيف السياسي والمجتمعي بمختلف مكوناته وأجياله يتّفق على أنّ المرسوم 54 أصبح عائقا كبيرا وفعليا أمام محرّد إبداء الرأي في الشأن العام فضلا عن حريّة الرأي والتعبير ،  غم أنّ الهدف الأساسي منه كان إضفاء جرعة من الأخلاق على  الحياة السياسية والعامّة.
 وقد كنّا أبدينا في حينها تحفظّات كبيرة من أن يقع التوسّع في تأويل هذا النصّ القانوني بشكل يمسّ ويضرب مبدأ الحرّية بما يؤدّي إلى شلّ حرية الرأي والتعبير والعمل الصحفي .
وكانت مخاوفنا والحقّ يقال في محلّها ، إذ أصبح هذا القانون سيفا مسلّطا على الرقاب وكان أساسا ومنطلقا لعديد المحاكمات أدخلت البلاد والعباد ومنظومة الحُكٍمِ في دوّامة من الصعب بل من المستحيل على أيً طرف الخروج منها ، وقادت من جانب السلطة إلى مراكمة الأخطاء نتيجة فوضى إستعمال هذا النصّ القانوني وإلى التعسّف في ذلك في أغلب الحالات .
 ونقرّ أوّلا ، بأنْ لا سبيل للخروج من هذا المأزق سوى ترك العمل بهذا المرسوم المعطّل والمعرقل لأبسط قواعد الحرية وحرية العمل الصحفي تحديدا ،  ونعترف ثانيا ، بأنّه من الصعب على منظومة الحُكْمِ في تونس التراجع ، رغم أنّ الحسّ السليم يقضي بذلك حفاظا على إستقرار المجتمع والدولة ، ونؤكّد ثالثا ، أنّ المجتمع التونسي بكلّ أطيافه دخل مرحلة حرجة شعارها الأسمى “ لم يعد للمجتمع ما يخسره” ، وهي مرحلة تهابها وتخشاها كلّ منظومات الحُكْمِ مهما كانت قوّتها الطاهرة .
 وإنّ تطوّرات الأحداث في تونس تؤكّد أنّ عامل الخوف والتخويف لم يعد الورقة الرابحة ، وأنّ اللجوء المتكرّر إلى إستعمالها أو التلويح بها جاء بعكس النتائج والتطلّعات والأهداف ، ما فرض ويفرض على منظومة الحُكْمِ في تونس عضّ النظر والقبول ببعض الإكراهات التي قد يصعب تداركها والحدّ منها على المدى القريب والمتوسّط ، وبما يضعها أمام أحد حلّين ، التراجع غير الإرادي وهو ما بُضعف منظومة الحُكْمِ ويفقدها هيبتها وسطوتها ،  أو هي عملية الهروب إلى الأمام والتي قد تكون نهايتها مأسوية بالنسبة لها . إنّ قراءة تجارب الأمم والشعوب  من شيم الحكّام ذوي الحكمة والرصانة وهم لذلك يدركون تماما  أنّ تكرار الموآقف والسياسات في التاريخ يكًن غالبا في قالب مأساة ، وهم لذلك يجنّبون شعوبهم ودولهم مثل هذا المصير المفجع .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير