
يقدّم دونالد نيف سردًا تاريخيًا مفصّلًا لأحداث أزمة السويس 1956، مركزًا على كيفية انتقال الولايات المتحدة في عهد دوايت أيزنهاور من لاعب عالمي حذر إلى قوة تتدخل مباشرة في الشرق الأوسط وتفرض رؤيتها على الحلفاء التقليديين—بريطانيا وفرنسا—وعلى إسرائيل ومصر.
فالفكرة الأساسية أن واشنطن خرجت من الأزمة باعتبارها القوة الأولى في المنطقة، وأن تدخّلها السياسي والدبلوماسي حسم مسار الصراع، بينما تحوّل الحلفاء الأوروبيون إلى قوى ثانوية، وتنامت مكانة جمال عبد الناصر كقائد لحركة التحرّر العربي.
المحاور الأساسية
الفصل الاول (الفتيل)
يعرض هذا الجزء خلفيات التوتر المتصاعد.
يستند نيف إلى بورتريهات سياسيّة مركّزة تُظهر تناقضات الشخصيات القيادية:
بن غوريون: يرى أن التهديدات المصرية تستوجب ضربات استباقية.
شيرت: أكثر براغماتية ولكنه فاقد للتأثير أمام “الحزب العسكري”.
ناصر: يكافح لإثبات السيادة المصرية ضد ضغط الغرب وإسرائيل.
دالاس (وزير خارجية أمريكا): يدرك خطر الانزلاق إلى مواجهة كبرى.
أبا إيبان: يشعر بأن الدبلوماسية الإسرائيلية تتراجع إلى السخرية والعزلة.
الهدف من هذا الجزء هو بناء صورة تدريجية عن تفاعل الطموحات الوطنية مع الخوف وعدم اليقين، وهي العناصر التي ستطلق الشرارة لاحقًا.
الفصل الثاني (الشرارة)
يُركّز نيف هنا على ديناميات سريعة تُشعل الحرب:
خروتشوف: يقدم الدعم السياسي لمصر، ما يثير هلع الغرب.
تشرشل: يرى في أمريكا الحليف الضروري ولكنه يراقب تراجع النفوذ البريطاني.
غي موليه (فرنسا): يسعى للانتقام من ناصر بسبب دعمه لثورة الجزائر.
اللورد لويد: ينكر أي نية استعمارية رغم الوقائع.
إيدن (بريطانيا): يعتبر ناصر “هتلر جديدًا” ويعتقد بضرورة إسقاطه.
شمعون بيريز: يضغط باتجاه عمل عسكري مشترك.
بايرود (السفير الأمريكي): يعمل على تهدئة الأمور لكن نفوذه محدود.
أيزنهاور: يراقب تصاعد التوتر ويعتبر أن “إضعاف ناصر” خيار أفضل من “إسقاطه”.
هذا الجزء يكشف بوضوح سوء التقدير الأوروبي وغموض موقف واشنطن الذي سيحسم لاحقًا مصير الحرب.
الفصل الثالث (الانفجار)
يصف نيف فيه لحظة اندلاع حرب السويس والتحركات الدبلوماسية المعقّدة:
حمـرشولد (الأمم المتحدة): يحاول احتواء الأزمة عبر وساطة دولية.
الأميرال ماونتباتن: يتخوف من سمعة بريطانيا العسكرية.
موشي دايان: يرى في الحرب فرصة لحسم النزاع مع مصر.
لودج (الأمم المتحدة/أمريكا): يقوم بحملة دبلوماسية لإيقاف الغزو.
غيتسكيل (حزب العمال): ينتقد “قانون الغاب” في قرار إيدن.
جورج همفري (الولايات المتحدة): يضغط لمنع أي تصعيد يضر بالاقتصاد الأمريكي.
ينتهي الجزء بتوضيح أن الولايات المتحدة أجبرت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على الانسحاب من مصر، مما أدى إلى تراجع مكانة أوروبا وصعود واشنطن كحَكَم نهائي في سياسات الشرق الأوسط.
المغزى الفكري
يحمل الكتاب ثلاثة مغازي فكرية أساسية:
تحوّل القوة العالمية
أزمة السويس كانت لحظة النهاية الفعلية للإمبراطورية البريطانية وبداية الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط.
الدور المركزي للشخصيات
نيف يقدّم قراءة متعمقة في سيكولوجيا القادة، مبرزًا كيف تصنع القرارات الفردية لحظات تاريخية فاصلة.
ولادة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
تظهر الأزمة كجذور لسياسات لاحقة:
– رفض واشنطن لأي “مغامرات استعمارية”،
– رغبتها في منع توسع النفوذ السوفييتي،
– وتشكيل نظام إقليمي تُمسك واشنطن بمفاتيح قوته وضعفه.
نبذة عن المؤلف
دونالد نيف (Donald Neff)
تاريخ الميلاد: 1930 - الجنسية: أمريكي
صحفي ومراسل سابق لمجلة تايم في الشرق الأوسط.
اشتهر بكتاباته حول الصراع العربي–الإسرائيلي وسياسات الولايات المتحدة في المنطقة.
عُرف بأسلوبه التوثيقي الدقيق واعتماده الواسع على الأرشيفات والشهادات الميدانية.
من أبرز أعماله:
– كتاب Warriors at Suez
– سلسلة كتبه عن العلاقات الأمريكية–الإسرائيلية
– كتاب Fallen Pillars
كان نيف من أوائل الكتّاب الأمريكيين الذين نقدوا بوضوح انحياز واشنطن لإسرائيل، مما أكسبه احترامًا عربيًا وانتقادًا أمريكيًا.