رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تراخيص الأندية… منظومة الانضباط التي تبقي اللعبة واقفة


المشاهدات 1264
تاريخ الإضافة 2025/11/25 - 10:33 PM
آخر تحديث 2025/11/27 - 8:07 PM

في السنوات الأخيرة، لم تعد المنافسة بين الأندية تُقاس بعدد النجوم أو القوة الهجومية، بل أصبحت تقاس أيضًا بمدى التزام النادي بمعايير التراخيص المحلية والقارية. فالأمر لم يعد رفاهية تنظيمية، بل شرطًا أساسيًا للمشاركة في البطولات. ومع توسع أدوار الاتحادات والرقابة الدولية، أصبحت تراخيص الأندية خط الدفاع الأول لحماية اللعبة من الفوضى المالية والإدارية.
تقوم فلسفة التراخيص على فكرة بسيطة: لا يمكنك أن تلعب كرة قدم محترفة إذا كنت لا تعمل باحتراف خارج الملعب. وهذا المبدأ، رغم وضوحه، تصطدم به العديد من الأندية في لحظة الحقيقة، حين يُطلب منها تقديم ميزانيات مدققة، عقود واضحة، بنى تحتية مطابقة، ونظامًا إداريًا قادرًا على إدارة النشاط الكروي دون ترقيع أو اجتهادات فردية.
أكبر معضلة تواجه الأندية هي الجانب المالي. فاللوائح، سواء في الاتحاد المحلي أو لدى الاتحاد الآسيوي والفيفا، تشدد على ضرورة عدم وجود ديون مؤجلة دون اتفاقات سداد، وعدم تسجيل حالات تخلف عن دفع مستحقات لاعبين أو مدربين أو أندية أخرى. هذه الشروط تبدو بديهية، لكنها في العديد من البيئات الكروية ما زالت تُعامل كتعليمات مُهملة حتى تأتي لحظة التطبيق، فيبدأ النادي بالتخبط بين “كتب التعهد” ومحاولات اللحاق بالوقت الضائع.
أما على المستوى الفني والإداري، فإن لوائح التراخيص تطلب وجود هيكل واضح: مدير فني حاصل على الشهادة المطلوبة، أجهزة طبية معتمدة، مدراء فرق يحملون الخبرة والشهادات، وملاعب تدريب صالحة للاستخدام. هذه المتطلبات ليست مجرد أوراق تُملأ، بل هي ضمانة لسلامة المنافسة، لأنها تمنع مشاركة نادٍ غير قادر على توفير بيئة مهنية للاعبيه.
المفارقة أن بعض الأندية تنظر إلى معايير الترخيص على أنها “عقوبات”، بينما الحقيقة أنها حماية لها قبل أن تكون حماية للبطولة. فالنادي الذي لا يستطيع إدارة ملفه المالي لن يستطيع إدارة منافسته الفنية. والنادي الذي لا يملك طاقمًا مؤهلًا لن يستطيع تطوير لاعب واحد مهما امتلك من المواهب.
وتبرز هنا المشكلة الأكبر: الفجوة بين النص والتطبيق. فبينما تنص اللوائح بوضوح على متطلبات صارمة، قد تتساهل بعض الجهات في التطبيق مراعاةً لظروف معينة، لكن هذا التساهل يتحول تدريجيًا إلى قاعدة غير مكتوبة، ثم يتحول إلى فوضى تدفع ثمنها الكرة المحلية لاحقًا عندما تواجه استحقاقات قارية أو دولية.
الخلاصة:
التراخيص ليست عبئًا إداريًا، بل هي نظام أمان للمنظومة الكروية. هي الخط الذي يفصل بين كرة محترفة تشق طريقها بثبات، وكرة ترضخ للمجاملات وردود الأفعال. وفي مرمى اللائحة، تبقى الحقيقة ثابتة: من يريد المنافسة، يجب أن يبدأ من الداخل، من الورقة والقلم قبل العشب والكرة.


تابعنا على
تصميم وتطوير