رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
رسالة واشنطن إلى بغداد… قراءة في خرائط النفوذ وسيناريوهات تشكيل الحكومة


المشاهدات 1412
تاريخ الإضافة 2025/11/23 - 8:53 PM
آخر تحديث 2025/11/27 - 8:07 PM

لم تمرّ تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، مارك سافايا، مرور الكرام. فإعلانه تطلّعه إلى زيارة بغداد قريبًا، وتأكيده أنّ واشنطن «لن تقبل بأي تدخل خارجي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة»، جاء في لحظة سياسية شديدة الحساسية، تُعاد فيها هندسة التحالفات في ضوء نتائج الانتخابات، وتتشابك فيها إرادات الداخل مع حسابات المحاور الإقليمية والدولية.
تحذيرٌ مغلّف بلغة دبلوماسية
رسالة سافايا لا تبدو تقليدية. فالحديث عن «التدخل الخارجي» يرسم خطًا أحمر أميركيًا مقصودًا، في وقت تتداخل فيه أدوار الفاعلين الإقليميين، وعلى رأسهم إيران، مع مسار تشكيل السلطة التنفيذية.
واشنطن تُلوّح بأنها تراقب مخرجات ما بعد الانتخابات، وأنها لن تقف متفرجة أمام أي محاولة لجرّ العملية السياسية باتجاهٍ يهدد توازناتها أو شراكاتها مع بغداد.
بغداد بين نفوذين وثقل وطني
يقف العراق اليوم وسط ثلاث دوائر متشابكة:
نفوذ إيراني واسع يمتد إلى السياسة والاقتصاد وبعض أطر القوة غير الرسمية.
حضور أميركي حذر يمتد من ملفات الأمن والتدريب إلى مسار العلاقات السياسية.
إرادة وطنية داخلية تحاول أن تُثبت نفسها في لحظة تتسارع فيها الضغوط من الاتجاهين.
ووسط هذه المتغيرات، تبدو القوى العراقية مطالبة بصياغة معادلة تُعيد الاعتبار للقرار الوطني، وتمنع تحويل البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات.
لماذا اختارت واشنطن هذه اللحظة؟
تغريدة سافايا جاءت عند بدء مشاورات تشكيل «الكتلة الأكبر»، وهي المرحلة الأهم في مسار ما بعد الاقتراع. لذا تسعى الولايات المتحدة إلى التأثير المباشر في لحظة مفصلية، قبل أن تستقرّ التحالفات وتتبلور أسماء المرشحين للمواقع السيادية.
أميركا لا تعارض حكومة تضم أطرافًا مقرّبة من طهران، لكنها ترفض أي صيغة تسمح بتمركز القوة داخل يد محور واحد.
السيناريوهات القادمة
أولاً – حكومة توازن وتهدئة:
تتجه بعض القراءات إلى أن القوى السياسية قد تفضّل حكومة تشاركية واسعة تتجنب الاستقطاب الإقليمي وتضمن استمرار الاستقرار النسبي.
ثانيًا – تصعيد محدود من الفصائل:
قد تشهد المرحلة المقبلة رسائل ضغط ميدانية أو سياسية، دون الوصول إلى مواجهة، في محاولة للتأثير على توزيع الحقائب السيادية.
ثالثًا – تدخل دبلوماسي أميركي أكثر وضوحًا:
زيارة سافايا المحتملة قد تتحوّل إلى محطة لإعادة رسم خريطة التحالفات، وتثبيت بعض الخطوط الحمراء المتعلقة بالشراكة الأمنية وبالوزارات الحساسة.
ماذا تريد واشنطن؟
أهداف الولايات المتحدة تبدو واضحة:
منع صعود حكومة تميل إلى محور واحد.
الحفاظ على إطار الشراكة الأمنية والعسكرية.
ضمان بيئة سياسية لا تُستخدم لإيذاء المصالح الأميركية.
دعم توازنٍ إقليمي يمنع انزلاق العراق إلى أدوار مفروضة عليه.
رسالة واشنطن ليست إعلانًا للمواجهة، لكنها ليست بريئة أيضًا. إنها محاولة لإعادة ضبط اتجاهات المشهد السياسي في العراق بعد الانتخابات، في وقت تحاول فيه طهران ترسيخ حضورها التقليدي داخل مفاصل القرار.
وبين هذين القطبين، تقف بغداد أمام امتحان صعب:
هل تنتج حكومة تُعيد الاعتبار للسيادة والتوازن… أم حكومة تُعيد إنتاج أزمات السنوات الماضية؟
الأسابيع المقبلة كفيلة بالإجابة.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير