
شغلت برامج التحليل الفني حيزاً كبيراً في القنوات الرياضية وباتت مرافقة لكل مباراة تُبث على الهواء، واستقطبت تلك البرامج رياضيين ونجوم عدة، ما بين لاعب سابق أو مدرب أو ناقد رياضي أو صحافي متخصص. واقعيًا فإن المشاهدين أو غالبية كبيرة منهم يجب أن يجدوا متعة في متابعة هذه البرامج وسماع وجهات نظر المحللين وتقييمهم للأداء التكتيكي للفرق، إلا إننا بدأنا نشعر أن ما يتم طرحه في البعض منها أصبح مبالغًا فيه، لا سيما أن أغلب المحللين يكررون الجمل والعبارات والمفردات نفسها في كل لقاء، وتفاوتت آراء الرياضيين بشأن هذه البرامج، إلا أنهم اتفقوا على أن اللاعب النجم ليس بالضرورة أن يكون محللاً ناجحاً اطلاقاً، في الوقت الذي يطالب فيه المشاهدون مسؤولي القنوات ومقدمي البرامج باختيار الأشخاص المناسبين والابتعاد عن المجاملة، فإنهم يستغربون الظهور المتكرر لبعض النجوم سواء كانوا المدربين أم اللاعبين السابقين، أم النقاد أو الصحافيين المتخصصين في هذه البرامج، ويطالبون الالتفات الى الألعاب الأخرى والاهتمام بها أسوة بكرة القدم التي تنال نصيب الأسد من معظم البرامج الرياضية.
من جانب اخر، فإن ضعف المحلل يؤثر سلباً على الأستوديو التحليلي، لذلك يجب على المقدم الناجح أن يتحلى بصفات معينة لكي يكون مقنعاً للمشاهد، وعلى مسؤولي القنوات والبرامج الرياضية وضع معايير خاصة للضيف الذي يقوم بتحليل المباريات، فضلًا عن إختيار مقدمي برامج أصحاب وعي كبير وثقافة رياضية وخبرة في هذا المجال. فالتحليل الفني المبني على أسس علمية يختلف كثيراً عن الكلام الذي بوسع أي شخص أن يقوله، إذ من حق أي متابع أن يقوم بتحليل مباراة ما حسب وجهة نظره، لكن هل كلامه سيكون مبنيًا على أسس علمية؟! وهل يستطيع شرح طريقة اللعب وكشف سلبيات الفريقين مع وضع الحلول المناسبة؟، بالتأكيد لا على وفق ما أشرنا إليه، لكن بكل أسف نقول إن الأمر بات كسباً مادياً أكثر منه شرحاً فنياً.
ونستغرب أحيانًا أيضًا من قيام بعض القنوات والبرامج إستضافة المدربين الحاليين بتحليل المباريات وهم مازالوا في مناصبهم، وهنا يجب على المدرب الذي يحترم نفسه ويحترم تاريخه، وألا يقوم بهذا الأمر، فمهنة التدريب تحتاج طاقة كبيرة وجهداً كبيرًا جباراً، وأنا شخصيًا أستغرب كيف يجد هؤلاء المدربون وقتاً للظهور في هذه البرامج، إذ كيف ينهي المدرب مباراته ثم يذهب لحضور استوديو تحليلي، فهذا أمر غريب جداً لأنه بالتأكيد لن يذكر سلبيات فريقه، ولن يتحلى بالحيادية وهو ما يفقده مصداقيته أمام المشاهد، فالمطلوب من المدرب هنا هو متابعة هذه البرامج والاستفادة مما تقدمه مهما كان مستوى الطرح دون المشاركة فيها، لكون هذه البرامج بمثابة تقرير فني يتلقاه المشاهد من قبل المحلل، الذي يجب أن يتحلى بأمور عدة أهمها المصداقية والحيادية فضلًأ عن النظرة الفنية التي يكتسبها عادة من خبرته في الملاعب، إذ إن المحلل الجيد لا يركز فقط على سلبيات الفريق، بل يقوم بتوضيح السلبيات والإيجابيات للمشاهد، ويضع نصب عينيه المصلحة العامة للاعب أو الفريق، ولا يكون محسوباً على جهة دون اخرى، لأن ذلك قد يجعله يميل إلى فريق دون سواه، وعليه أن يكون ملماً بالمباراة أو البطولة التي سيقوم بتحليلها، ويعرف اللاعبين ومراكزهم وموقف الفريق، فالتحضير الجيد للمحلل يسهل عليه قراءة المباراة ويجعله موضع ثقة لدى المشاهد، بالمقابل عندما يكون مقدم البرامج التحليلية ضليعًا وملمًا بكل أمور كرة القدم أو أية لعبة أخرى يقوم بتقديم تحليل عنها، وعلى دراية بالمصطلحات الخاصة بها التي قد يطلقها أو يتطرق لها الضيوف، فإنه بالتأكيد يستطيع مجاراتهم، بل وأحياناً يصحح لهم إذا لزم الأمر.
ختامًا لا بد لنا من القول إن بعض المحللين يقدمون أموراً فنية مهمة تخدم اللعبة واللاعب والمدرب، بينما يلجأ بعضهم الآخر إلى توجيه النقد من دون تقديم أي حلول.