
أطلقت شركة 2Wai الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي نموذجا تجريبيا من تطبيق يتيح إنشاء نسخ رقمية تفاعلية للوالدين والأحبة بعد وفاتهم، حيث يمكن إنشاء نسخة رقمية للميت من خلال الاستعانة بثلاث دقائق فقط من مقطع فيديو له وهو يتحدث بشكل طبيعي، ليتم بناء شخصيته الرقمية اعتمادا على تلك اللقطات القصيرة.
وفيما يلي أبرز ما يكشفه هذا التطبيق المثير للجدل:
- رغم أن التطبيق مجاني حالياً، إلا أنه سيتحول لاحقاً إلى اشتراك شهري، وهذا يعني أن العزاء والحزن والمواساة والذكريات ستصبح جزءا من اقتصاد الشركات وخططها المالية، وليس من التجربة الإنسانية وحدها.
- يقوم التطبيق ببناء شخصية الإنسان بطريقته الخاصة، وقد لا تتطابق النسخة الرقمية مع الأصل تماماً، مما يفتح النقاش حول “النسخ الخوارزمية” للهوية البشرية ومدى مطابقتها للحقيقة.
- إرباك حدود الحياة والموت؛ فالتحدث مع شخص ميت بصوته وصورته قد يُنسي، في لحظات التفاعل، حقيقة الرحيل، ويحوله إلى مفهوم عائم، بل قد يؤثر نفسيا في الانسان ويدفعه إلى رفض فكرة الرحيل.
- وجود إشكالات خطيرة في الملكية الرقمية، فمن يملك حق إنشاء النسخة؟ أهل الميت؟ أم الميت قبل وفاته؟ ومن يملك هوية الشخص في فضائنا الرقمي بعد رحيله؟
- سهولة تجاوز الحدود؛ إذ قد يتم انشاء نسخ رقمية للمشاهير أو غيرهم دون موافقة، مما يفتح الباب واسعا أمام الاحتيال والخداع والتلاعب بالمشاعر الإنسانية.
من وجهة نظري ... هذا التطبيق يثير، بلا شك، نقاشات حول أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعامل مع أقسى واصعب واعقد لحظات الإنسان، وهي مواجهة الموت، فمع قدرة التطبيق على محاكاة الشخص الراحل والدردشة معه بعدة لغات، فإنه يخترق الذاكرة الإنسانية، ويمس مشاعر الحزن والمواساة، ويتلاعب بالهوية وحدودها وبحقيقة الموت ذاته. إعادة الشخص الميت عبر الذكاء الاصطناعي للحديث معه ليست مسألة تقنية فقط، بل قضية نفسية وأخلاقية وفلسفية ايضا، حيث ان كسر مفهوم الموت وإلغاء خريطته سيعيد تشكيل علاقتنا بالوجود، وقد يسبب مخاطر جسيمة على الاستقرار النفسي، خصوصا لدى الأطفال والمراهقين الذين يفقدون أحد والديهم، ويبحثون في هذه التطبيقات عن بقايا حضور لا يمكن استعادته.