رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
وحدك ملكت الروح يا ابن العشيرة


المشاهدات 1085
تاريخ الإضافة 2025/11/18 - 9:41 PM
آخر تحديث 2025/11/19 - 1:25 AM

فوجئ أحد شيوخ العشائر بخذلان أبناء عشيرته له في الانتخابات الأخيرة عندما لم يتمكن من الفوز بمقعد كان يتصوره مضمونا في البرلمان العراقي السادس.الرجل وهو ليس مجرد شيخ عادي أو فرعي كأن يكون رئيس فخذ أو حمولة بل هو شيخ عموم شن هجوما كاسحا على أفراد عشيرته الذين طالما وقف معهم في السراء والضراء. شيخ عموم آخر شن هو الآخر هجوما على أبناء عشيرته عادا الأصوات التي حصل عليها وهي بضع مئات بينما أبناء عشيرته يعدون ربما بمئات الآلاف. كلا الشيخين من بين العشرات ممن يصنفون بأنهم شيوخ عموم أو مثلما يطلق بعضهم على نفسه لقب “الأمير” كانا شجاعين في التعبير عن موقفهم حيال غدر أبناء العشيرة أمام المال السياسي وشراء الأصوات الذي تحول الى بورصة مثل بورصة الكفاح أيام زمان لبيع وشراء الدولار. بقية الشيوخ العموم التزموا الصمت حيال ماعدّوه خذلانا لم يكن متوقعا من قبل من يتبعهم من أبناء عشائرهم في وقت لم يعد أحد يتذكر أغنية ناظم الغزالي “يا ابن الحمولة علي اشبدلك .. حسنك مرقيك لو عادة الك”. كما لم يعد أحد يتذكر أغنية سميرة توفيق “وحدك ملكت الروح يا ابن العشيرة .. كالوها بالأمثال كلمن ضميره”. وحيث أن “الدكة العشائرية” التي عملها أبناء العشائر ضد شيوخهم العموم تبدو غير مسبوقة في بلد يصارع الإنتماء بين المدنية والعشائرية، او على طريقة علي الوردي بشأن شخصية الفرد العراقي المتناقضة حيث يتصرف في الخارج كما لو كان بيير كوري لكنه في البيت ملا عليوي، فإن “الدكة” غير “العشائرية” التي عملها المدنيون ضد زعامات التيار المدني ورموزه لاتقل أهمية من حيث المفارقة عن “الدكة” الموجهة هذه المرة ضد الشيوخ، وخصوصا العموم.
وإذا أردنا المقارنة بين “الدكتين” العشائرية والمدنية، فإننا نجد أن الخلل يكمن في طريقة فهم وإستيعاب المتغيرات التي مرت بالمجتمع العراقي خلال العقود الأخيرة. فهذه المتغيرات عمقت تناقضات العراقي الفرد، والعراقي كمجتمع بين أن يبقى مجتمعا عشائريا مثلما هو واقع الحال حيث لاتحصى ولا تعد “الدكات العشائرية” حتى لو عبر جريذي الى بيت الجيران، او ينتقل الى المدنية ويغادر العشائرية. الانتخابات الأخيرة أجابت على هذا السؤال لكن بـالمقلوب، بل وبطريقة “العكرف لوي”. فالذين ذهبوا الى الانتخابات وهم بالملايين لم ينتخبوا لا على أسس عشائرية حتى نصنف المجتمع العراقي ضمن هذا المنظور، ولا على أسس مدنية حتى نقول أصبحنا مثل نيويورك بحيث ننتخب زاهر ممداني العراقي. العراقيون إنتخبوا الصندوق لا من في الصندوق. ليس مهماً لهم الورقة التي وقعوا عليها بانتخاب فلان او فلان بوصفه معبرا عنهم لكن لا بوصفه مدنيا ولا عشائريا، بل بوصفه طرفا ثالثا لا هو “من ذول ولا من ذول” كما يقول عادل إمام حفظه الله ورعاه.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير