رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
لأول مرة .. مسودة قرار أممي تشير إلى دولة فلسطينية وإسرائيل ترفض


المشاهدات 1634
تاريخ الإضافة 2025/11/17 - 9:27 PM
آخر تحديث 2025/11/23 - 8:52 PM

في تصريح رسمي لافت، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن «سياسة إسرائيل واضحة، لن تكون هناك دولة فلسطينية»، وهو ما يعكس الموقف الرسمي الإسرائيلي الرافض لأي حل يقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة. 
يأتي هذا الإعلان في وقتٍ تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، لا سيما في قطاع غزة، حيث تتداخل الأبعاد الأمنية مع السياسية، وسط ضغوط دولية متزايدة لإيجاد مخرج ينهي حالة الصراع الطويلة.
هذه التصريحات التي جاءت مصحوبة بخطة إسرائيلية لتجريد غزة من السلاح حتى آخر نفق، تضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع المبادرات الدولية، خصوصاً مسودة القرار الأممية التي أُعدت لمجلس الأمن، والتي تضمنت لأول مرة ذكر دولة فلسطينية بشكل مباشر في نص القرار المتعلق بنشر قوة أمنية دولية في غزة. في هذه المسودة، تدعو الولايات المتحدة إلى إطلاق حوار بين إسرائيل والفلسطينيين، بهدف التوصل إلى أفق سياسي يعزز التعايش السلمي والمزدهر في المنطقة.
هذه الخطوة ليست مجرد تعبير لغوي، بل تعكس محاولة لتكريس فكرة الحل السياسي القائم على دولتين كإطار للمستقبل، رغم عدم وجود توافق واضح على كيفية تطبيق هذا الحل أو متى سيتم البدء في المفاوضات العملية. ولكن الاختلاف الكبير بين الموقف الإسرائيلي الرسمي الرافض والدعم الدولي لحل سياسي يعكس مدى تعقيد المأزق الفلسطيني- الإسرائيلي. اذ تركز إسرائيل على الجانب الأمني وتعتبر أن أي تنازل سياسي يجب أن يمر عبر ضمانات أمنية صارمة، بينما المجتمع الدولي يصرّ على ضرورة حل سياسي لإنهاء حالة الصراع المستمرة، ويؤمن بأن التعايش السلمي يتطلب قيام دولة فلسطينية قادرة على الحكم الذاتي. في ظل هذا التباين، يواجه الفلسطينيون تحديات متعددة. فمن جهة، استمرار رفض إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية يشكل عقبة أساسية، ومن جهة أخرى، الفصائل الفلسطينية تعيش انقسامات داخلية، خاصة بين حركة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى موقف فلسطيني موحد.
اما قطاع غزة فهو ساحة المواجهة الأبرز، حيث تركز الخطط الإسرائيلية على نزع السلاح من الحركة المسلحة وإعادة السيطرة الأمنية. فيما يعاني هذا القطاع من أزمات إنسانية واقتصادية حادة، وأي خطة أمنية أو سياسية تتجاهل هذه الجوانب ستواجه عقبات على الأرض.
وبالعودة الى القوة الأمنية الدولية التي تقترحها المسودة الأممية فهي تهدف إلى تحقيق نوع من الاستقرار الميداني، لكن طبيعة هذه القوة ودورها الفعلي لا تزال غير واضحة، خاصة مع رفض حماس لأي شكل من أشكال الاحتلال أو التدخل العسكري الخارجي. وإلى جانب العقبات السياسية، تواجه أي محاولة للحل في غزة والضفة الغربية تحديات إنسانية ضخمة، تشمل البطالة، الفقر، القيود على التنقل، وانعدام الخدمات الأساسية. كل هذه العوامل تؤجج حالة الاستياء والغضب بين السكان، مما قد يعيد إشعال النزاع إذا لم يتم التعامل معها بجدية.
بالمحصلة، ان إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس برفض إقامة دولة فلسطينية يؤكد أن الطريق محفوف بالتحديات، وأن الجانب الإسرائيلي متمسك بأولوياته الأمنية على حساب أي تسوية سياسية في الوقت الراهن. في المقابل، تحاول المبادرات الدولية، وخاصة الأميركية، الدفع باتجاه فتح حوار سياسي يحقق أفقاً جديداً للتعايش.
في هذا السياق، تبرز أهمية المسودة كخطوة تاريخية تعكس تغيرًا في الخطاب الدولي بشأن القضية الفلسطينية، لكنها في الوقت ذاته تضع الأساس لمزيد من المناقشات الحادة حول كيفية ترجمة هذا الطرح إلى واقع على الأرض.
في الختام، يظل ملف القضية الفلسطينية واحدًا من أعقد وأطول الصراعات في العالم، تتشابك فيه الأبعاد السياسية، الأمنية، والإنسانية، ويحتاج إلى إرادة دولية وتكاتف عربي واسلامي لانهائه.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير