
تصاعدت وتيرة الحرب على المخدّرات في دول الغرب الليبرالي وخصوصا الولايات المتّحدة الأمريكية التي نفذّت ضربة ثانية ضدّ سفن يُشتبه في إستخدامها لترويج المخدّرات قبالة سواحل أمريكا الجنوبية في المحيط الهادي ، وقد إرتفع عدد ضحايا هذه الهجمات إلى 70 شخصا ، وجاءت هذه الضربات بتعليمات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .
وكانت وزارة الحرب الأمريكية أعلنت أنّها “ستتعامل مع مهرّبي المخدرات بنفس الحزم الذي تُعامل به تنظيمات “القاعدة الإرهابية” .
وبصرف النظر عن الجدل القانوني والسياسي الذي تثيره مثل هذه الضربات ، فإنّ إصرار واشنطن على مواصلة حربها على المخدرات لا لُبس فيه وتعتبر هذه الحرب قانونية لأنّها تنفّذ في المياه الدولية ومشروعة لكون هذه الآفة تمثّل تهديدا لأمن الولايات المتّحدة .
ولا يبدو أنّ رفض الأمم المتّحدة لهذه الضربات من شأنه أن بحدّ من هذا الإصرار الأمريكي على خوض الحرب المصيرية ، واعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الجمعة الماضي ، الضربات الأمريكية ب”غير المقبولة” وأنّها تشكّل “انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان” .
وبالعكس من ذلك فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تقتصر على خوض حربها منفردة بل سعت وتسعى إلى أن تكون هذه الحرب المعلنة من جانبها شاملة ما أمكن ، ومن ذلك تحذيراتها المتكرّرة الموجّهة لأوروبا من أن القارّة العجوز أوروبا قد تواجه قريبًا أزمة مشابهة لتلك التي تشهدها الولايات المتحدة جرّاء إنتشار آفة المخدّرات .
ويستعدّ الإتحاد الأوروبي من جهته لاتخاذ حزمة جديدة من الإجراءات في ديسمبر القادم لمواجهة تصاعد أزمة المخدرات في الدول الأوروبية ، وذلك في ضوء إ تفاع لافت لتداول المخدرات بجميع أنواعها ، إضافة إلى تفشّي ظاهرة العنف المرتبط بالجريمة المنظمة في دول عدّة .
وتخشى الأجهزة الأمنية في الدول الأوروبية الأوروبية من أنّ هذه الأنشطة “تغذي اقتصادًا موازياً” ، وهو ما يهدّد الاستقرار الاجتماعي ويضعف الثقة في مؤسّسات الدول لينتهي بإضعاف الدولة في هذه المجتمعات .
اللافت إذن أنّ دول الغرب الليبرالي تستشرف خطر المخدّرات وتتّخذ الإجراءات الكفيلة بدرئه وذلك لاعتقاد جازم بخطورته على تماسك مجتمعاتها وإستمرار دولها ، والواضح كذلك أنّ آفة المخدرات تكاد تكون القاسم المشترك بين كلّ الدول بما فيها دولنا العربية والإسلامية مع فارق وحيد ولكنّه حاسم ، وهو أنّ الوعي لدينا بالخطر محدود جدّا والعمل المشترك على تلافيه يكاد يكون معدوما أو هو في أحسن الحالات عمل إستعراضي لا جدوى منه .