رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
من التنور إلى السماور المطبخ العراقي في الذاكرة الشعبية


المشاهدات 1401
تاريخ الإضافة 2025/11/09 - 9:32 PM
آخر تحديث 2025/11/16 - 2:43 PM

 يُعدّ المطبخ العراقي واحدًا من أغنى المطابخ العربية تنوّعًا وعبقًا بالتاريخ، إذ لا يُختصر في الأكلات فحسب، بل يمتد ليشكّل جزءًا من الذاكرة الشعبية وهوية البيت العراقي. فمن التنور الطيني الذي كان مركز الدار، إلى السماور الذي يرمز للكرم والضيافة، تتجسد حكاية العراقيين مع الطعام والدفء والعائلة.
كان  التنور  قديماً أكثر من مجرد أداة للخبز، بل هو روح البيت الريفي. حوله كانت تجتمع النساء، تُخبز الأرغفة وتتناقل الحكايات، وتفوح رائحة الخبز الساخن ممزوجة بدخان الحطب ودفء الألفة. لم يكن التنور وسيلة طهي فقط، بل فضاءً اجتماعياً وثقافياً، تتشكل فيه العلاقات وتُحفظ فيه أسرار البيوت.
وفي المدن، احتل  السماور  مكانة خاصة في المجالس والمضايف. فهو ليس مجرد أداة لغلي الشاي، بل رمز للضيافة والكرم والسكينة. كان العراقيون يعتبرون “استكان الشاي” لحظة تأمل وراحة بعد عناء يوم طويل، حتى صار الشاي بالسماور تقليدًا لا يغيب عن أي بيت أو مناسبة.
أما المائدة العراقية فحكايتها امتداد لتاريخ طويل من التنوع الثقافي. من “التمن والمرق” اليومي، إلى “القوزي والدولمة” في المناسبات، ظلت الأكلات العراقية مرآةً للتقاليد الاجتماعية، تعكس سخاء العراقيين وحبهم للجمعات العائلية. وللمرأة العراقية دور جوهري في الحفاظ على هذه الذاكرة، إذ توارثت وصفات الجدّات ونقلتها بحبّ عبر الأجيال. حتى اليوم، ما زال التنور رمزاً للأصالة، والسماور دليلاً على الحنين. ومع الحداثة التي غيّرت شكل المطبخ، بقيت تلك الرموز حاضرة في الذاكرة والوجدان، تذكّر العراقيين بأن الدفء لا يأتي من النار فقط، بل من اجتماع القلوب حول رغيف خبز وشاي من السماور.
إن مطبخ العراقيين ليس مطبخ طعام فحسب، بل مطبخ ذكريات، ومتحف مفتوح للحياة البسيطة التي كانت تُطهى على نار المحبة.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير