رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
دعايات المرشحين تنثر أموال الفقراء ....مطالبات للقضاء والنزاهة بتكليف محاسبين محترفين لكشف مصادر أموال الانتخابات


المشاهدات 2147
تاريخ الإضافة 2025/11/05 - 9:33 PM
آخر تحديث 2025/11/16 - 8:52 PM

بغداد / رحيم الشمري

دعا مختصون بالشأن القانوني والاجتماعي والاقتصادي الحكومة والقضاء والنزاهة الى الاستعانة بمحاسبين محترفين لديهم خبرة دولية لتدقيق الحسابات ومصادر الاموال، وبيان السرقات والتلاعب والفساد بأموال الدولة والمصادر غير الشرعية لمبالغ بمليارات الدولارات تجتاح الشارع العراقي ، حيث جاءت انتخابات ٢٠٢٥ لتكشف عن سرقات فساد حصل عليها مرشحون وقوائم من اموال الدولة وحقوق الفقراء والمسحوقين والمحتاجين والكادحين، تصرف بشكل بشع، وبات المال السياسي الفاسد واضحا بشكل علني، وسط تفرج الحكومة وجهاتها التحقيقية والرقابية المتمثلة بهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية اللذين من الضروري ان يبقيا بعيدا عن المحاصصة، ويناط مهامها لشخصيات قوية مختصة كفوءة بعيدة عن الاحزاب والتأثيرات، كون تلك الاموال التي تصرف بالانتخابات، ويرى كيف تبنى الفلل الفارهة والمعامل الفخمة واتساع صعود السيارات الباهظة الثمن، التي لم يسبق ان ظهرت بهذا الشكل بالبلاد. 
  من أين أموال الانتخابات؟
ويتساءل استاذ القانون والعميد الاسبق لكلية الحقوق جامعة النهرين الدكتور غازي فيصل، عن أموال الدعاية للانتخابات ومن اين اتت، ورغم المحاسن التي تسجل للدعاية الانتخابية بأنها حركت العمل في بعض مفاصل القطاع الخاص وشغلت الكثير من العاطلين عن العمل، إلا أن مساوئها أكثر من محاسنها هذه المرة ليس كالانتخابات السابقة، وقد ملأت الصور والاعلانات أركان كل شيء في هذا البلد فضاقت بها الطرق والساحات العامة والبنايات، مما اقدح تساؤلا ملحا عن مصادر الأموال التي أنفقت للغرض المذكور ، وسمعنا أنها بلغت أرقاما قياسية تفوق حد الاحصاء، والمرشحون للانتخابات أنفقوا أموالا طائلة عبثا ، كون الناخب لايختار من كانت صوره أكثر أو وعوده اجمل، بل يختار المرشح الذي لديه برنامج وطني حقيقي، وله خبرة في خدمة شعبه وبلده، وذو سمعة وسيرة حسنة لا يكدرها شوب، ونؤكد ان الأموال التي صرفت على الدعاية للانتخابات فيها هدر وإسراف كبيران سواء على مستوى المرشحين المستقلين أو المرشحين عن الكتل والأحزاب السياسية والتي مولت حملتها الانتخابية من أموال الدولة خلسة، ومن ينفق الأموال تبذيرا يسمى في الشريعة الإسلامية والقانون العراقي سفيها ويعد بحكم الصغير المميز ويتم الحجر عليه بقرار من المحكمة حسبما قضت بذلك المادة ٩٥ من القانون المدني العراقي لأنه ضيّع الأموال على غير مقتضى العقل، فهو لا يقيم لها وزنا وينفقها بغير حساب ولو كان لأغراض مشروعة، لقد كان الأولى ثم الاولى انفاق أموال الدعاية الانتخابية لإشباع البطون الجائعة ومعالجة المرضى أو اقامة مشروعات ينتفع بها العباد والبلاد ولكن انى يتحقق ذلك وقد استفحل في المرشحين حب المال والامتيازات فتهافتوا عليها تهافت الفراش على النور.. إن ماحدث دعانا أن نطرح المقترحات الآتية عسى أن تجد سماعين لها .
وقدم الدكتور غازي فيصل الحلول التي تؤيد الاستعانة بمحاسبين لهم الخبرة الدولية ومشهود لهم بالحياد والدقة والنزاهة ، اضافة الى اولها تقليص عدد أعضاء مجلس النواب الى الحد المعقول، فإيران التي يزيد عدد سكانها على ضعف عدد سكان العراق، عدد أعضاء مجلس الشورى عندهم مئتان وخمسون نائبا بينما عدد أعضاء مجلس النواب عندنا ثلاثمائة وتسعة وعشرون نائبا وهو قابل للزيادة، والثانية تخفيض رواتب ومخصصات وامتيازات النواب لأنه من غير المعقول أن يتقاضى النائب راتب ومخصصات وزير وله من الحمايات ما يفوق الحاجة، علما بأن أعضاء البرلمان في بعض الدول لا يتقاضون راتبا بل مكافأة شهرية لأن وظيفتهم الأساسية خدمة الشعب لا ملء جيوبهم بالاموال، واطلعنا على الإحصائية التي نشرت قبل أيام عن نشاط أعضاء مجلس النواب للدورة الحالية والتي استبان منها أن عددا كبيرا منهم لم ينبس ببنت شفة في غضون الأربع سنوات من عمر المجلس، وما نتمناه أن يفوز بالانتخابات نواب أقوياء أشداء حريصون على بلدهم وشعبهم لا يغرنهم مال أو جاه ، والصور والاعلانات التي ضاق بها الفسيح ستختفي بمجرد انتهاء ساعات الانتخاب، إذ سيشن ما نسميهم بالدوارة حملة عليها ويقتلعونها من جذورها وسيصح المثل الشعبي الدارج «رزق البزازين على المعثرات» .
 خطر الفساد
وحذر الخبير القانوني والمتخصص بعلم الاجتماع الدكتور اكرم عبد الرزاق المشهداني من تحديات الفساد الكبرى التي تواجه المجتمعات الحديثة والدول النامية على وجه الخصوص، ولطالما كان أحد المعوقات الرئيسة أمام التنمية المستدامة وإرساء مؤسسات الحكم الرشيد ، وجاء تقرير بعثة الأمم المتحدة في العراق قبل فترة ليسلط الضوء على تصاعد ظاهرة الفساد في العراق، ويضعها في صدارة النقاش الوطني والدولي، لما لها من آثار بعيدة المدى على الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وشدد أن الفساد لم يعد ظاهرة هامشية أو محدودة، بل أصبح منظومة مترابطة ومؤسسية، تمتد إلى قطاعات الدولة كافة. 
وقد أشار التقرير إلى ارتفاع مؤشرات الفساد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وتغلغله في مستويات الإدارة العليا والمتوسطة، بل وحتى في قطاعات الخدمات العامة التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر .
ولفتت البعثة أن الفساد في العراق يأخذ أشكالاً متعددة، من بينها الرشوة، والمحسوبية، والتهرب الضريبي، وغسيل الأموال ، فضلاً عن التلاعب بالمال العام وعمليات التعيين والترقيات غير القانونية، وأن هذه الممارسات لا تقتصر على القطاع الحكومي فقط، بل امتدت لتشمل بعض القطاعات الخاصة، ما جعل مكافحته أكثر تعقيداً، وان المحاسبين العراقيين المستقلين قادرون على اكتشاف الخلل ومصادر الاموال خلال دقائق لو تمت الاستعانة بهم .
واستعرض الدكتور المشهداني رصده جملة من العوامل البنيوية والسياسية التي ساهمت في نمو الفساد واستفحاله، من بينها ضعف المحاسبة والمساءلة، غياب الشفافية في العمليات الإدارية والمالية، وغياب آليات فعّالة للرقابة، وتغلغل شبكات المصالح والمحسوبية داخل مؤسسات الدولة، ما أدى إلى بيروقراطية معقدة ، وانتشار البطالة والفقر، مما دفع بالبعض لقبول الرشاوى أو الانخراط في ممارسات فاسدة بحثاً عن مصدر دخل، والتدخلات السياسية المتكررة في عمل الهيئات، وتدهور مستوى الخدمات الأساسية، ما جعل المواطنين أمام خيارات محدودة للحصول على حقوقهم المتأخرة، وان تداعيات الفساد على المجتمع العراقي ادت إلى نتائج كارثية إذ تراجعت ثقة الأفراد في المؤسسات الحكومية، وانخفضت مستويات الاستثمار الأجنبي، واضطربت عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما ساهم الفساد في تدهور البنية التحتية، وتراجع جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وأدى إلى هجرة الكفاءات والخبرات ، والفساد كان له دور مباشر في تغذية النزاعات والصراعات الداخلية، حيث أصبح أشبه بآلية لتوزيع الامتيازات على حساب المصلحة العامة، ما أجج من حدة الاحتقان الاجتماعي .
    جهود دولية لمكافحة الفساد
وبينت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة اكرام عبد العزيز أن الفساد يحد من تطور المجتمعات اقتصاديا واجتماعيا واقتصاديا، وان المحاسبين العراقيين مهم ان يكلفوا بالتدقيق لمصادر كل الاموال التي تأتي  بالكسب غير المشروع، والعراق شهد جملة من التغيرات بعد عام ٢٠٠٣ واتسع الفساد الاداري والمالي، واسندت مناصب لأشخاص لا يمتلكون اي تخصص، اضافة الى تمرير الصفقات المشبوهة، وان محاربة الفساد مهم ان يسند الى ادارة القطاعات المختصة من ذوي الخبرة والمهنية لتأهيل المنظومات والموظفين للارتقاء بمستوى ادائهم، وتكون محاسبة ومناعة ومراقبة للعاملين بالوظيفة مع توعية اعلامية ضرورية مع السلطة الرابعة لمراقبة الاداء مع شفافية العمل وتفعيل القوانين الي حد التطبيق بالشكل الصحيح والصارم، والمكافحة بالنهاية تأتي من خلال وجود جهات مستقلة وتحاسب اذا كان هناك خرق لما ائتمنت عليه، وان تعمل بجدية لرصد المخالفات والتنويه عن الشبهات كمسؤولية من الناحية الاجتماعية والوطنية .
واوضحت الدكتورة اكرام عبد العزيز ان تعزيز التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد، وتطوير الإطار القانوني للنزاهة والحوكمة ، وتفعيل دور الجهات الرقابية كهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، وإطلاق حملات توعية مجتمعية حول مخاطر الفساد وضرورة التعاون في مكافحته، ودعم برامج الشفافية والإفصاح عن الذمة المالية للمسؤولين، وتعزيز دور الإعلام المستقل في الكشف عن قضايا الفساد ومساءلة المسؤولين، تكون كفيلة بالحد من الفساد المتصاعد المنتشر في العراق، ويجب وضع توصيات ومخرجات مستقبلية وخطة شاملة لمكافحة الفساد في العراق، من بينها تطوير سياسات الشفافية وتفعيل آليات الرقابة المجتمعية، وتوسيع مبادرات الإصلاح الإداري والوظيفي، لضمان تعيين الكفاءات على أساس الاستحقاق، وتعزيز التعاون الدولي في مجال تتبع الأموال المنهوبة واستردادها، وتطوير البنية التحتية الرقمية لتسهيل تقديم الخدمات والحد من فرص الفساد في الإجراءات الورقية .
يذكر أن ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق محمد الحسان حذر قبل فترة من تصاعد الفساد بكل اشكاله في العراق، وإن معالجة الفساد تتطلب إرادة سياسية صادقة، وتعاون جميع الأطراف حكومة ومجتمعا مدنيا ومواطنين من أجل بناء بيئة شفافة وعادلة، إذ لا يمكن تحقيق الاستقرار والتنمية إلا من خلال إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، واعتماد آليات فعّالة ومسؤولة للمساءلة والشفافية، وبعث جرس إنذار مهم، ومرجعاً رئيساً لصناع القرار وكل من يطمح إلى عراق مستقر ومزدهر قائم على سيادة القانون والمساواة في الفرص، مشدداً ان  مكافحة الفساد ليست مهمة عابرة، بل مسار طويل وشاق يتطلب تضافر الجهود على المستويين المحلي والدولي .


تابعنا على
تصميم وتطوير