رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
أجور اللاعبين المتأخرة .. بين حق الرحيل ومسؤولية الالتزام


المشاهدات 1342
تاريخ الإضافة 2025/11/04 - 9:47 PM
آخر تحديث 2025/11/07 - 8:53 AM

تأخر أجور اللاعبين واحدة من أكثر القضايا حساسية في كرة القدم الحديثة، لأنها تمسّ جوهر العلاقة بين النادي ولاعبه، وتكشف مدى التزام المنظومة الكروية بمعايير الاحتراف التي تتحدث عنها في البيانات والمؤتمرات. القضية ليست مجرد أموال تُدفع أو لا تُدفع، بل هي مسألة كرامة مهنية وثقة تعاقدية، قد تبني استقرار الفريق أو تهدمه من جذوره.في هذا السياق، جاءت المادة (14 مكرر) من لائحة أوضاع وانتقالات اللاعبين لتضع النقاط على الحروف، حين منحت اللاعب الحق في فسخ عقده من طرف واحد إذا تأخر النادي عن دفع أجوره المستحقة لمدة شهرين متتاليين أو أكثر دون مبرر مشروع، بشرط أن يوجّه اللاعب إشعارًا رسميًا يمنح النادي مهلة لا تقل عن 15 يومًا لتسوية الوضع المالي قبل أن يقدم على فسخ العقد.هذه المادة وُضعت لضمان العدالة، وليس لخلق فوضى أو فتح الباب أمام الهروب غير المبرر. فهي توازن بين حماية اللاعب من التعسف، وحماية النادي من التسرع وسوء النية.لكن عندما ننتقل من النص إلى الواقع، تتغير الصورة كثيرًا. في كثير من بلداننا، تُصبح هذه المادة مجرد حبر على ورق. بعض الأندية تتعامل مع رواتب لاعبيها بأسلوب “الدفعات الرمزية” أو “الوعود المؤجلة”، ظنًا أن منح القليل كافٍ لتجميد الحق القانوني بالفسخ، بينما يعيش اللاعب تحت ضغطٍ يومي، لا يعرف إن كان راتبه سيُدفع غدًا أو بعد شهر. وهناك لاعبون يخشون المطالبة بحقوقهم خوفًا من الإقصاء أو التجميد، فتضيع العدالة بين البيروقراطية والصمت.في المقابل، لا يمكن تجاهل أن بعض اللاعبين أيضًا يسيئون استخدام المادة نفسها، فيسعون إلى استغلال أي تأخير بسيط للتهرب من عقودهم أو الانتقال إلى عروض جديدة دون احترام التزاماتهم. وهنا تُظهر لجان فض المنازعات في الفيفا مرونة عالية في التقييم، إذ لا تكتفي بمراجعة المدة الزمنية للتأخير، بل تدرس أيضًا نية الطرفين وسلوكهما. فالنادي الذي يثبت أنه يعاني من ظرف مالي استثنائي ويُظهر حسن النية في المعالجة، يُنظر إليه بشكل مختلف عن النادي الذي يتهرب أو يماطل عمدًا. وكذلك اللاعب الذي يفسخ دون إنذار أو يرفض الحوار، قد يجد نفسه في موقع المخالف.الأجور المتأخرة ليست فقط مشكلة مالية، بل هي مؤشر على غياب التنظيم والشفافية في إدارة الأندية. وهي أيضًا رسالة سلبية للمستثمرين وللاعبي الخارج الذين يقيسون احترافية أي دوري بمدى التزام أنديته بعقودها.فلا يمكن الحديث عن “تطوير كرة القدم” بينما اللاعب المحترف ينتظر راتبه لأسابيع أو يطرق أبواب الاتحاد بحثًا عن إنصاف.
الخاتمة:
إن احترام الالتزامات المالية ليس ترفًا، بل هو العمود الفقري لأي علاقة احترافية. والفيفا حين منحت اللاعب حق الرحيل لم تكن تعاقب الأندية، بل أرادت أن تذكّر الجميع بأن العدالة لا تُقاس بالنتائج، بل بالالتزام بالعقود.
قد تُمهل اللائحة لكنها لا تُهمل، وفي النهاية… من يفرّط في حقوق لاعبيه، يضع نفسه في مرمى اللائحة.


تابعنا على
تصميم وتطوير