ينبع الفنّ الأصيل من تجربةٍ عريقةٍ صاغت الرؤية والنضج في صاحبها، ويعد المخرج الرائد عدنان هادي نموذجاً للإبداع العراقيّ في الدراما والبرامج التلفزيونية. فهو لم يقف عند حدود التمثيل الدرامي والنصوص المكتوبة، بل خاض تجربة العمل خلف الكاميرا، حيث رسم بعينه وعدسته صورة المجتمع في مختلف حالاته الإنسانية والنضالية. في هذا الحوار يستعيد عدنان هادي ذكريات البداية والنضج والنجاحات التي عاشها ضمن تجربةٍ تمتدّ على أكثر من 40 عاماً في العمل التلفزيوني. نرحب بك اخ عدنان اخا وزميلا وصديقا منذ سنوات عديدة ونود بداية… هل لك أن تحدثَ جمهورَك حول نشأتك وكيفية وصولك إلى أكاديميَّات الفن؟
- توفي والدي عام 1954 بسبب حادث عمل في قضاء الكوفة، وكفلني جدي لأمي في قضاء الهندية وعشت هناك حتى أكملت دراستي الإعدادية عام 1968 وكان مجموع درجاتي 63%. لم تكن دراسة الفن ضمن اهتمامات العائلة بسبب التقاليد التي لم تتسع لمثل هذه التخصصات، لكن بتشجيع الأصدقاء التحقت بأكاديميَّات الفنون الجميلة. كان اختباري الأوَّلي عبارة عن مشهد تمثيل لهاملت، ضمن لجنةٍ ضمت أساتذة مثل إبراهيم جلال، وسامي عبد الحميد، وجعفر الساعدي، وغيرهم، وهكذا تم قبولي في الأكاديميَّات ضمن قسم المسرح.
كيف كان مشوارك الدراسيّ بعد القبول؟
- أكملت دراستي في ظروف صعبة مادياً، لكن عمّتي التي تسكن بغداد مدَّت لي يد العون. وفي عام 1972 تخرّجت دون أن تتوفّر التعيينات بسبب الأوضاع في تلك الفترة. اضطرتني هذه الظروف إلى العمل مدرّساً في إحدى المدارس الثانوية.
كيف دخلت إلى العمل في دائرة الإذاعة والتلفزيون؟
- لاحقاً، أعلنت دائرة الإذاعة والتلفزيون عن دورة للتدريب على العمل كمخرج ضمن معهد التدريب الإذاعي والتلفزيوني. كان مدير المعهد في تلك الفترة الأستاذ سعد لبيب. التحقت بالدورة التي استمرّت ثلاثة شهور، وتخرّجت ضمن الأوائل مع المخرجين جمال محمد، فردوس مدحت، وأثير عبد الوهاب.
لكن البداية لم تكن سهلة؟
- إطلاقاً. كان هناك مخرجون كبار يتمتّعون بخبراتٍ واسعة مثل عمانويل رسّام، وإبراهيم عبد الجليل، وكارلو هارتيون وغيرهم. لكن هؤلاء مدّوا يد العون لجيلٍ لاحقٍ مثل جيلِي، وكان للتعلّم على يديهم الأثر العميق في بناء قدراتِي لاحقاً.
ما العمل الأوّل الذي كان له الأثر على انطلاقتك؟
- عام 1978 تمّ إيفادِي إلى تشيكوسلوفاكيا ضمن دورة تطبيقية في الإخراج للتعرف على الدراما والبرامج التلفزيونية على الأرض. بعد عودتي، تمّ تكليفي بأعمال صغيرة مثل تمثيلية «نواعم»، التي كان بطلها «أبو فارس»، تتناول مشكلة الإفراط في الأكل. بهذا العمل أثبتّ قدرتي على الخروج بأشياء مختلفة ضمن سياق العمل الدرامي.
ومتى تمّ تكليفك بإخراج الأغاني؟
- بعد نجاح تلك التمثيلية، أصبح هناك اقتناعٌ داخليٌّ بأني قادر على العمل ضمن الأشكال المختلفة للتنفيذ. عندها كُلّفت بإخراج الأغاني في الأستوديو، وكان ذلك بداية لتجارب لاحقة أكثر تنوّعاً ضمن هذا الميدان.
وماذا بعد؟
- عام 1983- 1986 أتيحت لي بعثة دراسية في أمريكا للحصول على درجة الماجستير في الإخراج التلفزيوني. عادَت هذه الشهادة بخبراتٍ واسعةٍ انعكست لاحقاً على أعمالِي الدرامية مثل مسلسل «الخالدون»، وهو جزءٌ لاحقٌ على «هؤلاء الأجداد»، وكان الأوّل بإخراج عمانويل رسّام.
عمّ كان يتحدّث مسلسل «الخالدون»؟
- كان يتناول شخصياتٍ تاريخيةٍ ضمن سياقٍ دراميٍّ حيث تحاورهم شخصيةٌ عصريةٌ تجسِّدها الفنّانة بتول عزيز. لاحقاً أخرجت تمثيلية «قبضات الريح»، من تأليف صباح عطوان، بالإضافة إلى تمثيلية «اتّفاق»، التي كتب لها النصّ الراحل عبد الباري العبودي.
ومتى بدأت تجربة إخراج الأغاني؟
- لاحقاً برزَ على السّاحة عددٌ من المطربين الشباب مثل كاظم الساهر. وفي البداية كُلّفت بإخراج أغنيات له بعد أن سلّمني شريطاً بأغانيه لكي أختار إحداها للتنفيذ. وكان اختياري على أغنية «غزال»، التي نجحت جماهيرياً. بعد تلك البداية، تعاونت مع كاظم الساهر لاحقاً في أغاني مثل «بالعزيز»، «متحرك إحساسي»، «لا تحتج»، وغيرِها.
وهل تعاونت مع مطربين آخرين؟
- نعم، عملت مع ياس خضر، حسين نعمة، سعدون جابر، رياض أحمد، صلاح عبد الغفور، قحطان العطار، حميد منصور، سعدِي الحلي، رضا الخياط، مهند محسن، ورائد جورج وغيرهم. كذلك تعاونت مع مطربين عرب مثل وديع الصافي، سميرة سعيد، عبد الله الرويشد، طروب، وعصام رجِّي.
مَن هم المخرجون الشباب الذين واكبوك؟
- كان حولِي مبدعون مثل على حنون، جمال عبد جاسم، حيدر محمد علي، هشام خالد، حيدر كريم، حسن عباس وغيرهم.
وهل عملت خارج الأستوديو؟
- بالفعل عملت ضمن النقل الخارجي لما يقارب العشر سنوات. كان ضمن مسؤولياتي إخراج أحداث مثل مهرجان بابل الدولي، العروض العسكرية والاحتفالات الجماهيرية الواسعة.
لكن عملك لم يقتصر على تلفزيون العراق؟
- إطلاقاً. عند انطلاق قناة «الشباب»، تمّ تكليفي بإخراج برامج مثل الليلة ليلتك ، طاولة عراقية ، بالإضافة إلى سهَراتٍ فنيةٍ مختلفةٍ وبعض الأغاني الحديثة.
ما الذكريات التي تتوقف عندها؟
- كان هناك برنامجٌ يحمل اسم «استوديو 2000 ، كان يستقطب كبار الفنّانين وتقدّمه تمّارة محمود برعاية شركَة «سامسونك».
هل شغلتَ أيّ منصبٍ رسمي؟
- عام 2002 تمّ تكليفي برئاسةِ قسم الدراما ضمن الدائرة، وكان يقود وحدة إنتاج الدراما في تلك الفترة الفنّان فيكتور حدّاد. تمكّنت في تلك الفترة من إنتاج خمسةِ مسلسلاتٍ في وقت قياسيٍّ ضمن سياق التحضيرات لشهر رمضان.
وماذا بعد عام 2003؟
- بعد التغيير توقّف العمل في الدائرة بسبب ظروفٍ إداريةٍ مختلفةٍ. عملت لاحقاً في قناة الشرقية ضمن برنامج «جلسة عراقية»، بالإضافة إلى قناة الحرة ضمن عملين إنتاجِيّين وبعض برامج شهر رمضان.
وماذا عن عملك لاحقاً في شبكة الإعلام العراقي؟
- التقيت بحيبب الصدر، مدير عامّ الشبكة
في تلك الفترة، وعرضت عليه العمل ضمن الشبكة.. على الفور تمّ تكليفي بالإشراف على البرنامج التربوي «600 درس»، وكان تمويل اليونيسيف له. لاحقاً تمّ افتتاح التلفزيون التربوي في بغداد ضمن سياق العمل على تلك المشاريع.
وماذا بعد يا عدنان ؟
- عام 2000 تمّ تعييني مديراً للتلفزيون العراقي. كان الأوّل ضمن مسؤولياتي تنظيم الأستوديو وتوفير كادرٍ متكاملٍ للعمل داخله. وهكذا كان هذا آخر مشواري الوظيفي بعد أكثر من أربعين سنةٍ قضيتها في العمل دون انقطاعٍ في الفنّ التلفزيوني.
يذكر ان عدنان هادي اخرج الكثير من اغاني المطربين العراقيين والعرب ومنهم لكاظم الساهر: أغنية “غزال” (حقّقت جماهيرية واسعة) ولاحقاً تعاون معه في أغاني مثل “بالعزيز”، “متحرك إحساسي”، “لا تحتج” وغيرِها، بالإضافة إلى كاظم الساهر، عمل على إخراج أغانٍ لمطربين عراقيين وعرب مثل: ياس خضر، حسين نعمة، سعدون جابر، رياض أحمد، صلاح عبد الغفور، قحطان العطار، حميد منصور، سعدِي الحلي، رضا الخياط، مهند محسن، رائد جورج.
كذلك تعاون مع فنانين عرب مثل: وديع الصافي، سميرة سعيد، عبد الله الرويشد، طروب، عصام رجِّي .