رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
وضع المباراة في نصابها


المشاهدات 2491
تاريخ الإضافة 2025/06/03 - 10:31 PM
آخر تحديث 2025/06/29 - 12:16 AM

أيام بل أسابيع مرت صعبة في جو مشحون بكل ما يتنافى مع الروح الرياضية والجمهور يتبادل الاتهامات حول أسلوب التشجيع ونوبات التعصب للمنتخبات التي تتنافس للوصول الى نهائيات كأس العالم التي ستقام العام المقبل في كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك ..
التنافس انقلب الى صراع بين الاشقاء، وهو صراع استخدمت فيه كل المحرمات عبر وسائل الاعلام ومواقع التباعد والتناحر الاجتماعي لتتحول هذه اللعبة الجميلة كرة القدم الى كرة نار وقودها الكراهية .. قطعا الأمر ليس عبثيا ولا عابرا وإنما هو مشروع خبيث يقوم على جعل كرة القدم سلاحا للتدمير النفسي للشباب .. وهذه حقائق يجب ان تدرس وتحلل من قبل الذين يسعون الى النهوض بالشباب من غير تسطيح وتسخيف للمعاني النبيلة التي مورست الرياضة من اجلها .
إن هذا الاستنفار المبالغ فيه لما تبقى من مباريات تصفيات كأس العالم سواء لمنتخبنا الذي سيواجه غدا نظيره الكوري الجنوبي، وبعد خمسة أيام يلتقي شقيقه الأردني او لمنتخبات عربية أخرى، وهو استنفار يستنزف المشاعر ويوجه الأولويات الى غير وجهتها الحقيقية، وإلا كيف سوف ينظر إلينا الجيل او الأجيال التي ستقرأ صفحة مفارقات يومنا هذا مما سيغدو تاريخا، حيث يحتشد البريطانيون لمدة 18 ساعة متواصلة لقراءة أسماء ( 15 ألفا و613 ) طفل فلسطيني شهيد في مشهد مهيب تقشعر له ابدان وتنتفض له قلوب ممن ما زال محافظا على انسانيته متمتعاً بصفاته البشرية التي فطره الله تعالى عليها، ولم يتحول الى كائن تشجيعي فاقد لحاسة ترتيب الأولويات، وفاقد القدرة على الاستمتاع بالجمال كما هو حال جماهير الأندية العالمية الكبرى في حالات الفوز والخسارة على صعيد سواء، وما اهل باريس سان جيرمان عنا ببعيد، إذ عاثوا في ما كانت تسمى عاصمة النور التي صارت ارض الجرذان والعلاقات المقيتة والصفعات الفاضحة، عاثوا فسادا، حرقا وتخريبا وحتى تقتيلا وهم فائزون، فأين الجمال في هذه اللعبة؟
وانتقل هذا المرض بتدبير وتخطيط الى جماهير الرياضة لا سيما الى اهل كرة القدم على مستوى المنتخبات، ولم يكن أهلنا في منجى من هذا الوباء حتى تبلدت المشاعر وجفت منابع الدمع وهي اغلى من منابع النفط، وصارت القضية الأولى، نتأهل ام لا نتأهل وهي قضية لا قيمة لها على كل المستويات، حتى على المستوى الرياضي لان التأهل لن يقفز برياضتنا الى الأعلى مقدار شبر .
نفرح بفوز منتخبنا فرحا غامرا ويزداد الفرح حين يكون الفوز مؤهلا الى نهائيات كأس العالم، ولكنه يبقى فرحا في حدود فرح البنت المصون بيوم عرسها وقد فارقت قبل أيام أحبة لها، انه فرح واحتفال فيه حياء وما كان الحياء في امر إلا زانه.
شجعوا وافرحوا ولكن ضعوا الأمور في نصابها من غير تهويل ومبالغة يذهب ريعها الى من خطط لتدمير المشاعر الحقيقية والمعاني النبيلة .. وتقبلوا كل نتيجة بروح رياضية، ففي تفاصلينا ما هو أغلى من أي فوز، وأولى من أي اهتمام رياضي.


تابعنا على
تصميم وتطوير