رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تهويل


المشاهدات 1212
تاريخ الإضافة 2025/03/12 - 10:58 PM
آخر تحديث 2025/03/24 - 12:17 PM

في المثل الشعبي الدارج، تصبح مفردة “ اجاك الذيب، اجاك الواوي” مصداقا لاستمرار تهويل الامور ازاء قضية او موضوع معين، حتى اذا اراد العراقيون ان يعبروا عن امتعاضهم من استمرار التهديد والوعيد وتهويل استشراف المستقبل استخدموا تلك الجمعة اختصارا للمشهد.ما إن وصل الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى البيت الابيض، وتزامن ذلك مع سقوط نظام البعث في سوريا، حتى بات استشراف مستقبل العراق والعراقيين يواجه تهويلا غير مسبوق، فالاول مرة بعد تغيير النظام في العراق عام 2003 بتنا نسمع بشكل بات شبه متواترا احاديث وتصريحات سياسية تخبرنا بقرب سقوط هذا النظام وانهياره، وان ثمة نظام جديد بوضع جديد قادم لا محالة، بل ان اغلب مطلقي هذه التصريحات يتحدثون بثقة عالية عن هذا التغيير، وكأنهم يعلمون الغيب او اطلعوا على اسرار لم نعرفها.لم يقدم لنا هؤلاء ادلة او قرائن او مقدمات على تغيير النظام السياسي في العراق، ولم يقدموا لنا سيناريو هذا الانهيار القريب، ولم يشرحوا لنا اسباب ذلك او ممكاناته، او الفاعلين فيه، بل يكتفون بتهويل الامور وفق امزجتهم واحلامهم التي تريد ان ترى ذلك، نعم ربما بعضهم يتحدث عن وضع اقتصادي صعب مقبل، لكنه نسي او تناسى اننا مررنا باوضاع اصعب عندما سقطت اكثر من ثلاث محافظات بيد داعش وانهارت اسعار النفط، وبقي العالم متفرجا ومترقبا سقوط النظام السياسي في العراق، سيما في الايام الاولى لاحتلال محافظة نينوى من قبل تنظيم داعش الارهابي واعلان ما يسمى بدولة الخلافة، قبل ان تتدخل بعض الدول لمساعدتنا والوقوف معنا في سبيل استعادة المبادرة من تنظيم داعش، وبالتالي تحقيق النصر والقضاء عليه، وسط ازمة مالية خانقة وتقشف اقتصادي ومظاهرات مطلبية كبيرة عمت ارجاء البلاد، لكن العراق تجاوزها ولم يسقط بيد الدواعش، واستعاد عافيته.نعم يحتاج هذا النظام السياسي الى عمليات جراحية اصلاحية كبرى، في سبيل القضاء على الفساد والبيروقراطية والتراجع في مفاصل عديدة، لكن هذا لا يؤشر قرب سقوط النظام او اسقاطه، اذ ان فرضيات ومشاهد تغييره من الخارج غير متوفرة الممكنات لها، وقد تحدث في مقالات سابقة عن مجموعة فرضيات متعلقة بتغيير النظام من الداخل والخارج ومؤشرات تحققها من عدمه، ولم اجد مؤشرات واقعية تدعم تغيير النظام من الخارج او بأنقلاب من الداخل.نعم ربما يتعرض العراق لضغوطات من قبل الادارة الامريكية الجديدة كوسيلة للضغط على النظام السياسي في ايران، لكن هذا لا يعني بأي حال من الاحوال اسقاط هذا النظام، لان الادارة الامريكية تدرك قبل غيرها ان تحقيق فرضية اسقاط النظام صعبة ونتائجها ليست في مصلحتها ولا مصلحة المنطقة. في العراق تداول سلمي للسلطة وان رافق هذا التداول صراعات سياسية، لكن الواقع اثبت ان هذه الصراعات لن تصل لمرحلة اسقاط النظام والذهاب لمجهول لا يدرك اي طرف في الصراع نتائجه. تبقى مسألة اسقاط النظام السياسي في العراقي مجرد “ تهويل” وفق مقولة “ اجاك الذيب، اجاك الواوي”.


تابعنا على
تصميم وتطوير