رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
علي جودة.. صوتٌ خلّد وجع الأمهات


المشاهدات 1184
تاريخ الإضافة 2025/01/08 - 8:42 PM
آخر تحديث 2025/01/22 - 7:54 AM

سمير السعد 
حتى انت الربيت بهاي العيون 
صرت اول الناس اللي يلومون 
هذا انت العزيز وخنت بيه
شلون الغربة بعد تحن عليه 
وحتى انت الربيت بهاي العيون 
كتبها الشاعر العراقي “جبار صدام” بعمقٍ يحاكي وجع الأمهات ووجدان الوطن. قصيدة “هذا انت العزيز” لم تكن مجرد كلمات، بل صرخة ألم تحكي قصة أم عراقية حملت الدنيا على عاتقها من أجل ابنها الوحيد. امرأة فقدت زوجها، فوضعت كل جهدها وطاقتها في تربية ابنها، ليكون سندًا لها ولحياتها التي حفرت معالمها بالصبر والعمل الشاق.
كبر الابن وشبّ، وفرحت الأم بثمرة كفاحها، ظانةً أن الأيام ستكافئها بحفيد يكمل فرحتها. لكنّ الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن؛ إذ سرعان ما تغيّر ابنها بعد زواجه، وقرر أن يعيش بعيدًا عنها، رغم تدخل أطراف عائلية لإعادة الأمور إلى نصابها. أصرّ الابن على قراره، مخلفًا أمه وحيدة تواجه وحدة الأيام، بعدما كان هو أملها وسندها.
“هذا انت العزيز وخنت ودي”
الشاعر جبار صدام التقط هذه القصة بكل تفاصيلها الحزينة، وحولها إلى قصيدة تجسد مشاعر الأم المخذولة. كلمات القصيدة تنزف ألمًا:
“هذا انت العزيز وخنت ودي
كلتلي بلا سبب بس هذا حدي
الي الله اعيش ايامي وحدي
حرام تضيع عشرة عمر وتروح”
لحن يحمل الشجن وصوت يفيض إحساسًا
القصيدة لم تبقَ حبيسة الورق، بل أضفى عليها الملحن المبدع كريم هميم لحنًا يعكس الحزن والخذلان الذي تحمله الكلمات. وجاء أداء ملك الإحساس الراحل علي جودة ليجعل الأغنية أكثر تأثيرًا وخلودًا. بصوته العذب، استطاع علي جودة أن يجسد الألم والشجن في كل نغمة وكلمة، ليحول الأغنية إلى لوحة صوتية تشع صدقًا وإحساسًا.
انا الوياك جنت الروح بالروح 
 وانا بلياك وين رويحتي تروح 
تعال مسامحك والعتب مسموح
حرام تضيع عشرة عمر وتروح
“رسالة إنسانية واجتماعية” 
الأغنية ليست مجرد عمل فني، بل رسالة اجتماعية تذكر الأبناء بفضل الأمهات وتضحياتهن، وتحذر من قسوة القلوب التي قد تجعل أحدهم يخذل أعز الناس عليه.
“ هذا انت العزيز” ليست مجرد أغنية حزينة، بل درسٌ مؤثر يحكي عن الوفاء، والخيانة، وألم الوحدة. إنها قصة كل أم ضحّت، وكل ابنٍ نسي، وقصيدة ستظل محفورة في ذاكرة الأغنية العراقية، بصوت فنان رحل بجسده، لكنه سيظل حيًا بفنه وصدقه.
“أغنية خالدة في الوجدان” 
لم تكن أغنية “هذا انت العزيز” مجرد صوت يعبر عن الألم، بل تحولت إلى أيقونة للفن العراقي الأصيل، تعكس الواقع الاجتماعي والإنساني الذي يعيشه كثيرون. 
بصوت الراحل علي جودة، حملت الأغنية وجع كل أم تشعر بالخذلان من أبنائها، ولامست قلوب المستمعين بصدق مشاعرها وعمق معانيها..
 الفنان “علي جودة “ الذي لقب بـ”ملك الإحساس”، أثبت في هذه الأغنية أنه ليس مجرد مغنٍ، بل راوٍ للمشاعر الإنسانية المعقدة، استطاع أن ينقل حكاية الأم العراقية وكأنها قصة كل بيت. فقد أدّى الأغنية بروح تعكس حبه للفن واحترامه لمعاني الكلمة واللحن.
“إرث لا ينسى” 
رحيل علي جودة شكّل خسارة كبيرة للفن العراقي والعربي، لكن إرثه الفني يبقى شاهدًا على موهبته وإحساسه العالي. أغنية “هذا انت العزيز” ليست فقط أغنية حزينة، بل صرخة وفاء، دعوة للتفكر في قيمة الأم وحقها على أبنائها.. 
إنها قصة ألم ترويها الكلمات، لكن بفضل صوت علي جودة، تحولت إلى حكاية خالدة، تُذكّر الأجيال القادمة بمعنى التضحية والوفاء، وتجعل كل من يسمعها يعيد النظر في علاقاته الإنسانية. 
هذا انت العزيز” ليست مجرد أغنية تُسمع، بل مرآة تُبكينا وتُذكرنا أن الوفاء هو أجمل ما يمكن أن نقدمه لأعز الناس في حياتنا.


تابعنا على
تصميم وتطوير