أثناء القراءة المتعمقة لكتاب The Spymaster of Baghdad، الذي ألفته مارغريت كوكر، رئيسة مكتب العراق لصحيفة نيويورك تايمز، لفتت انتباهي الروايات المثيرة والمؤثرة التي يرويها الكتاب عن الحرب ضد تنظيم القاعدة ولاحقاً داعش، يقدم الكتاب منظوراً فريداً يركز على قصة خلية الصقور الاستخبارية ودورها المحوري في إحباط المؤامرات الإرهابية والحفاظ على الأمن الوطني.
في عالم مليء بالتحديات الأمنية والاستخبارية، يبرز اسم صانع الجواسيس والملاحق الخفي ومهندس العمليات النوعية في العراق أبو علي البصري كواحد من أبرز القادة الأمنيين والاستخباريين في العراق، من خلال عمله الأمني وقيادته لخلية الصقور تمكنت مارغريت كوكر من صياغة قصص استخبارية تجسسية مشوقة وفريدة من نوعها تعكس حجم العطاء والتضحية للوطن، حيث تمكن من بناء منظومة استخبارية متطورة تعتمد على الدقة والسرعة في جمع وتحليل المعلومات، واستطاع بفضل رؤيته الاستراتيجية وإدارته الحازمة أن يوحد الجهود الأمنية ويوجهها نحو تحقيق أهداف وطنية سامية، مما ساهم في إحباط العديد من المخططات الإرهابية وتفكيك شبكات إجرامية تهدد أمن الوطن.
تميز ابو علي البصري ومن خلال كل من يعمل معه ويدرس سيرته الأمنية بأسلوب قيادته الذي يجمع بين الحزم والمرونة، حيث حرص على تطوير كوادره وتزويدهم بأحدث التقنيات والمهارات اللازمة للعمل الاستخباري الحديث، كما اتسمت قراراته بالشجاعة والحنكة الجرأة، ما جعله رمزاً للأمان والثقة لدى الشعب العراقي. كانت قيادته للخلية عنواناً للنجاح، حيث لم يكن مجرد قائد تقليدي، بل ملهمًا لزملائه ومصدر طمأنينة للمواطنين، وبفضل عمله الدؤوب وتضحياته، نجح في تحقيق انتصارات أمنية غير مسبوقة انعكست إيجاباً على استقرار العراق ومكانته الإقليمية والدولية، ساهم في صياغة وتحقيق الأمن القومي العراقي الشامل ومواجهة التحديات الإرهابية التي هددت كيان الدولة ومواطنيها.
الرجل وراء نجاح خلية الصقور الاستخبارية
تولى أبو علي البصري قيادة خلية الصقور الاستخبارية، مع بداية تشكيل نواتها بمعية 16 ضابطاً ومتخصصا لتصبح بعدها واحدة من أهم وأكفأ المؤسسات الاستخبارية وتعد القوة الامنية الاكثر اثارة للرهبة والاحترام في العراق والمنطقة، وتوصف بأنها قوة النخبة التجسسية «الاكثر خطورة»، بل تنافس في أدائها أجهزة الاستخبارات العراقية الأخرى من حيث النطاق والحرفية، خلال فترة قيادته، تمكنت الخلية من تحقيق نجاحات استثنائية ونوعية في مواجهة الجماعات الإرهابية ومكافحة التطرف والحد من الجريمة المنظمة وخصوصاً في السنوات التي شهدت تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها القاعدة وداعش. تميز عمل خلية الصقور تحت قيادته بالدقة العالية، والتخطيط المحكم، والتنسيق الفعال مع مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، مما أسفر عن إحباط مئات العمليات الإرهابية وإنقاذ حياة آلاف المدنيين، كان أبو علي البصري العقل المدبر وراء معظم العمليات النوعية التي استهدفت قادة الإرهاب وأحبطت مخططاتهم قبل أن تتحول إلى كوارث على الأرض، وفي حالات ذُكرت في كتاب مارغريت كوكر أتضح جلياً ان البصري دائماً يسبق الاستخبارات الأمريكية وقوات المارينز وجهاز الاستخبارات البريطاني بخطوة من خلال جمع المعلومات وتحديد والاهداف والأهم من ذلك تجنيد المصادر واختراق التنظيمات الارهابية من خلال جواسيس محترفين مثل النقيب حارث السوداني، بدليل كل هؤلاء كانو يطلبون اللقاء به والاستعانه بقدراته وفريق عمله.
رؤية أمنية استراتيجية
أبو علي البصري لم يكن مجرد قائد استخباري، بل كان رجل دولة يمتلك رؤية استراتيجية للأمن الوطني، كانت استراتيجيته قائمة على بناء شبكة معلومات دقيقة، وتطوير الكفاءات الاستخبارية، واعتماد أحدث التقنيات في العمل الأمني، ومراعاة حقوق الانسان في التعامل مع المتهمين.
وقد أدرك منذ البداية أن النجاح في مواجهة الإرهاب لا يقتصر على المواجهة الميدانية فقط، بل يتطلب تفكيك البنية التحتية للتنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها واستهداف قياداتها بشكل دقيق، وقد ساهمت هذه الرؤية في تعزيز قدرة العراق على التصدي للتهديدات الأمنية.
من الخلية إلى الجهاز
في ظل النجاحات الكبيرة التي حققها أبو علي البصري خلال قيادته لخلية الصقور، كان من الطبيعي أن يتولى منصبًا أكثر أهمية وحساسية في الدولة، تم تعيينه رئيسًا لجهاز الأمن الوطني العراقي، وهو مؤسسة محورية في حماية الأمن القومي للبلاد.
تسنم البصري هذا المنصب في فترة حرجة كانت تتطلب قيادة حازمة وشجاعة للتعامل مع التحديات الأمنية المتصاعدة، بما في ذلك تهديدات الإرهاب، والجريمة المنظمة، والتغييرات الإقليمية، ومنذ توليه المنصب، شهد الجهاز تطورًا ملحوظًا في الأداء والكفاءة، بفضل رؤيته الإصلاحية ونهجه الشامل في العمل الأمني.
صفات قيادية استثنائية
ما يميز أبو علي البصري ليس فقط خبرته الأمنية والاستخبارية، بل أيضًا شخصيته القيادية التي تجمع بين الحكمة والحزم والهدوء والتواضع، فهو شخصية تركز على النتائج والعمل بعيدًا عن الأضواء، مما أكسبه احترام زملائه ومرؤوسيه وثقة الشعب العراقي.
كما يتميز بقدرة استثنائية على اتخاذ القرارات في أصعب الظروف، وإدارة الأزمات بحرفية، وبناء علاقات تعاون وثيقة مع المؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرى.
إرث مستدام في الأمن الوطني
يمكن القول إن أبو علي البصري قد ترك إرثًا مستدامًا في مجال الأمن الوطني، سواء من خلال الإنجازات التي حققها على الأرض، أو من خلال البنية المؤسسية التي ساهم في تطويرها، وقد رسخ مفهوم العمل الاستخباري كركيزة أساسية في مواجهة التحديات الأمنية، وأثبت أن العراق قادر على حماية سيادته وأمنه بفضل قياداته المخلصة وشعبه الصامد.. إن أبو علي البصري يمثل نموذجًا فريدًا للقائد الأمني الوطني الذي يعمل بإخلاص وتفانٍ من أجل خدمة العراق، إنجازاته في قيادة خلية الصقور الاستخبارية ودوره الحالي كرئيس لجهاز الأمن الوطني تجعل منه شخصية تستحق الإشادة والتقدير، في وقت يواجه فيه العراق تحديات معقدة على مختلف الأصعدة، ودليلًا على أن القيادة الأمنية الرشيدة والعمل بمهنية وإيثار قادران على تحقيق الأمن والاستقرار في أصعب الظروف.