في عالم يعجُّ بالألوان والظلال، حيث تلتقي الحرفة بالفن، يبرز النقاش العراقي حامد رويد كأحد أعلام الإبداع اليدوي الذي يحمل في تفاصيله روح العراق وأصالته.. من بين أنامله الماهرة تتجلى الحكايات، وتُروى الأساطير، حيث تتحول قطع الخشب والمعادن الباردة إلى لوحات نابضة بالحياة تتحدث عن تأريخ بلاد الرافدين العريق، وتُنشد عن جماليات الزخرفة التي لا مثيل لها...
حامد رويد ليس مجرد نقاش تقليدي، بل هو شاعر ينظم قصائده عبر الأزميل والمطرقة. في كل خط ينقشه، وفي كل تفصيل يضعه، يحفر ذكريات وطنه وهمومه وأحلامه، مسافراً عبر الزمن ليعيد تشكيل الرموز العراقية التي لطالما حملت عبق الحضارات المتعاقبة.
في رحلتنا لاستكشاف عالم هذا المبدع، سنغوص في تفاصيل أعماله، ونكتشف السحر الذي يختبئ خلف كل قطعة منقوشة، لنتعرف على مسيرته المُلهمة التي جعلت من اسمه عنوانًا للإبداع والتميز في فن النقش.
الزوراء تابعت حامد رويد الساكن اليوم في كندا بعد رحيله من الأردن وأجرت معه الحوار التالي :
* ما الصعوبات التي واجهها الأستاذ حامد رويد أثناء انتقاله من هاوٍ إلى محترف في فن النقش؟
- نتيجة لقناعات خاصة ولشعوري في تحمل مسؤولية وراثة المهنة عندما تقدم والدي في العمر وضعف بصره. ومع ذلك، تمكنت باعتقادي من النجاح بعد أن تعلمت الأسرار والطلاسم المهنية من والدي .
* كيف أثرت دراسة الأستاذ حامد الأكاديمية في فن النحت على موهبته في النقش؟
- ساهمت دراستي لفن النحت في صقل موهبتي الفنية وزيادة زخم معرفتي. كما ساعدتني على الدمج بين النقش والنحت بحرفية عالية، مما أدى إلى توليف جديد بين النقش والنحت.
* ما أهم الشهادات التي حصلت عليها بهذا الاختصاص؟
- حصلت على الكثير من الشهادات التقديرية وكتب الشكر من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية الثقافية والفنية والعلمية والإعلامية. واهم شهادة تقديرية اعتز بها كثيرا من شركة اسمها هولندا وهي شركة عالمية لتصنيع بنادق الصيد يدويا، واعتزازي بها لأنها متخصصة بنفس مجال عملي وفيها اعتراف بقدراتي الفنية بالنقش على قطع الأسلحة.
* حدثنا عن معارض خاصة بإبداعك ؟
- نعم، أقمت معارض فنية خاصة كثيرة وعامة كمشارك بها في بغداد، كما اقمت العديد من المعارض في عمان، وأهمها المعرض الشخصي لأعمال عائلة (اّل رويد) على ارض السفارة العراقية في عمان. والمعرض الآخر المهم على قاعة رجال الأعمال العراقي في الأردن وفي ذات الوقت تحدثت عن طبيعة وأهمية وصفات الآثار العراقية والمنتشرة في متاحف العالم، ومشاركتي في معرض السلك الدبلوماسي في عمان أيضا.
* ما العوامل التي جعلت فن النقش العراقي مميزًا على مستوى العالم؟
- يتميز النقش العراقي بالدقة العالية والإتقان الشديد، حيث تُنفذ بعض النقوش بدقة لا تُرى تفاصيلها بالعين المجردة. إضافةً إلى ذلك، يُعد النقش العراقي فريدًا بأسلوبه النافر والغائر على المعادن.
* كيف أثر الإبداع العائلي على مسيرة الأستاذ حامد رويد في فن النقش؟
- أنا ترعرعت في عائلة فنية مبدعة، حيث تعلمت النقش من والدي عبد الرزاق رويد وأفراد عائلته، الذين أبدعوا في النقش والزخرفة والصياغة، مما ساهم في تنمية موهبته منذ الصغر.
* ما العلاقة بين النقش والنحت وكيف استطاع الأستاذ حامد الدمج بينهما؟
- النقش يعتمد على بعدين، بينما النحت يعتمد على ثلاثة أبعاد. وخلال تجربتي استطعت دمج التقنيتين فيما يسمى بـ «النقش النحتي» مما أضاف بعدًا جديدًا لأعمالي الفنية.
* نسألك عن نقشك لسيف جلالة الملك عبد الله الأول؟
- نعم كلفت من قبل الديوان الملكي بنقش نسختين من سيف الملك عبد الله الأول بالآية القرآنية الكريمة» أن ينصركم الله فلا غالب لكم» بخط الثلث، ومن ثم طلاءهما بالذهب، وقد عرضت وسائل الإعلام قيام جلالة الملك عبد الله بإهداء نسخة من السيفين إلى نجله الأمير حسين، بعبارة أهديك سيف جدك الملك عبدا لله الأول .
* كنت تعيش في الأردن ثم انتقلت الى كندا ؟
- نحن عائلة مفتونة بالنقش، شقيقتي إنعام رويد أول نقاشة محترفة في العراق ودخل اسمها موسوعة أعلام العراق، ولدي ابنتان في عمر الزهور يتدربن ليصبحن نقاشات، وأنا أعد العدة لانطلق عالميا من كندا لتوافر العوامل التقنية، وانوي دخول مسابقات «غينيس» لأحقق نصرا لبلاد الرافدين.
* ما الإنجازات البارزة لعائلة آل رويد في فن النقش؟
- تميزت عائلة آل رويد في النقش والزخرفة، حيث أبدع أفرادها في نقش الصور الشخصية والزخارف النباتية. كما ارتبط اسم عبد الرزاق رويد بزخرفة الذهب والفضة في العراق.
* ما أشهر المعادن التي استخدمت في فن النقش العراقي؟
- من أشهر المعادن المستخدمة في فن النقش العراقي الذهب، الفضة، النحاس، والبرونز، حيث يتميز كل معدن بخاصية فنية تجعل النقش عليه متفردًا ومميزًا.
* ما الدور الذي لعبته المدن العراقية مثل بغداد والبصرة في انتشار فن النقش؟
- كانت بغداد والبصرة مراكز حضارية وفنية، حيث ازدهر فيهما فن النقش بسبب وفرة الحرفيين والتجار الذين كانوا يصدرون الأعمال الفنية إلى دول أخرى، مما ساعد على انتشار شهرة هذا الفن.
* ما الأدوات التقليدية المستخدمة في النقش على المعادن؟
- من الأدوات التقليدية المستخدمة الأزميل، المطرقة، المناقش الدقيقة، وأدوات القياس، حيث تعتمد هذه الأدوات على مهارة الحرفي لتحقيق التفاصيل الدقيقة
* كيف ساعدت المتاحف العراقية على توثيق تاريخ فن النقش؟
- عرضت المتاحف العراقية مثل المتحف العراقي العديد من القطع المنقوشة التي تعود للحضارات القديمة، مما ساهم في توثيق تاريخ هذا الفن وإبرازه كجزء من التراث الثقافي.
* ما التحديات التي تواجه فناني النقش في العصر الحديث؟
- من أبرز التحديات قلة المواد الخام بسبب ارتفاع أسعار المعادن، وضعف الإقبال على الأعمال اليدوية لصالح المنتجات الصناعية، بالإضافة إلى الحاجة إلى تحديث أساليب التدريب.
* ما الفرق بين النقش الغائر والنافر في الأسلوب الفني؟
- النقش الغائر يعتمد على حفر السطح إلى الداخل، مما يعطي بعدًا ظليًا، بينما النقش النافر يبرز التصاميم على السطح، ما يجعلها تبدو أكثر تجسيمًا.
* ما أهمية النقوش المستخدمة في الأختام العراقية القديمة؟
- كانت النقوش على الأختام العراقية القديمة تُستخدم كوسيلة للتوثيق والتعرف على المالك، كما أنها تمثل أحد أقدم أشكال التعبير الفني والتصميم ألزخرفي.
* كيف أثرت التكنولوجيا الحديثة على فن النقش اليدوي؟
- أثرت التكنولوجيا بتوفير أدوات أكثر دقة وسرعة، لكنها في الوقت نفسه قللت من الاهتمام بالنقش اليدوي التقليدي لصالح النقش الآلي.
* آخر ما لديك ؟
- أفكار كثيرة وأعمال أكاد أنجزها وسأعلن عنها بإذنه تعالى .
مزيدا من الأماني بعطاء أوفر وصحة وانتشار أكبر.