تجمّع آلاف الصحفيين ومئات المؤسسات الإعلامية في مدينة باكو بأذربيجان في ندوة من أجل مهمة مشتركة وهي تغطية فعاليات مؤتمر الأطراف السنوي التاسع والعشرين (كوب 29)، والذي عقد من 11 إلى 22 الشهر الحالي، وبلغ عدد المشاركين 3575 صحفيًا و1454 مؤسسة صحفية بحسب المعلومات الصادرة عن المكتب الإعلامي للأمم المتحدة.
الزوراء/ متابعة
وتنوّعت مهام «خلايا النحل» ما بين التجول على أجنحة وأروقة المؤتمر لساعات طويلة على مدار أسبوعين ،لتغطية الندوات والفعاليات ولقاء المصادر والحصول على التصريحات من المفوضين، وبين الجلوس في المركز الإعلامي لالتقاط الأنفاس لبعض الوقت بينما يعملون على تفريغ تسجيلات المقابلات وكتابة وتنقيح القصص وتحرير الصور والفيديوهات، بصحبة كوب من القهوة لمساعدتهم على التركيز وربما وجبة خفيفة إذا سمح لهم الوقت بالمرور على منطقة المطاعم في طريقهم من أجنحة المفوضين إلى المركز الإعلامي. واختلفت الأجندة الخاصة بكل مؤسسة إعلامية حسب تخصصها وطبيعة جمهورها، فهناك من اكتفى بإرسال صحفي أو اثنين على الأكثر للتغطية، وفي المقابل أوفدت بعض المنصات والقنوات غرفة أخبار كاملة أو أنشأت استديوهات مصغرة للتغطية والبث من داخل المركز الإعلامي للمؤتمر بالمنطقة الزرقاء، وتراوحت أعداد الفرق الإعلامية لهذه المؤسسات ما بين 5 إلى 15 فردًا من صحفيين ومراسلين ومحررين ومصورين ومذيعين وتقنيين.
وتواصلت «شبكة الصحفيين الدوليين» خلال مشاركتها في «كوب 29» مع عدد من ممثلي غرف الأخبار المشاركة، وجمعت لكم أبرز نصائحهم حول كيفية الاستعداد والقيام بتغطية ناجحة للمؤتمر السنوي للأطراف المشاركة في اتفافية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
في هذا السياق، قالت ميجان رولنج، محررة في «Climate home news»، وهي منصة إعلامية تركز على تغطية محادثات وسياسات المناخ مقرها في المملكة المتحدة، في حديثها لـ»شبكة الصحفيين الدوليين» إنهم مستمرون في تغطية محادثات المناخ الرسمية وغير الرسمية على مدار العام ولكن يظل مؤتمر الأطراف السنوي محور التركيز الأكبر، ولذلك فإنّ الاستعدادات لديهم لا تتوقف.
ميجان رولنج، محررة Climate home news في غرفة الأخبار المصغرة داخل المركز الإعلامي في كوب 29، في مدينة باكو، أذربيجان، تصوير: رحمة ضياءميجان رولنج، محررة Climate home news في غرفة الأخبار المصغرة داخل المركز الإعلامي في كوب 29، في مدينة باكو، أذربيجان، تصوير: رحمة ضياء عملت رولنج وفريقها المكون من 5 أفراد من داخل غرفة مخصصة للمنصة بالمركز الإعلامي، وتضمّ بالإضافة إليها كمحررة، صحفي للسوشيال ميديا وثلاثة مراسلين يتشاركون في التغطية حسب اختصاصاتهم، فهناك من يركز على التمويل ومن يختص بتغطية تحول الطاقة وغير ذلك.
في أول كل صباح يعقد الفريق اجتماعًا لتوزيع المهام حسب الموضوع الأهم لهذا اليوم، وتوضح رولنج: «تقسيم التغطية حسب اختصاص الصحفي يجعله يلم بشكل أسرع بما يجري ويقدر على اختيار الزواية الأفضل للتغطية والمصادر المناسبة من أصحاب الخبرة، ولكن تظل هذه رفاهية ربما لا تتاح للجميع».
وقدمت رولنج عددًا من النصائح للصحفيين انطلاقًا من خبرتها في تغطية مؤتمر الأطراف السنوي لسنوات، قائلةً: «إذا كنت صحفيًا متخصصًا في تغطية تغير المناخ وتخطط للمشاركة في تغطية كوب، حاول أن تبدأ استعداداتك مبكرًا من خلال متابعة محادثات المناخ التي تتم على مدار العام، وأبرزها محادثات نصف العام (عقدت في مدينة بون في ألمانيا في حزيران/يونيو الماضي)، ومحادثات ما قبل كوب (انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي في مدينة باكو، أذربيجان) وذلك حتى يكون لديك فكرة واضحة إلى أين تتجه المفاوضات». كما نصحت رولنج الصحفيين بالسعي للحصول على بيانات التواصل مع عدد من المفوضين قبل بداية الكوب قائلةً: «خلال كوب يكون المفوضون في غاية الانشغال ولذلك فإن جمع أرقام عدد منهم والتشبيك معهم قبل بداية كوب من شأنه أن يسهل عملك كثيرًا».
وأوصت رولنج كذلك الصحفيين بالانضمام لمجموعات واتساب التي تضم الصحفيين المشاركين في كوب والتي يتم من خلالها تبادل المختصرات والبيانات الصحفية والمصادر، قائلةً: «إذا كنت شخصًا واحدًا يقوم بالتغطية فمن الصعب أن تستطيع أن تتابع كل شيء بمفردك، ولذلك يكون من المفيد الانضمام لهذه المجموعات الداعمة».
وفي الأخير، نصحت رولنج الصحفيين بعدم إرهاق أنفسهم بمحاولة تغطية كل شيء «لا تحاول أن تقطع نفسك لمئة قطعة، فمن المستحيل إدارة هذا الكم الضخم من المعلومات وعليه لابد أن تحدد أولوياتك والفعاليات التي تريد أن تغطيها في كل يوم». قالت زينة شهلا، محررة قسم بيئة ومناخ في موقع رصيف 22، لـ»شبكة الصحفيين الدوليين» إنهم يعتمدون في تغطية مؤتمر الأطراف على مجموعة من الصحفيين المتعاونين بشكل دائم مع الموقع، بعضهم يحضر المؤتمر بشكل وجاهي والبعض الآخر يمكن أن يعمل على التغطية بشكل افتراضي، لافتة إلى أنّ رصيف٢٢ من أوائل المواقع العربية المستقلة التي خصصت قسماً منفصلاً للبيئة والمناخ، وينشر مواضيع بيئية على مدار الأسبوع من كل العالم العربي. زينة شهلا، محررة قسم بيئة ومناخ في موقع رصيف 22 خلال مشاركتها في كوب 29 في مدينة باكو، أذربيجانزينة شهلا، محررة قسم بيئة ومناخ في موقع رصيف 22 خلال مشاركتها في كوب 29 في مدينة باكو، أذربيجان
ولفتت إلى أنّ الزوايا التي تثير اهتمامهم هي تلك المتعلقة بالمنطقة التي نعيش فيها من تمويل المناخ إلى تأثير النزاعات والحروب على البيئة، إلى العدالة المناخية وتأثير التغير المناخي على الفئات المهمشة، وغيرها من الأمور التي يهم جمهورهم أن يعرف عنها ويكون أكثر وعياً بها. وقدمت شهلا نصائحها للصحفيين قائلةً: «مؤتمر المناخ حدث عالمي يحضره آلاف الأشخاص، ومكان انعقاده عادة يكون كبيراً جداً ويحتاج الكثير من الوقت لاستكشافه والتنقل بين أجنحته، وقد يسبب هذا خصوصًا خلال الأيام الأولى بعض التعب والإحباط بسبب كثرة المعلومات والفعاليات وصعوبة التركيز أحياناً على مواضيع بعينها. لذلك من المهم قبل أن نأتي إلى مؤتمر المناخ أن نعرف ونحدد المواضيع التي يهمنا العمل عليها، ونفكر بخطة مبدئية وآلية للعمل عليها أثناء أيام المؤتمر، والاطلاع على برنامج الجلسات لتحديد تلك التي تهمنا أكثر من غيرها، ومحاولة تحديد المصادر التي يمكن أن تكون مفيدة لمواضيعنا، وفي الوقت ذاته التي يمكن أن تقدم المعلومة لجمهورنا بطريقة واضحة ومبسطة خاصة بالنسبة للتفاصيل العلمية والتقنية التي قد يكون من الصعب تفكيكها وفهمها والكتابة عنها». وأضافت: «لا يمنع ذلك بالطبع أن نفكر بمواضيع جديدة أثناء تجولنا في أروقة المؤتمر، وهنا أرى بأنه من المفيد أن نخصص يوماً أو يومين، حسب الإمكانية، للتجول بين أجنحة الدول، وفي المنطقة الخضراء المخصصة للمشاريع والابتكارات والمنظمات والخبراء، فهناك تكمن أفكار مبتكرة للعديد من المواضيع التي يمكننا العمل عليها حتى بعد انتهاء فترة المؤتمر».
ونصحت كذلك الصحفيين أن يستغلوا فترة المؤتمر لتوسيع دوائر معارفهم من كل أنحاء العالم، والاطلاع على ما يدور من عمل مناخي وبيئي خارج حدود منطقتنا، مضيفةً: «والأهم مع كل هذا أن نترك وقتاً لأنفسنا ونرتاح لأنّ العمل بشكل متواصل لمدة أسبوعين مع كل هذه الكمية من المعلومات والفعاليات يكون مرهقاً بالفعل».
ووصفت تجربتها في تغطية المؤتمر بأنها «غنية ومفيدة من الناحية المهنية والشخصية أيضاً، وطبعاً فيها بعض التعب والإرهاق، لكنها بكل تأكيد فرصة استثنائية بأن نكون في هذا الحدث العالمي لنرى كيف تجري الأمور «داخل المطبخ» ونفهم منها الكثير عمّا يحدث حولنا». وفي السياق قال أنجمار رينتجوغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ»We don>t have time»، منصة إعلامية متخصصة في العمل المناخي، لـ»شبكة الصحفيين الدوليين»: «إنّ مؤتمر الأطراف السنوي هو أكثر وقت مكثف في العام لأننا نذيع بشكل يومي من كوب من داخل المنطقة الزرقاء حيث نعمل على الجمع بين كافة أصحاب المصلحة من مفوضين وعلماء ومجتمع مدني ونشطاء في برامجنا لتوضيح ما يحدث هنا»، لافتًا إلى أنه «بفضل التكنولوجيا بالإمكان كذلك إشراك الأشخاص الذين لا يستطيعون المشاركة بشكل وجاهي وجعلهم يشاركون من خلالنا كوسائل إعلامية وهو يجعل عملية التغطية أكثر ديمقراطية».
تتكوّن غرفة الأخبار الخاصة بالمنصة في «كوب 29» من فريق مكون من 15 شخصًا بالإضافة للفريق الذي يشارك عن بُعد وهو ما يجعل إجمالي المشاركين في كافة مراحل التغطية أكثر من 20 شخصًا، كما عملت المنصة على إنشاء استديو داخل الكوب للبث من خلاله، ويضيف رينتجوغ: «هذه هي ثاني مرة نحصل فيها على استديو داخل الكوب وهناك 8 قنوات فقط لديها استديوهات داخل المركز الإعلامي هذا العام»، وهو ما ينصح به في حال استطاعة توفير المعدات والتقنيات وفريق العمل اللازم؛ لأنه يجعل البث أكثر سهولة واحترافية، مشيرًا إلى أن الدولة المضيفة ساعدتهم كثيرًا في إيصال المعدات من المطار إلى المنطقة الزرقاء وتسهيل كل شيء.
(عن/شبكة الصحفيين الدوليين)