منذ فوزِ ترامب في الانتخاباتِ الرئاسية الأميركية كثر الكلام حول السياسة الخارجية النارية -ولم أجد وصفا أنسب منها، “وهكذا يرى المراقبون”- التي سيتبعها عند تسنمه المنصب، والخطر الذي سيحيق بالعالم وكأنه رامبو، وازدادت المخاوف هذه الأيام خاصة بعد الأخبار التي تداولت الشخصيات التي ستدير سياسته الخارجية (والخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومي، ومدير الاستخبارات المركزية)، وهي شخصيات جدلية حادة خاصة اتجاه قضايا الشرق الأوسط.
إلا ان توقعاتي ان ترامب سيدير سياسته الخارجية بحنكة أكثر مما كانت عليه في دورته الأولى، وباستقلالية ضمن توجهاته ورؤيته دون تقاطعات وارتباكات كما كانت في دورته الأولى كما حدث مع بولتن مستشار الأمن القومي آنذاك، وسيتعامل مع الملفات كافة بذكاء وروية، خاصة أن هذه الشخصيات المرشحة تدور ضمن فلك رؤية ترامب، إلا ان ذلك لا يعني عدم وجود معارضة داخل الحزب الجمهوري كما أُبديت بعض الملاحظات حول ترشيح بيت هيجسيث لوزارة الدفاع مقدم البرامج المعروف، إلا ان ترامب في أوج تألقه وسوف لا تؤثر عليه تلك الملاحظات، وسيكون الحزب الجمهوري داعماً له خاصة مع نشوته بحصوله على أكثر مقاعد الكونغرس بما فيها رئاسة المجلسين النواب والشيوخ التي ستسهل مهمة ترامب في تمرير القوانين، وأجد أنه سيذهب الى جعلها صفقات، إلا انه في ملف غزة ولبنان سيحاول حسمه بأسرع وقت ممكن لخصوصية الملف ولتعقيدات منطقة الشرق الأوسط، والذي هو بوابة لملف إيران رغم استقلالية وخصوصية الملف الايراني وتعقيداته المتشابكة بما فيها الملف الأهم الملف النووي.
أما أوكرانيا، فسيجعل في نظر اعتباره الاتحاد الأوربي الشريك الاستراتيجي، الذي سيحرص على حفظ العلاقة معه، والذي تأذى أكثر من أمريكا في اوكرانيا، بل يجدون أنهم تورطوا في قضية خاسرة كلفت اقتصادهم الكثير، فإنه أيضاً سيجعلها صفقة، ولكن على نار هادئة، خاصة مع علاقته الطيبة مع بوتين -كما يشاع-.
القضية الأهم في الملف الخارجي لترامب هي الصين، التنين الذي لا يهدأ ولا أحد قادر على إيقافه، فهي ستظل معركة باردة مفتوحة.