رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الفنان التشكيلي قاسم محسن للزوراء...إنطلقت من شغف كبير بالألوان والأشكال وعشقي للرسم منذ الصغر


المشاهدات 1516
تاريخ الإضافة 2024/11/23 - 8:36 PM
آخر تحديث 2024/12/26 - 7:55 PM

• في عالم الفن التشكيلي، حيث تتشابك الخيوط بين الأصالة والتجديد، يبرز الفنان العراقي قاسم محسن كصوتٍ متفرّدٍ، جعل من التاريخ الرافديني بوصلته، ومن التراث العراقي الموشّى بأساطير الزمن القديم مناراً لمشروعه الفني.
أعماله ليست مجرد لوحات أو منحوتات، بل هي نوافذ تُطلّ على أعماق الإنسان العراقي، على تمرده وصموده، وعلى احتفائه بتاريخه الزاخر بالرموز والحكايات.  
د قاسم محسن فنان انطلق في رحلة بحثٍ عن بصمة فنية تُميّزه، مبحرًا في ذاكرة الحضارة ومتأمّلًا رموزها الغائرة. حتى أن صحفا عالمية وصفته بأنه استطاع «رفدنة الفن التشكيلي المعاصر»، في إشارة إلى تفرده بإعادة إحياء الإرث الرافديني بمنظور حداثي يحمل روح الحاضر.
-  مرحباً بك، أستاذ قاسم محسن. نشكرك على إتاحة الفرصة للحديث معك اليوم ولنبدأ بتعريف جمهورنا بك، من هو قاسم محسن في عالم الفن التشكيلي؟
- شكراً لكم على هذه الاستضافة , أنا فنان تشكيلي عراقي، بدأت رحلتي الفنية منذ سنوات طويلة. انطلقت من شغف كبير بالألوان والأشكال وعشقي للرسم منذ الصغر. بمرور الوقت تطورت أدواتي وأساليبي الفنية لأصبح جزءاً من المشهد الفني التشكيلي في العراق وخارجه.
-  ما الذي ألهمك لتصبح فناناً تشكيلياً؟ وهل كان هناك أشخاص أو أحداث أثرت على مسيرتك؟
- نعم، هناك العديد من المؤثرات. أذكر أن البيئة التي نشأت فيها كانت مليئة بالألوان الطبيعية والأجواء الريفية التي كانت مصدر إلهام لي، بالإضافة إلى أسرتي التي دعمتني وشجعتني على الاستمرار في هوايتي. إضافة إلى ذلك، تأثرت بعدد من الفنانين العراقيين الكبار الذين قدموا لوحات تعبر عن هوية العراق وتراثه.
- لا نختلف جميعا أن قاسم محسن فنان متمكن من أدواته لذا نود إن نسألك عن المواضيع التي تركز عليها في لوحاتك، وما الرسائل التي تحاول إيصالها من خلالها؟
-  أركز غالباً على قضايا الإنسان والمجتمع، وأحب تسليط الضوء على الحياة اليومية والتراث العراقي. أعتبر أن الفن التشكيلي وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر التي تتعلق بالهوية والجذور. أسعى في أعمالي إلى خلق رابط بين المشاهد وبيئته من خلال عناصر تمثل الحياة العراقية بصدق وشفافية.
-  وما رأيك في دور الفن التشكيلي في تغيير المجتمع؟ وهل ترى أنه يمكن أن يكون وسيلة للتوعية أو التغيير؟
- بالتأكيد، للفن التشكيلي دور كبير في تغيير المجتمع، فهو أداة قوية لنقل الرسائل وإثارة المشاعر، ويمكن أن يكون وسيلة للتوعية حول قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية. من خلال الفن، يمكننا الوصول إلى الناس بطريقة عاطفية وجذابة، ما يسهم في خلق وعي أعمق ويشجعهم على التفكير والتغيير.
- لكل مبدع بيئة وعائلة عاش في كنفها وربما كانت السبب في رسم طريقه ونهجه حدثنا عن النشأة وتأثيراتها عليك ؟
- كانت نشأتي في بيئة شعبية متواضعة أحببت فيها طريقة التواصل الاجتماعي بين الناس و الجيران والأصدقاء وكانوا خير داعم لموهبتي الفنية من خلال تشجيعهم لي.. فكنت ارسم رسومات متواضعة وهذه الوريقات على بساطتها كانت تنتقل بين أيدي أصدقائي من الجيران حيث اسمع الإعجاب والمديح وكل مناي وغايتي كانت أن تصل رسوماتي عبر البيوت المجاورة إلى أيدي من كنت أحبها بصمت (حب صبياني) لأول مرة أقع فيه في ذاك الحين. كانت نظرات تلك الفتاة وابتسامتها هو كل ما أتمناه عبر إعجابها برسوماتي.. ولا يهمني الجميع .
- لندخل عالم الأزمان ونسألك كيف بدأت هواية الرسم متى وكيف تجسدت حدثنا عن بداياتك الفنية بإسهاب ؟
- وفي الصف الخامس الابتدائي طلب معلم التربية الفنية، الأستاذ خليل.. أن نرسم البائع المتجول بعد أن حدثنا بطريقة تعليمية مميزة عن التباين ما بين البائع الثابت (الدكان)، والبائع المتجول ومنهم بائع النفط وبائع الباقلاء واللبلبي وغيرها..فرسمت من كان يبيع العنبة في باب المدرسة بعربة صغيرة متحركة (أبو سامي) أبو الفلافل والعنبة وحين تجوال المعلم في الصف، اطلع على رسوماتنا .
وتوقف عندي بدهشة كبيرة وامسك يدي بقوة وسحبني صوب الإدارة وكنت خائفا جدا ودارت في رأسي أحداث عديدة .. منها : هل انأ كنت غائبا يوم أمس أم هل مراقب الصف نعمان هادي صاحب الطول الفارع والمعيد لسنوات كثيرة في نفس الصف قد سجلني ضمن المشاكسين.. إلى أن وصلنا صوب الإدارة وكان المدير والمعاون وبعض المعلمين يتحدثون بطريقة فوضوية كل اثنان لديهم حوار يختلف عن الآخرين.. فأدخلني أستاذ خليل وقاطع حوار الجميع وطلب منهم معاينة كراس رسمي.. فبدأ الجميع بالتعجب والاستغراب وسألني المعاون ..من رسم لك كل هذه الرسومات؟ أجبته: وأنا ما زلت ارتعش بصوت خافت وخشية كبيرة.. أنا أستاذ.. تعجبوا وأدرك الأسئلة أستاذ خليل وحدثهم بأنني رسمت المواضيع داخل الصف، حينها شعرت بهدوء وراحة البال ونفشت ريشاتي واستعدت قواي.. وذهبت خشيتي، فطلب المدير من معلم التربية الفنية بالتجوال برفقتي ومشاهدة طلاب المدرسة من الصف السادس ونزولا إلى الصف الأول لرسوماتي ليطلع الجميع عليها.. فما كان من أستاذ خليل إلا أن يجوب بي جميع الصفوف ويطلب منهم الوقوف والتصفيق مع ترديد كلماته التي لا أنساها ابدا في كل صف كان يقول : هذا زميلكم قاسم محسن حسان.. فنان المستقبل...وسيأتي يوم تُعرض رسوماته في الباب الشرقي . حيث كانت منطقة الباب الشرقي تعني بغداد لنا جميعا). حينها أصبحت اشعر بنجوميتي في محلتي وفي المدرسة وتحول اسمي من قاسم محسن حسان الى (قاسم الرسام) كما تحققت نبوءة أستاذ خليل، وكان أول معرض شخصي لي على قاعة الفنانين التشكيليين الشباب (قاعة التحرير) عام (1986)، التابعة لوزارة الثقافة والإعلام آنذاك في منطقة الباب الشرقي.
-هل كان النحت في خيالك أولا أم الرسم حدثنا بوضوح ؟
- كان ميولي للنحت أكثر من حبي للرسم لكنني بعد تشجيع الأساتذة في المدرسة الابتدائية وكذلك في المتوسطة اتجهت صوب الرسم وابتعدت عن النحت.. خاصة في الصف الثالث المتوسط حينما كان أستاذ التربية الفنية متخصص وخريج كلية الفنون وبعد اختبار الطلبة قد شخص عدد من الإمكانيات والمهارات والمواهب المتميزة في مجال الرسم، لكن الغريب بالأمر انه سحب صبورة كبيرة من المخزن وطلاها باللون الأبيض وطلب مني من بين أقراني أن أقوم برسمها.. وفعلا رسمت فيها منظر طبيعي من طبيعة ونخيل العراق وتم وضع تلك اللوحة الكبيرة (الصبورة) عند المدخل وكانت موجودة إلى أحداث التسعينيات في المتوسطة.
- المشجعون منهم وماذا شاهدوا ليشجعونك ؟
- هذا المدرس الأستاذ (ماجد فاضل) كان بمثابة المعلم الحقيقي والصديق الوفي فقد اخذ بيدي وعرفني على النحات (خالد الرحال) (رحمه الله) وطلب منه مد يد العون بقبولي في معهد الفنون الجميلة في بداية الثمانينات. لدراسة الفن وكان القبول مغلق وصعب لكثرة الطلبة المتقدمين للدراسة فيه. وفعلا بعد ان اطلع الرحال على رسوماتي كان له مبادرة لطيفة ومشجعة لي بقبولي بالمعهد حيث بعدها ذهبت إليه وكان يلتقي في كالري صغير عند تقاطع مرطبات الرواد في حي المنصور والعائد الى النحات اتحاد كريم (رحمه الله) وشكرته على مساعدته لي في القبول وما كان منه إلا أن قال لي أنت موهوب وكنت قد حصلت بالاختبار اعلي الجميع فقط كانت مساعدتي لك بان اسمك يكون بقائمة المقبولين في البداية ..
- هل تتذكر الرسوم الأولى وهل وثقت بعضا منها ؟
- بدأت ادرس الرسم على أيدي امهر الأساتذة الفنانين أمثال محمد علي شاكر وراجحة القدسي وسهام السعودي ومحمد مهر الدين وسلمان عباس ومهين الصراف ورافع الناصري وخضر جرجيس وخضير الشكرجي وفخري ألنعيمي وكنت مقربا من اثنان هما محمد مهر الدين وشاكر حسن آل سعيد.. يتابعون رسوماتي ويقدمون التوجيه والنصيحة لي، والعديد من الطاقات الرائعة من تاريخ الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة في العراق..كانوا تدريسيين في المعهد آنذاك.
- أول لوحة شعرت من خلالها انك صرت صاحب مضمون وما هو مضمونها ؟
- أول لوحة شعرت من خلالها انك صرت صاحب مضمون وما هو مضمونها ؟
-اغلب رسوماتي من الواقع العراقي واستلهما من البيئة والمحيط لي لم تبتعد في بداية مشواري عن الرسوم الواقعية والتعبيرية وكان لي عدة معارض شخصية ومشاركات جماعية ومن بينها شاركت في المعرض السنوي لجمعية الفنانين التشكيليين وانا ما زلت طالبا في المعهد عام (1983) ووضعت لوحتي في مدخل القاعة واستوقفت الكثير ومن بينهم وزير الثقافة آنذاك ونقيب الفنانين الذي طلب مني الحضور إلى النقابة في مقرها الكائن في المنصور وإعطاني عضوية في النقابة صاحبها اعتراض بعض الأساتذة من التدريسيين والفنانين كوني ما زلت طالبا ولم أتخرج من المعهد فكان قرار جريء وأصبحت عضوا في النقابة منذ ذلك الحين.. وعلى اثر هذه العضوية وبعد أن سمع الجميع بها تم رفع وإخفاء لوحتي من معرض الجمعية بسبب اعتراض البعض !!
- وهل يستطيع قاسم محسن ايجاز مشاركاته 
- مشاركاتي هي عديدة مع اغلب معارض وزارة الثقافة ونقابة الفنانين وجمعية التشكيليين والمركز الثقافي الفرنسي ومعارض منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الغير حكومية ومنها خارج العراق في كندا وأمريكا والنمسا. 
وحصولي على المرتبة الثالثة على العالم في مهرجان الفن التشكيل العالمي في المكسيك حيث فاز بالجائزة الأولى فنان من أمريكا اللاتينية والثانية فنان من الصين و حل ثالثا العراق على العالم بلوحة التشكيلي قاسم محسن (هكذا أذيع الخبر من موسكو) من قبل إذاعة الصداقة الروسية العربية.
- بعد كل هذه السنوات من الخبرة , نصيحة تقدمها للشباب الذين يطمحون إلى دخول عالم الفن التشكيلي؟
-  أقول لهم إن الفن يحتاج إلى صبر وشغف، لذا من المهم أن يؤمنوا بموهبتهم وأن يستمروا في تطوير مهاراتهم.
 لا يهم كم هو صعب أو معقد، فكل تحدٍّ يواجهونه سيكون خطوة نحو النمو والتطور. 
- كمدير عام لدائرة الفنون التشكيلية وكالة نود أن توجز لنا أهم انجازاتكم ؟ 
- خلال تولينا مهام مدير عام دائرة الفنون العامة وكالةً، تم تحقيق العديد من الإنجازات بدعم وتوجيه من السيد وكيل الوزارة، الأستاذ قاسم ظاهر السوداني، ومعالي وزير الثقافة والسياحة والآثار، الأستاذ الدكتور أحمد فكاك البدراني، ومن أبرز هذه الإنجازات:  
1-  إلغاء رسوم دورات الرسم فقد تم الاتفاق على عدم استيفاء رسوم من المشاركين في دورات تعليم الرسم في «المرسم الحر» التابع لإدارة الفنون. هذه الدورات تشمل الأطفال لتطوير مهاراتهم الفنية، وكبار السن من مختلف الأعمار، بما يعزز الوعي الفني لدى المجتمع.  
2- افتتاح معاهد الحرف والفنون الشعبية إذ تم استحداث معهد الحرف والفنون الشعبية في محافظة نينوى (الموصل) كبداية، مع خطة للتوسع إلى محافظات أخرى مثل البصرة، ذي قار، بابل، والأنبار.
  يهدف المعهد إلى تنمية المهارات الفنية للشباب خريجي الثالث المتوسط، حيث تمتد الدراسة لخمس سنوات وتمنح شهادة دبلوم معادلة لمعاهد الفنون الجميلة. كما  يُركز على الحفاظ على التراث الشعبي، كرافد للهوية الفنية الوطنية.  
3- تأهيل قاعات العرض الفني اذ  إعادة تأهيل قاعات العرض في إدارة الفنون العامة، شملت تحسين الإنارة، الدهان>
وتجهيز مكعبات عرض لفنون النحت والخزف و تجهيز قاعة في منطقة الباب الشرقي لاستضافة الفعاليات الفنية.  
4- تعزيز التعاون الداخلي والخارجي اذ تم  توقيع مذكرة تعاون مع وزارة الدفاع في مجال تصميم وتجهيز الشارات والأنواط، وإعداد متاحف عسكرية تحت إشراف الوزارة و إضافة الى  الاتفاق مع الجانب الروسي لزيارات متبادلة تشمل مجالات السياحة، الثقافة، الفنون التشكيلية، والحرف الشعبية , وفي مجال العلاقات الخارجية>
 تم  تعزيز العلاقات الثقافية مع الجمهورية التونسية من خلال التبادل الفني وإقامة معارض تشكيلية مشتركة.  
- وماذا عن رعاية الفنانين الشباب ؟
- نعم أقمنا مشاريع داعمة للفنانين ومنها  دعم الفنانين الشباب من خلال تسويق أعمالهم الفنية في الفنادق والمقاهي السياحية.  إعادة فتح مراكز تسوق للمشغولات اليدوية ومنتجات الطلبة، لتشجيع الإنتاج الفني المباشر وبيعه للجمهور.  

- وفقكم الله دكتور متمنين لكم المزيد من العطاء 


تابعنا على
تصميم وتطوير