رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
بَوحُ الأحرار


المشاهدات 1237
تاريخ الإضافة 2024/10/27 - 8:16 PM
آخر تحديث 2024/10/30 - 1:39 PM

السيد عبد القادر الحسني الآلوسي
أيّتها الأمةُ الصامتة،
‏كيف تسقطُ المدنُ تحتَ الركام.. 
وتلتفُ أجسادُ الأطفالِ حولَ اللهب؟
‏بينما أنتم…تنامونَ في سريرِ الصمتِ الوثير،
‏لا يُسمَعُ منكم إلا الشخير!!
‏تتلذذونَ بشاشاتٍ عمياء
‏تنقلُ الأخبارَ
‏كأنّها نشرةُ طقس غبية!!
‏يارموز الجاهلية
‏هل ماتت ضمائركم؟
‏أم أنّكم دربتم قلوبكم على التغافلِ.. 
حتى لا تسمعوا صوتَ الأنّاتِ القادمِ من تحت الأنقاضِ؟
‏غزةُ تباد… بيروتُ تختنقُ في عتمةِ الخذلانِ.. 
صنعاء تُطعن بخنجر الجيران وأنتم تراقبون..
‏كما يُراقبُ التاجرُ سوقَه،
‏ينتظرُ الربحَ من آلامِ المسحوقين.
‏ألا تسمعونَ؟!
‏الأرضُ تئنُّ تحت أقدامِ الجنودِ،
‏السماءُ تصرخُ من قنابلِ الأعداءِ،
‏وأنتم ما زلتم تتجادلونَ على موائدِ الذلِّ
‏في حدودِ الخوفِ والشجبِ،
‏وكيفَ تُعدُّ الخيانةُ
‏بطبقٍ من ذهب
‏ليبقى أبو لهب.
‏أمةٌ…
‏تتراكمُ فيها الوعودُ
كأكوامِ الأوراقِ،
‏كلُّها تتلاشى
‏لأنهم بَدَدٌ
‏عند أول قطرة دم تسيل
‏على شفاهِ طفلٍ
‏وديع جميل
‏قد أُسكتوه إلى الأبد.
‏كيفَ تتركونَ يداً ممدودةً في الأفقِ
‏تبحثُ عن يد أخ ناصر …
‏بينما لكل واحد منكم
‏ألفُ يد تمتدَ لعدو غادر.
‏وملتحم لبناني ينادي
‏إن كرهتموني
‏فارجموني وعدوي
‏فعسى أن تصيبوا عدوكم
‏وليسَ فيكم من رمى حجرا
‏فيا أسفي..من سيقفُ في وجهِ الخوفِ.. 
ويقولُ: كفى؟
‏أيتها الأمةُ المترددة،
‏حين يحترقُ جسدُ الحريةِ
‏في شوارعِ غزة ولبنان،
‏غدوتم شهوداً صامتين
‏على قبرِ الكرامةِ…
‏كما كنتم من قبل
‏فمتى ستنهضون
‏وتصنعون من أصواتِكم أمواجاً
‏تهدمُ أسوارَ الظلمِ
‏وتعيدُ للأرضِ حريةً
‏سرقتها أيادي الجبناء؟
‏الكرامةُ ليست كذبةً تُحكى،
‏أو لوحةً في قصر جبان
‏هي الدمُ الذي يجري في عروقِ الأحرار،
‏وزئير الشجعان
‏فهل ما زالَ فيكم دمٌ
‏أم جفَّتِ الأوردةُ
‏من طولِ الهوان؟
‏وأنتم أيها الحكامُ
‏يا عروشنا الخاوية،
‏أنتم كبيوتِ الرملِ على شواطئ الأوهام،
تُشيدونَ أسوارَكم من رمادِ الإنهزام.. 
وشِباك الخضوع
‏وتَظنُّون أنَّكم تحكمون الرياح!
‏لكنَّ الريحَ لا تُطيقُ الخنوع،
‏ستنهضُ من بين أصابعكم وتُسقطُ قلاعكم الهشة..
‏كما يسقطُ ورقُ الخريفِ حين تنفخُه أولى نسائمِ الصدق
‏من أفواه الجموع.
‏يا ملوكَ السراب...
‏أيُّ عروشٍ تلك التي تُقامُ على جماجمِ الأطفال؟
‏وأيُّ مجدٍ يبقى في قصورٍ تُضاءُ بزيتِ الخذلان؟
‏أنتم دُمىً محشوةٌ بالخوف،
‏تُحركها أيادي الشيطان
‏تظنون أنكم أسيادُ القرارِ،
‏لكنَّكم في الحقيقةِ سجناءُ الكراسي المصفدةِ بسلاسلِ الذلِّ
‏وأغلال العار.
‏من أنتم؟
‏أنتم أشباه الرجال،
‏أرواحٌ فارغةٌ مثلُ قواقعَ مهجورةٍ على شواطئ التاريخ
وشيء من خبال.
‏تُطلُّون من شرفاتِ قصورٍ فخمة،
‏وتحسبون أنَّكم بلغتم الكمال،
‏بينما أنتم لا ترون سوى صورتَكم المشوهة
‏على زجاجِ الخيانةِ المغبر ،
‏وبئس المآل.
‏أيها الطغاةُ الجبناء،
‏قلوبُكم ليست سوى حجارةٍ جوفاء،
‏لا يُسمعُ فيها نبضُ شعبٍ عظيم،
‏ولا تصرخُ فيها جراحُ المظلومين.
‏تنظرون إلى دماءِ الشهداءِ
‏كمن يَنظرُ إلى لوحةٍ معلّقةٍ على جدارٍ قديم،
‏تعجبون بلونها الأحمر،
‏لكنكم لا تفهمون أنَّها دمٌ حقيقي،
‏وأنَّ الحياةَ تجري في شرايينِ الأرضِ
‏بينما أنتم تسيرونَ نحو الجحيم.
‏تغلقونَ أبوابَكم أمامَ الرياحِ الحرة،
‏لكنَّ الرياحَ ليست عابرةً،
‏إنها تمهدُ لعاصفةٍ
‏تقتلعُ عروشَكم الفاجرة
‏كما تقتلعُ الشجرَ اليابسَ
‏وتزرعُ مكانها بذورَ الحريةِ،
‏في تربة طاهرة.
‏أنتم... أمراءُ الوهمِ، ملوكُ اللحظةِ الهاربةِ..
 تغرقونَ في بَحرِ الكبرياءِ الزائف،
‏لكنَّ سفنَكم من ورقٍ،
‏بأشرعة كاذبة
‏تتآكلُ في أول موجةِ غضبٍ
‏تأتي بها أيدي الشعوبِ المظلومة،
‏وجموعها الغاضبة.
‏أما شهيدنا، فهو النهرُ الذي لا ينضب..
هو الغيمة التي تُمطرُ في صيف الأيام..
هو الروحُ الخالدة عبر زمن الآلام تُولدُ من تربته ألفُ حياة
‏أما القاتل.. فهو الظلام الذي يتبدد في نور الحقيقة..
‏هو الصوتُ الذي يموت مع أولِ صرخةٍ لضحاياه..
‏سُقط يدفن في ليل نفسه،
‏ولا يُولدُ إلا في صمت النسيان.. 
والملعون من أهل الأرض، هو الذي يموت..
والصاعد إلى السماء، يحيا،
لأنه يحيى.


تابعنا على
تصميم وتطوير