بقلم: سلمى الورداني
ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم
تتحدث سلمى الورداني عن القصص الخيالية والعلاقات الأفلاطونية الدائمة والنهايات السعيدة التي تخلو من الرجال.
الحكاية الخيالية الحقيقية، التي لم تُكتب قط، هي أنه بمجرد أن يناسب الحذاء الزجاجي، ينتهي النوم الطويل، ويتغير قانون البلاد، فتخرج سندريلا والجميلة النائمة وياسمين لتناول الغداء يتحدثن عن وظائفهن، ويناقشن هواياتهن، ويتبادلن الملاحظات حول حياتهن الجنسية ودوراتهن الشهرية..
بعد عقود، وبعد أن طلقن جميعاً أمراءهن لأنهم، لنكن صادقين، لم يكونوا ليشاركوا في أعمال المنزل أو تربية الأطفال، وبعد سلسلة من العشاق والشركاء والعلاقات التي جاءت وذهبت من حياتهن، ما زلن يجتمعن كل أسبوع، لتكون صداقتهن هي العلاقة الحقيقية الثابتة والمستمرة في حياتهن. لو كانت تلك القصة قد حُكِيت لنا، لو كانت تلك هي الحكايات الخيالية التي استهلكناها كأطفال، لكان من الممكن أن تكون الحياة مختلفة تماماً اليوم.
لقد شكلت قصة العلاقات الرومانسية، والرجال الجذابين، والزواج، والأطفال عالمنا. وقد ساعدت هذه القصص النساء على عبور عتبات الزواج، وأبقتهن في علاقاتهن الزوجية، وساهمت في زيادة عدد سكان العالم. ومع ذلك، فإن قصة الصداقة النسائية، التي يمكن القول إنها العمود الفقري لتلك الزيجات والأطفال، هي واحدة من القصص التي أهملنا روايتها، وبهذا فقد أسأنا إلى النساء بشكل كبير.
بالطبع، لقد تناولنا الصداقة النسائية في الثقافة الشعبية، ولكن غالبًا ما تُروى كحل مؤقت قبل أن تصبح المرأة زوجة وأمًا. إنها الشيء الذي تستمتع به الشابة في العشرينيات من عمرها قبل أن تبدأ الأعمال الجادة في الحياة، وتصبح الصديقات اللائى كانت تخرج معهن مجرد ترف لا يمكن للأم تحمله.كانت إليزابيث بينيت وشارلوت لوكاس صديقتين مقربتين حتى حل دارسي وكولينز محل صداقتهما، ورغم أنني أود أن أصنف رواية «كبرياء وتحامل» على أنها رواية عن الأصدقاء، إلا أنها ليست كذلك. وكثيراً ما يُستشهد بمذكرات بريدجيت جونز كمثال للصداقة في الأدب، ولكن فكرة أن بريدجيت تهتم بأي شيء بقدر اهتمامها بالعثور على «الشخص المناسب « فكرة سخيفة بكل صراحة.
لقد تناولنا الصداقة النسائية في الثقافة الشعبية، لكن غالبًا ما تُروى كحل مؤقت قبل أن تصبح المرأة زوجة وأمًا.
بالطبع، فإن كل فيلم كرتوني من إنتاج ديزني، وكل كتاب من تأليف صوفي كينسيلا، وكل فيلم من أفلام نيكولاس سباركس يتحدث عن نقطة جانبية تتعلق بالصديق الموثوق الذي تحتاج إليه كل فتاة، ولكنها في نهاية المطاف تعمل كمؤشر للطقس، يوجه جيوش النساء والفتيات نحو الزواج.
هناك استثناءات نادرة. لقد علمتني لوسي مود مونتجمريعن جمال الصداقات النسائية وأظهرت لي كيف يمكن أن تبدو. علاقة آن وديانا هي القصة الحقيقية للحب في تلك السلسلة، بينما يُعد جيلبرت اهتمامًا ثانويًا بالحب.عندما انتهيت لأول مرة من رواية آن في المرتفعات الخضراء لأول مرة، مزقت ورقة من دفتر ملاحظاتي وكتبت نفس الكلمات التي كتبتها آن إلى ديانا:
عندما يسدل الشفق ستائره،
وتثبتها بنجمة،
تذكري أن لديك صديقة،
حتى لو كانت بعيدًا.
ذهبت فورًا إلى منزل أعز صديقاتي وألقيت الرسالة في صندوق بريدها. بالمثل، فإن العلاقة بين «يا-يا» في رواية ريبيكا ويلز هي القلب النابض للكتاب . أما الأزواج فهم مجرد فكرة ثانوية، يتم ذكرهم من حين لآخر ولكنهم لم يحظوا قط بمركز الصدارة.
لقد روت هذه الكتب قصة الصداقة بين النساء، وبهذا علمتني كيف أظهر أمام صديقاتي. ولكنني نتاج بيئتي، وفي مقابل كل مثال على الصداقة بين النساء، كنت أستهلك عشرين مثالاً عن الحب الرومانسي؛ ومثلي كمثل العديد من النساء الأخريات، وقعت في رغبة الحصول على حكاية خرافية تتضمن ماسة كبيرة، وزفافًا أبيض، وحلم ما سيكون عليه أطفالي يومًا ما.
وبعد مرور بضعة أيام على تحطم قلبي وعلاقة مسيئة، وجدت نفسي عازبة في المدينة، أتخيل وأعيد بناء حياة جديدة تمامًا لنفسي. كانت هذه الحياة ممكنة بفضل النساء الرائعات اللواتي كن بجانبي. النساء اللواتي حملنني بعد كل خيبة أمل، ومسحن الدموع من وجهي، وأطعمنني عندما لم أكن آكل، وأكدن لي أنه تحت أي ظرف من الظروف، لم يكن ذلك خطئي.
هن اللواتي ذهبن معي إلى الفراش عندما لم أستطع الخروج منه، وبكين معي عندما أجهشت بالبكاء، واحتفلن بالوظائف والترقيات وتأكدن من وصولي إلى كل وجهة بأمان. كانت صديقاتي أكثر دعمًا وثباتًا وحبًا ورومانسية من أي رجل في حياتي.
لقد كنت مصرة على أن هذه القصة لن تنتهي خلف الكواليس، بل ستكون واحدة من أسعد النهايات التي عرفتها على الإطلاق: إنهاء اليوم برفقة صديقاتك، تضحكين، تتحدثين، تبكين، تمزحين.
ليس من المفاجئ أنه عندما كتبت روايتي «هذه الأشياء المستحيلة»، كنت أرغب في كتابة قصة تكون بمثابة رسالة حب للصداقة النسائية. كنت أعلم أنه بغض النظر عن الشخصيات التي تقع في الحب أو تتزوج، فإن القصة الحقيقية للحب ستكون بين النساء. كنت مصممة على أن هذه القصة لن تنتهي خلف الكواليس، بل ستكون واحدة من أسعد النهايات التي عرفتها: إنهاء اليوم برفقة صديقاتك، تضحكين، تتحدثن، تبكين، وتمزحين.
بصفتي راوية قصص، فأنا مدركة تمامًا لكيفية جعل قرائي يشعرون، ورغم أن إنهاء رواية بشريط تقليدي وكعكة زفاف قد يبدو جيدًا للحظة، لا أستطيع تحمل فكرة أن امرأة ما في مكان ما في العالم ستشعر بخيبة أمل أو بالفشل في حياتها لأنها لم تجد رجلًا أو لم تنجب طفلًا بعد. لن أكون السبب في شعورها بالفشل لعدم تحقيق معيار اجتماعي عفا عليه الزمن، ولنكن صادقين، ليس كافيا لنصف ما تُقدمه الصداقات النسائية.
لذا، أكتب قصصًا مختلفة. قصص عن النساء وجمال الصداقات النسائية الدائم. نساء يرغبن في المزيد من حياتهن بدلاً من قضاء أيامهن في الجدال حول من كانت آخر من أفرغ غسالة الصحون. أكتب نهايات سعيدة لا تتضمن الرجال.
أحكي قصة أتمنى أن تبدأ في تشكيل ممارساتنا الثقافية ومعاييرنا، وتذكير النساء بأن أعظم حب في حياتهن لن يكون الرجل الذي تزوجتيه أو الذي يجب أن تحصلي عليه، بل النساء اللواتي كن بجانبك طوال الوقت.