بلغَ الكيان الصهيوني من الإجرام والاستهتار والاستهانة بالمجتمع والقانون الدولي ما لم يبلغه أحدٌ من قبل، إلى الدرجة التي بات فيها رئيس وزراء هذا الكيان يوقع على قرارات مهاجمة المناطق المدنية من غرفة تابعة للأمم المتحدة في نيويورك، بل وفي هذه « الغرفة الأممية» يوقع على قرار استهداف شهيد المقاومة الأكبر السيد حسن نصر الله في الضربة الغادرة مساء الجمعة السابع والعشرين من أيلول 2024 على حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت والتي ألقت فيها الطائرات الإسرائيلية أكثر من 85 قنبلة لضمان تنفيذ الاغتيال الغادر.
حدث ذلك بعد سلسلة ذرائع كاذبة لشن سلسلة غارات بطائرات حربية تحمل صواريخ بأوزان ضخمة أدت إلى مقتل المئات وتهجير الآلاف من المدنيين وانهيار عشرات المباني السكنية على الطريقة نفسها التي شهدتها غزة في حرب الإبادة الجماعية والتي أدت خلال عام واحد إلى ما يقرب من 42 ألف شهيد ومائة ألف جريح فضلاً عن الضحايا الذين مازالوا تحت الركام ومئات الآلاف من المفقودين والنازحين والمشردين بلا مأوى ولا معين. وعلى الرغم من استمرار حرب الإبادة البشعة في غزة التي لم تتوقف حتى هذا اللحظة، لم يجد الصهاينة من يردعهم عن ارتكاب جرائم أخرى في مدن وقرى جنوب لبنان والبقاع وبيروت فقاموا بعدوانهم الواسع الغادر دون خشية أو أدنى احترام لسيادة الدول التي يفترض أنها أعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنها لبنان الذي يُعَد من الدول المؤسسة لهذه الهيئة الدولية، ومن الموقعين على ميثاقها منذ العام 1945 أي قبل إعلان تأسيس الكيان الصهيوني بثلاثة أعوام، ومع ذلك يقف نتنياهو على منصة الأمم المتحدة متباهياً بجرائمه وحاملاً معه صوراً يعرضها على رؤساء وأعضاء الوفود، للدول التي يرى أنها تمثل الشر والارهاب، والدول التي يرى أنها تمثل الخير والنعمة والاستقرار، وكأنه يريد أن يرسم معالم المنطقة التي يطلقون عليها الشرق الأوسط الجديد الذي يتسيده الكيان الصهيوني الارهابي بلا معارض ولا معترض ولا مقاوم يدافع عن أرضه وشعبه وحاضره ومستقبله.
إن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومعها مجلس الأمن الدولي، أصبحا في وضع محرج وصعب أمام الاستهتار الصهيوني الذي لم يجد رادعاً، يجد تشجيعاً من دول كبرى للاستمرار بنهجه الإجرامي التوسعي، مما فتح شهيته لارتكاب المزيد من جرائم الإبادة ضد المدنيين الأبرياء، والمدن المزدحمة بالسكان الآمنين في بيوتهم، والتوجه أخيراً لجرائم الاغتيال وهي من الجرائم التي يحرمها القانون الدولي بحسب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وقبلها اتفاقية لاهاي لعام 1907 التي تحظر مادتها الخامسة والعشرين مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية أياً كانت الوسيلة المستعملة، فكيف إذا كانت الوسيلة عشرات القنابل من وزن 2000 رطل ؟!. وكيف إن تم التوقيع على قرار الاغتيال لشخصية غير اعتيادية مثل شهيد المقاومة الأكبر من « غرفة أممية «، وخلف كواليس منبر يتزاحم عليه زعماء العالم لعرض رؤاهم عن عالم أكثر أمناً وسلاماً واستقراراً ؟. وكيف تكون المسخرة الأممية إلَّا بمثل هذا المشهد العبثي الساخر الذي يحدث في أروقة الهيئة التي سلمها العالم مصيره ؟. ومتى يأتي خروتشوف جديد ليرفع حذائه وهو على طاولة وفد بلاده في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 احتجاجاً على خطاب رئيس بعثة أحدى الدول المشاركة في الاجتماع ؟. متى يجرؤ أحدهم على رفع الحذاء بوجه الإرهابي الدولي نتنياهو صاحب السجِّل الإجرامي الذي يُعد من أكبر سجلات الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب في تاريخ البشرية ؟! .