رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
مجرم حرب بالكونجرس.. وأمل في الفصائل


المشاهدات 1264
تاريخ الإضافة 2024/07/29 - 9:56 PM
آخر تحديث 2024/10/29 - 6:46 AM

كما قالوا قديماً ويقولون «على عين التاجر»، بما يعني وضوح الأمور أمام الجميع، وضوحًا بلا أي التباس. وهناك مشهدان واضحان بهذه الصورة والهيئة لا ثالث لهما، مشهد استمرار القتل والتجويع والتهجير والتدمير والإبادة وظهور الأوبئة وبدء انتشار فيروسات أمراض خطرة جراء الحرب الغاشمة غير العادلة في قطاع غزة المنكوب، تلك الحرب التي تدخل شهرها العاشر، وقد استخدم فيها الاحتلال جميع الوسائل المحرمة لإبادة المدنيين من السكان، واستهدف البيوت والأحياء السكنية، والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء. 
ولا ينافس هذا المشهد سوى ما نراه من دعم أمريكي غير محدود وغير مشروط ودون أي قيود للكيان المحتل الغاصب، وفي الوقت الذي يشهد متغيرات على مدار الساعة حول مارثون وصراع الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر المقبل، وهذا التراشق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وسجالات السباق بين ترمب العائد وكامالا هاريس نائبة بايدن الذي انسحب لتكمل نائبته المسيرة، نجد سباقًا محتدمًا واستطلاعات رأي بين الشباب والنساء والولايات المختلفة ومناظرات ومؤتمرات صحفية يتهم فيها كل مرشح الآخر بالفشل وأنه سيتسبب في حال في فوزه في ضياع أمريكا. لكن مع كل هذا التنافس والاختلاف بين المرشحيْن، يبقى أمر واحد مُتفقًا عليه، ويحاولُ كلاهما إثبات القدرات والمهارات في تحقيقه، ألا وهو ضمان أمن وبقاء إسرائيل، لأن ذلك ـ بعيدًا عن المواطن الأمريكي، والاقتصاد الأمريكي، ومستقبل أمريكا وغيرها من آمال شعب الولايات المتحدة ـ هو المحك والأصل في وجود أي مرشح على كرسي الرئاسة الأمريكية، أمن وبقاء إسرائيل والعمل على زيادة مكتسباتها ولو دون أي حق، وفي مقابلة له اعترف بايدن صراحة بأنه صهيوني، وقال للمحاور «ليس من الضروري أن تكون يهوديا لكي تكون صهيونيا»، كما قالت نائبته هاريس المرشحة للرئاسة، إنها سعيدة باللقاء مع نتنياهو، وأكدت له دعمها لإسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، وتعمل مع بايدن كل يوم لإعادة الرهائن، وأن التزامها راسخ تجاه إسرائيل وأمنها، أما ترمب فيكفي من مواقفه الكثيرة في السياق قوله إن إسرائيل تريد مواصلة الحرب ويجب أن نتركها تفعل ذلك حتى تتمكن من إنجاز مهمتها، وفي الوقت الذي ارتفع فيه علم فلسطين أما مبنى الكونجرس وتم حرق العلم الأمريكي وعلم الكيان المحتل من قبل محتجين على خطاب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس، وإعلان أعضاء من الحزب الديمقراطي مقاطعتهم لهذا الخطاب، ورفع الشعارات المطالبة باعتقال نتنياهو وكل مسؤول عن الحرب على غزة. غير أن نتنياهو وقف يخطب في أعضاء الكونجرس الذين صفقوا له، نحو 80 مرة خلال خمسين دقيقة، تصفيقا حارًا وهو يلقي أسوأ خطاب بشهادة الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، بينما رُفعت لافتة «مجرم حرب» في وجه نتنياهو من قِبل النائبة رشيدة طليب وهي من أبرز المدافعين عن حقوق الفلسطينيين ومن أبرز المناهضين لعدوان الاحتلال وسياساته ضد شعب فلسطين سواء  في أو قطاع غزة أو بالضفة الغربية.
وبين هذين المشهدين رغم جسامة الموت المستمر والدمار المستمر، سنجد أن هناك مكتسبات مهة جدا على المستوى النظري قد تحققت، منها الإدانات الدولية للكيان المحتل وثبوت جريمة الإبادة الجماعية، ومنها التفاف شعوب العالم بعيدًا عن الحكومات حول القضية الفلسطينية، وقد انتشر نداء فلسطين حرة بجميع اللغات، ومنها اعتراف دول جديدة ومنها في الاتحاد الأوربي بدولة فلسطين، ومنها ما هو مستمر كالجهود المبذولة والموقف المصري من القضية والتمسك بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المنتزعة منهم منذ 76 عامًا، ووجود إجماع عربي ودولي على ضرورة حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيه 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهي المطالب والمواقف التي اكتسبت انحيازات وتأييد دولي، ينتظر أن يجد تفعيلًا على أرض الواقع وإحالة الأمر من المستوى النظري إلى الواقع المستحق، خصوصًا بعد وضوح مماطلات نتنياهو لإطالة أمد الحرب، والتي يتذرع بها خوفًا من مواجهة مستقبله في الداخل الإسرائيلي، فتسمع عن ترحيب بمفاوضات لوقف إطلاق النار على الأبرياء في غزة، ونُفاجأ ببنود إسرائيلية من شأنها التعجيز وإطالة أمد الحرب، وفي الوقت الذي تتمسك فيه مصر بحتمية الانسحاب الإسرائيلي الكامل من محور فيلادلفيا، يخرج مقترح من الكيان بضمان بقاء جيشه في المحور، وغيرها من البنود المُفسدة لأي اتفاقيات، فيما يوضح بجلاء نية إسرائيل وسيدتها واشنطن في نهب الشرق والمنطقة من خلال هذا الوجود في الأراضي المحتلة.
وهنا يبرز في السياق المشتعل مشهد على درجة كبرى من الأهمية، وهو  هذا الحوار سعت وعملت مصر عليه كثيرًا بأن تجتمع الفصائل الفلسطينية في قبضة واحدة بوجه الكيان وداعميه، إلى أن استضافت الصين حوارًا جادًا ومهما بين الفصائل، والتحرك باتجاه تشكيل حكومة وفاق وطنى مؤقتة، كخطوة ضرورية، تقطع ـ أولًا ـ الطريق الذي ينتهجه الاحتلال بوجود سلاح الفرقة بين الفصائل، وثانيًا تعد خطوة مهمة للغاية، تتصدى للسيناريوهات المعلنة من قبل الاحتلال وتوهمه بملء الفراغ في غزة بعد الحرب. 
ومن هنا من تلك الحكومة المتفق عليها، والتي تنشأ بقرار من الرئيس الفلسطيني بناء على قانون فلسطيني معمول به، سوف تمارس صلاحياتها وسلطاتها على الأراضي الفلسطينية بجميع القطاعات في القدس وغزة والضفة الغربية. ولا شك بأن هذا السيناريو إذ تحقق بنجاح سيكون قيمة كبرى تُضاف وتكلل جميع الجهود بعد حرب راحت فيها كثير من الدماء وارتقى فيها عشرات الآلاف من الشهداء.


تابعنا على
تصميم وتطوير