رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
« صبات» أمريكا


المشاهدات 1335
تاريخ الإضافة 2024/04/16 - 8:14 PM
آخر تحديث 2024/05/02 - 3:08 AM

حين هبطنا في قاعدة “ اندرزو” الجوية في ولاية ميرلاند بعد رحلة من بغداد لمدة ١٣ ساعة وربع الساعة لم تكن عندي اية فكرة عن الخطوات التالية بعد الوصول. كنت ضمن الوفد المرافق لرئيس الوزراء مع مجموعة من الزملاء المحللين السياسيين وهو تقليد درج عليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في رحلاته خارج العراق. 
اول مفاجأة كنت اخترت ملابس ثقيلة بعد أن خدعني الطقس الذي كان يشير إلى ان الجو بارد في واشنطن بينما كان يشبه نوعا ما جو بغداد الذي تركته الساعة العاشرة صباحا ووصلنا بعد الظهر لأننا نسير عكس وامامنا نهار يطول بحيث وصلنا ظهرا مع ثلاث وجبات طعام. المفاجأة الثانية بالنسبة لي على الاقل حيث أزور أميركا للمرة الأولى في حياتي، ولعلها الأخيرة، هي ان العاصمة واشنطن هي عبارة عن مقاطعة مقتطعة من ولايتين امريكيتين قريبتين من بعضهما وهما ميرلاند التي نزلنا في قاعدتها الجوية وسكنا احد الفنادق الفخمة في القسم الآخر من واشنطن المقتطع من فرجينيا. 
المفاجأة الثالثة التي بدت لي اول الامر انها “ما يلبس عليها عكال” هي وجود “صبات” في امريكا. وكنت سجلت فيديو آثار جدلا واسعا في السوشيال ميديا بحيث صار “ترند” مع حملة تنمر قاسية وغير منطقية وكأنني كفرت بالعنب الأسود والتفاح الأخضر والفلفل الأسود والرقي الاحمر. بالفعل كانت هناك صبات كونكريتية في واشنطن وقطع للطرق.. ولكن اين؟ هذا هو السؤال الذي تغافل عن عمد من هاجمني، حيث أن تلك الصبات وقطع الشوارع كانت في محيط فندق “ويرلاند” المخصص لكبار رؤساء الدول ممن يزورون الولايات المتحدة الأميركية. وكون رئيس وزراء العراق أقام في هذا الفندق فقد تمت معاملته كضيف استثنائي. هذه المعلومة أثارت انتباهي فكان ذلك الفيديو الذي أشعل على مدى يومين كل مواقع التواصل الاجتماعي. بصرف النظر عن دوافع مثل هذه الحملة او سواها من الحملات الأخرى فإن اهم ما يلفت النظر هو كمية القسوة في التعبير والتوصيف بحيث تسيطر تماما نظرية القطع على جحافل الشاتمين وكأنهم ينفذون “ اوردر”. صحيح ان هناك قدرا من المعقولية في الطرح وحتى النقد او ابداء بعض الملاحظات المقبولة لكن ان يتحول الالاف بلحظات إلى أعداء مجانين لا لشيء إلا لأنهم اما ينطلقون من مقولة “ حب واحجي واكره واحجي” أو على طريقة “ حشر مع الناس عيد” بدون تدقيق او تمعن في فهم الحالة التي جرى وصفها عبر فيديو “الصبات” وكأن هذا الامر خروج عن كل قواعد المألوف. لو أردت النظر إلى الامر من زاوية الشهرة المجانية التي وفرها هذا الفيديو لي ربما لشعرت بالزهو. لكني انظر للأمر من زاوية أخرى مختلفة وهي ان لدينا أمراضا اجتماعية ونفسية في غاية الخطورة لا تحتاج إلى إبرازها عارية إلا للقطة بسيطة يمكن عابرة. من جانبي لم ارد على احد ولن ارد. فالقافلة تسير ومن يريد ان يقوم بدور “الصراخ” فهذا شأنه مع دعوة للكثيرين ممن كانوا جزءا من الزفة أن يعرضوا أنفسهم على أطباء نفسيين.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير