منظمة التجارة العالمية (WTO)، هي منظمة حكومية دولية، تنظّم وتسهّل التجارة الدولية بين الدول. وتستخدم الحكومات المنظمة بهدف وضع القواعد التي تحكم التجارة الدولية ومراجعتها وتنفيذها، إذ بدأت المنظمة عملياتها بصورة رسمية في الأول من يناير (كانون الثاني) من عام 1995 وفقاً لـ«اتفاقية مراكش»، بالمغرب لتحلّ محلّ «اتفاقية غات» التي أُبرمت عام 1948. إذ إن المنظمة هي أكبر منظمة اقتصادية دولية في العالم، كونها تضم 166 دولة عضواً تمثل ما يزيد على 98 في المائة من التجارة العالمية والناتج المحلي التجاري العالمي، وتسهل المنظمة التجارة في السلع والخدمات والملكية الفكرية بين الدول المشاركة، من خلال توفير إطار للتفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية التي تهدف، عادة، إلى خفض أو إلغاء الرسوم الجمركية وحصص التوريد والحواجز التجارية الأخرى. علماً بأنه تم توقيع هذه الاتفاقيات من قبل ممثلي الحكومات الأعضاء وتم إقرارها من قبل هيئاتها التشريعية.
خلال المؤتمر الوزاري الـ13 لمنظمة التجارة العالمية، الذي عُقد في أبوظبي بالإمارات 2024، تم إعلان دخول مجموعة من قواعد تنظيم الخدمات المحلية، حيز التنفيذ لعدد من أعضاء المنظمة. إذ التزمت 72 حكومة تمثل 92.5 في المائة من تجارة الخدمات العالمية، تنفيذ هذه الضوابط الجديدة، لتحصل تجارة الخدمات بذلك على دفعة قوية مع دخول القواعد الجديدة للمنظمة حيز التنفيذ. وتهدف هذه القواعد إلى تسهيل التجارة وتبسيطها في الخدمات، حيث أكدت أن مثل هذا التقدم يعدّ خطوة حاسمة نحو تبسيط اللوائح وتعزيز الشفافية في قطاع الخدمات سريع النمو، إذ تُشكّل الخدمات الآن ما يقرب من نصف التجارة العالمية، ما يجعلها أسرع قطاع نمواً في الاقتصاد العالمي.
وتهدف هذه القواعد الجديدة إلى تقليل الحواجز غير الضرورية التي تخلقها الإجراءات المتعلقة بالترخيص والمؤهلات والمعايير الفنية لمقدمي الخدمات، وتعزيز الشفافية من خلال ضمان وضوح اللوائح والإجراءات وسهولة الوصول إليها، وتشجيع الإجراءات الفعالة التي تتجنب التأخيرات والأعباء غير الضرورية للشركات، كما تُسهم في تقليل تكاليف التجارة وزيادة الكفاءة وتعزيز التنافسية والابتكار في قطاع الخدمات، وتحقيق نمو اقتصادي أكبر للدول الأعضاء.
دخلت اللائحة الداخلية للخدمات أخيراً إلى قواعد منظمة التجارة العالمية. لقد عمل الأعضاء بجد لدمج هذه اللائحة في أنظمتهم الوطنية، إذ إن الخدمات هي مستقبل التجارة، وأكبر مصدر للناتج وتشغيل العمالة، خصوصاً بالنسبة للنساء والشباب، حيث إن التكنولوجيا تعمل على جعل مزيد من الخدمات قابلة للتداول، حتى إنها أصبحت في السنوات الأخيرة، المحرك الأكبر للنمو التجاري، ودخول ضوابط اللائحة الداخلية للخدمات حيز التنفيذ. إذ إن هذه الضوابط تسهم في تعزيز الشفافية والقدرة على التنبؤ وكفاءة إجراءات الترخيص، بهدف تسهيل وتعزيز الخدمات التجارية.
وسيؤدي تنفيذ هذه الممارسات إلى تقليل الروتين بشكل كبير وتسهيل تجارة الخدمات، علماً بأن اللوائح التنظيمية المحلية للخدمات، تكتسب مقداراً كبيراً من الأهمية، كون الخدمات جزءاً أساسياً كبيراً من ازدهارنا المستقبلي، الذي سيعتمد على تصدير الخدمات، وكون إجراءات الترخيص والتأهيل يجب ألا تكون صعبة.
لقد كانت المناقشات الخاصة بآلية تسوية النزاعات التجارية واستعادة محكمة الاستئناف العائق الرئيسي أمام أعضاء المنظمة، خصوصاً بعد تصاعد الخلاف بين بعض أعضاء المنظمة. ورغم العقبات التي واجهت المفاوضات، فإن المؤتمر استطاع التوصل لعدد من الاتفاقيات التجارية وتحقيق بعض النجاحات. كما وافق وزراء التجارة بالإجماع على ضم دولتي جزر القمر وتيمور الشرقية إلى منظمة التجارة العالمية في اليوم الأول من فعاليات المؤتمر، ليصل إجمالي أعضاء المنظمة إلى 166 دولة.
وشهد المؤتمر الوزاري دخول ضوابط جديدة بشأن التنظيم المحلي للتبادل التجاري الخاص بالخدمات، التي من شأنها خفض تكاليف التجارة بما يزيد على 125 مليار دولار في جميع أنحاء العالم. وصُممت هذه المبادرة المشتركة بهدف تسهيل تجارة الخدمات من خلال تبسيط الإجراءات التنظيمية وبالتالي خفض تكاليف التجارة، وقوبلت بدعم من 72 عضواً في منظمة التجارة العالمية. ويُتضمن هذا الالتزام الأول من نوعه في اتفاقية منظمة التجارة العالمية.
وفي هذا المؤتمر المهم، تم إعلان تمديد وقف فرض الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية، حتى انعقاد المؤتمر الوزاري الـ14 للمنظمة في عام 2026. ويعد هذا القرار أحد أهم إنجازات الدورة الحالية من المؤتمر الذي شهد مفاوضات موسعة في عدد من القضايا الرئيسية التي تشكّل مستقبل التجارة العالمية، وتمديد الإعفاء المؤقت من بعض أحكام اتفاق الجوانب التجارية ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية، لتمكين الدول النامية من زيادة قدراتها على زيادة إنتاجها من اللقاحات لمكافحة جائحة كورونا والجوائح المستقبلية.
و تناولت المناقشات تمديد الإعفاء المؤقت من بعض أحكام اتفاق الجوانب التجارية ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية، لتمكين الدول النامية من زيادة قدراتها على زيادة إنتاجها من اللقاحات لمكافحة الجوائح المستقبلية، وتمديد وقف فرض الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية حتى انعقاد المؤتمر الوزاري الـ14 للمنظمة في 2026، وتمثل قوانين الملكية الفكرية 90 في المائة من الحواجز غير الجمركية أمام التجارة، ولذلك سيفيد القرار الدول الأقل نمواً بشكل كبير.
و في الختام، أكد المؤتمر، على المبادئ الرئيسة والأساسية لمنظمة التجارة العالمية، والتطرّق إلى بعض الملفات المهمة للمرحلة المقبلة، بما يحقق نظاماً تجارياً عالمياً أكثر شمولية واستدامة وازدهاراً، بما يدفع مسيرة النمو الاقتصادي العالمي، إذ تضمنت مخرجاته، الاتفاق على خريطة طريق لإصلاح منظمة التجارة العالمية وتسوية المنازعات، إضافة إلى تمديد رسوم التجارة الإلكترونية لمدة عامين، كما تم التطرّق إلى موضوع التنمية الذي يمس بشكل مباشر الدول النامية والأقل نمواً حول العالم، وتمديد وقف فرض الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية حتى عقد المؤتمر الوزاري الـ14 للمنظمة في عام 2026. ويُعدّ هذا القرار إنجازاً مهماً للمؤتمر الوزاري الذي شهد مفاوضات موسعة في عدد من القضايا الرئيسة التي تشكل مستقبل التجارة العالمية، والتي تشمل قواعد عالمية جديدة لتنشيط تجارة الخدمات.
نقلا عن « الشرق الاوسط «