رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
صحفيو السودان.. احتجاجات لا تنتهي


المشاهدات 1326
تاريخ الإضافة 2021/09/15 - 5:28 PM
آخر تحديث 2024/04/05 - 10:01 PM

الخرطوم/متابعة الزوراء:
مع اتّساع هامش الحرية الصحفية، بعد عامين على نجاح الثورة في العام 2019، يواصل الصحفيون السودانيون رحلة كفاحهم واحتجاجاتهم، لتثبيت ركائز الحرية تلك، وانتزاع ما تبقى من حقوق. آخر تجليات تلك الاحتجاجات موقفهم الصارم، في الأسابيع الماضية، تجاه الاعتداء على زميلهم الصحفي علي الدالي من قبل عناصر تابعة للاستخبارات العسكرية، حيث قرر الصحفيون بالإجماع مقاطعة أخبارالجيش كلياً لمدة 3 أيام، مع تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مجلس الصحافة والمطبوعات وأخرى أمام مجلس الوزراء، مطالبين بضمانات أكبر لحماية الصحفيين في المستقبل. وتأخذ احتجاجات الصحفيين حالياً أشكالاً أخرى، منها مساندة زملائهم الذين تعرضوا لملاحقات قضائية، مثل ما حدث مع الصحفية سعدية الصديق، التي ألقت نيابة المعلوماتية القبض عليها عطفاً على نشرها موضوعاً بصحيفة «التيار»، وكذلك ما حدث للصحفي بصحيفة «الحداثة» راشد عبد الوهاب، الذي ألقت نيابة الصحافة والمطبوعات القبض عليه في بلاغ جنائي من شرطة ولاية الخرطوم بعد تغطيته لموكب احتجاجي في المدينة. 
ولم تتوقف الاحتجاجات على حجب المعلومات عن الصحافة عن قصد أو بدون قصد. ويقول كثير من الصحفيين السودانيين إنه كثيراً ما تُغلق الأبواب في وجوههم، وأن بعض المسؤولين يصرحون لقنوات وصحف أجنبية أكثر من الحديث لوسائل الإعلام المحلية، ويشددون على تعديل التشريعات بما يلزم كل المسؤولين بتمكين الصحفيين من الحصول على المعلومات، إلا تلك المصنفة بالسرية بموجب قانون. وأصدرت عدة أجسام صحفية بيانات حذرت فيها من عودة الممارسات ذاتها التي كان يقوم بها النظام السابق، كما أعلنت رفضها لقانون المعلوماتية الموروث من النظام السابق والذي «يكرس للقمع، ويعمل على إسكات الصحفيين، ومنع حرية التعبير»، طبقاً لبيان صادر عن شبكة الصحفيين السودانيين.
قناة «أم درمان» المملوكة لحسين خوجلي المحسوب على النظام السابق، عبرت عن احتجاجها بطريقة مختلفة، حينما توقفت عن البث وأغلقت أبوابها، مشيرةً في بيان لها، الأسبوع الماضي، إلى أن المناخ السياسي والاقتصادي والإعلامي في السودان ما عاد يسمح بالعمل الإعلامي، وأوضحت أنها «ظلت تعاني منذ 3 سنوات من مقاطعة رسمية في مجال الإعلان والرعاية وخدمات الإنتاج من خصوم يجيدون الحديث عن الحريات جهراً ويغتالونها سراً»، على حد ما جاء في بيانها.
وداخل المؤسسات الصحفية نفسها، يدور احتجاج مستمر على تردي بيئة العمل وضعف الأجور، خاصة إذا ما قورنت بالوضع الاقتصادي المتدهور وغلاء أسعار معظم السلع والخدمات. وبرزت أصوات صحفية تنادي بتحسين الأجور وتطوير بيئة العمل على أن يُضمّن ذلك ضمن قانون الصحافة والمطبوعات الذي يجري الإعداد لإجازته.
في السياق ذاته، يقول الصحفي عمرو شعبان، السكرتير العام للجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين، وهو جسم نشأ بعد الثورة، إن الصحفيين تمتعوا بعد الثورة بنسبة كبيرة من الحرية، لكن هناك ممارسات قديمة كان يقوم بها النظام البائد لا تزال مستمرة، مثل تعطيل أعمال الصحفيين، والاعتداء عليهم، والحد من حرياتهم، مع وجود تقاطعات كبيرة في القوانين التي تحكم عمل الصحافة، مثل قانون الصحافة والمطبوعات وقانون المعلوماتية والقانون الجنائي. يضيف شعبان، أن المناخ الصحفي الحالي يرتبط بشكل أساسي صعوداً وهبوطاً، باستيعاب الجهاز التنفيذي بمكونيه العسكري والمدني لوضع الإعلام وأهمية دوره في المرحلة الانتقالية، وحساسية عدم التدخل في العمل الإعلامي، وتجاوز عقلية التحكم الموروثة من العهد البائد، مشيراً إلى عدم وجود إطار متفق عليه بين الحكومة والمجتمع الصحفي حول تعريف الأمن القومي، وهي واحدة من الإشكالات الحالية التي يتم توظيفها في بعض الأحيان من قبل السلطة. ولا يستبعد شعبان عودة الصدام بين الحكومة والصحفيين في أي لحظة، إذا ما تصاعدت وتيرة محاولات تعطيل الصحافة وملاحقة الصحفيين وتجاوز دورهم في عكس قيم الثورة ومراقبة الحكومة إذا تجاوزت قيم الثورة، كما يحذّر من بروز الصدام والعودة لكل أشكال الاحتجاجات، بما في ذلك التظاهر والوقفات الاحتجاجية، والإضراب عن العمل، وحتى الإضراب عن الطعام، إذا استمر تدخل الحكومة ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران في العمل النقابي، استناداً إلى قانون الاتحادات المهنية 2004 المعيب.
أما الصحفي وليد النور، فيرى أن حرية الصحافة في السودان تمر بأفضل حالاتها بعد نجاح الثورة السودانية، مستشهداً بعدم صدور قرار حكومي مطلقاً بتوقيف أو مصادرة أي مؤسسة صحفية، أو حظر النشر في أي من القضايا مهما كانت درجة حساسيتها، مبيناً أن المناخ الحالي مؤاتٍ تماماً لممارسة مهنية مستقلة، وأن ما ينقص ذلك هو توفيرالمعلومات لتمارس الصحافة مهمتها في عكس الواقع والتوعية والمراقبة، كما أكد أن الصحفيين السودانيين قادرون على التعبير عن أنفسهم والدفاع عن حقوقهم بكل السبل متى ما تطلب الأمر. وينبّه النور، إلى وجود حاجة ملحة لتجويد الأداء بزيادة جرعات التدريب للصحفيين وتبادل الخبرات، والالتزام أكثر بكل القيم المهنية، وتطوير المؤسسات الصحفية، حتى يكتمل دور الصحافة. كما أشار إلى انشغالات أخرى للصحفيين، من بينها واقع الأجور الضعيفة وهضم حقوقهم وعدم وجود تأمين صحي، وفي بعض المؤسسات عدم وجود تأمين اجتماعي، رافضاً بشدة مزاعم وجود تضييق إعلاني على وسائل الإعلام.
أما رئيس تحرير صحيفة «آخر لحظة» السابق أسامة عبد الماجد، فيشير من جانبه إلى أن المحك الحقيقي الذي تواجهه الصحافة هو تجاهلها من الجانب الحكومي وعدم الالتفات لما تكتب ولما تؤشر إليه من مواطن خلل، لافتاً إلى أن ذلك يحدث رغم الحديث المتكرر للمسؤولين الحكوميين، بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، عن أهمية الإعلام في الفترة الحالية. ويضيف عبد الماجد، أن تعدد مراكز القرار في الحكومة في حد ذاته يقف كمشكلة من المشكلات التي تواجهها الصحافة والإعلام عامة، حيث يظهرتضارب كبير في معلوماتها. كما يؤكد عبد الماجد وجود إقصاء ناعم للكتاب والصحفيين المحسوبين على النظام السابق الذين غابوا أو غيبوا خلف الكواليس عن المشهد الصحفي كلياً، مرجحاً أن سبب ذلك يعود إلى أن إدارات الصحف الحالية أو بعض منها لا تريد الدخول في حرج مع مؤسسات الدولة في الوقت الراهن.


تابعنا على
تصميم وتطوير