عندما تحجب الشمس بغربال التبرير
المشاهدات 1014
تاريخ الإضافة 2018/07/02 - 8:02 PM
آخر تحديث 2024/12/17 - 3:59 AM
[caption id="attachment_157737" align="aligncenter" width="277"]
احمد الجنديل[/caption]
يحتاج الحديث عن الازدواجية والكيل بمكيالين وسياسة اللعب على الحبال التي يشهدها العالم اليوم الى تحريك الذاكرة وعرض شريط الاحداث والنظر اليه بعين محايدة بعيدة عن العواطف الساذجة .
منذ خروج العالم من الحرب الكونية الثانية و كلما اهتز الحكم في بلد ما من البلدان الموالية للمنتصرين ، هرع الأخوة من ولي الأمر إلى إشهار البطاقة الحمراء بوجه الجميع ، وارتفع الصراخ بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ، واحترام الحكومات الشرعية ، والدفاع عن الحكومات المنتخبة ، والخضوع لسيادة الدستور ، وتقديس رغبة الشعوب في تقرير مصيرها .
وكلما أصيب الوضع السياسي لبلد ما بوعكة صحية ، هبّ النشامى من قادة الدول الصديقة والشقيقة التي لها مصالحها هناك باتهام أعدائهم بأن ما حصل هو استهداف سياسي يراد منه إيقاف عجلة العملية السياسية القائمة على أسس الديمقراطية من أجل تحقيق الأماني للشعوب المظلومة .
الجميع يضع خلافاته جانبا عندما يتعرض نظام للخطر من أجل الشعب ، وتبدأ الاجتماعات السرية والعلنية تتواصل وهي تضع الشعب في المقدمة ، ومع كل حدث تزدهر أسواق شعارات الديمقراطية والحرية والشرعية والعدالة ، ويرتفع صوت الحكومة المنتخبة يهدد وينذر الجميع من الاقتراب إلى العرش المقدس .
كل الحكومات تتحدث عن الشعوب ، وكل الشعوب تعاني من الذل والاهانة والتهجير والتهميش ، وتتحول إلى جيوش من العاطلين ، يدفعهم الإحباط إلى رمي أنفسهم في بطون البحار ، لعلهم يجدون بارقة أمل لحياتهم البائسة .
أصحاب العروش يخونون الأمانة ، والشعوب تجتر الهزيمة ، وما بين الشعار المغشوش والشعب المهروش تظهر لنا حقيقة مفادها أن الضمير الإنساني في خطر ، وهو يعاني في الكثير من الأحيان من حالات الغيبوبة على سرير الإنسانية المتهالك ، وأن الشعوب هي الضحية الأولى لأطماع من يهتف باسمها ويتاجر بمصالحها ، وأن الكثير يخاف من اليوم الذي يستيقظ هذا الضمير ليعيد للإنسانية بريقها وتألقها .
الجميع يتحدث عن الشرعية في عالم لا شرعية فيه ، وكل الشعوب تستقبل كل صباح أزمات لا ناقة لها فيها ولا جمل ، والدنيا أصبحت تيسير على منهج الكذب بين الحكومات وشعوبها ، والذي دفع بالدول القوية إلى اعتماد مبدأ الوصاية على غيرها من الدول الأخرى ، وتدخلها السافر في شؤونها .
نحن أمام عالم لا يميز بين هديل الحمام ونعيب البوم إذا ما وضعت أفعاله في ميزان العدل ، وعالم بلا عدل لا يمكن أن يسير إلا باتجاه شريعة الغاب ، وشريعة الغاب لا تحقق مصالح الشعوب ولا تعترف بها ، ولا تحترم قيمة الإنسان الذي يعتبر المؤسس الحقيقي لبناء الحياة الحرة الكريمة التي يسعى الجميع إلى تحقيقها .
إلى اللقاء .