إضراب النقابات المهنية والعمالية الأردنية على قانون الضريبة هو استفتاء شعبي على عدم صلاحية الحكومة
أراء
أضيف بواسطة zawraa
الكاتب
المشاهدات 1198
تاريخ الإضافة 2018/06/04 - 4:13 PM
آخر تحديث 2025/12/06 - 6:29 PM
[caption id="attachment_155301" align="aligncenter" width="300"]

أحمد عبد الباسط الرجوب[/caption]
لم تستطع الحكومة الاردنية ثني النقابات المهنية عن الاضراب الذي نفذته يوم الاربعاء 30 مايو / أيار 2018 وأخذت النقابات المهنية المبادرة بالدعوة إلى إضراب الاربعاء، تبعتها النقابات العمالية والأحزاب الأردنية، قبل أن ينضم أعضاء من مجلس النواب إلى اعتصام أمام مجمع النقابات المهنية في منطقة الشميساني وسط العاصمة عمّان احتجاجا على مشروع قانون الحكومة الجديد الذي يوسع نطاق الشرائح المشمولة بضريبة الدخل بمقدار الضعف، فيما أغلقت آلاف المحلات التجارية أبوابها وخرج آلاف العاملين في القطاعات الطبية والفنية والتجارية في مواقع مختلفة منددين بالقرار الرسمي ويعتبر هذا الاضراب هو الاول من نوعة الذي تدعو له النقابات المهنية ، ويعتبر الإضراب هو الاحتجاج الأكبر منذ احتجاجات الربيع العربي في البلاد ضمن إجراءات تصعيدية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي يتضمن رفع الضرائب على المواطنين ومختلف القطاعات الاقتصادية وشمل الإضراب محافظات المملكة كافة، فيما احتشد الآلاف أمام مجمع النقابات المهنية وسط العاصمة يهتفون بإسقاط الحكومة والنواب..
لقد اتى الاضراب الذي نفذته النقابات بعد رفضها لمناقشة القانون مع رئيس الوزراء الملقي، حيث كانت النقابات قد سلمت الملقي مذكرة طالبته فيها بسحب القانون الذي دفعت به الحكومة إلى مجلس النواب قبل نحو 10 أيام فيما أبدى الملقي تشدداً في سحب هذا القانون، حيث اشار رئيس الحكومة بأنه يمثل أحد الحلول للمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الأردن خاصة عجز الموازنة…
ولتوضيح البعد السياسي عن هذا الاضراب، فإنه من المعلوم ان النقابات المهنية تضم بين جنباتها (16 نقابة) تضم مئات الالوف من الاعضاء وقد يصل الرقم الى ما يزيد عن (300 الف منتسب) وهو رقم ليس بالسهل اذا ما اضفنا اليه اسرهم والمؤسسات التي يعملون بها وفي المحصلة غالبية الشعب الاردني ، اي ان هذه النقابات محرك سياسي واجتماعي ليس من السهل تجاوزهم في ارائهم او مطالبهم لانهم ببساطة المثقفين والعلماء في المجتمع الاردني ومن كافة الاختصاصات وبالتالي تجاوزهم لم يكن بالامر السهل التمادي عليه او المرور عنه لاي سبب تذرعت به الحكومة.
إن المتابع لمجريات الاضراب والاستجابة الممتازة من النقابيين والشعب بمختلف فئاته جاءت في شكل تاريخي وغير مسبوق بما يوحي بأن الأمور قد وصلت الى الحواف الخطرة وهى تمثل رسائل سياسية سواء على المستوى الداخلي او الخارج نوضحها كما يلي:
اولا : داخليــا
رسالة مباشرة للقيادة لعلها تستجيب وتسارع في المبادرة والايعاز للحكومة بسحب القانون تلبية لرغبة المواطنين ..
اظهرت النقابات صلابتها وقوتها في تبنيها طرح الهم الشعبي وقضايا الوطن، وفي هذا الاتجاه فقد تقدمت على الدور المنوط بالنواب والاحزاب السياسية التي كثيرا ما تكون بدور المتفرج واصدار البيانات السياسية التنظيرية لذر الرماد في العيون…
عدم قدرة الحكومات الاردنية من الان فصاعدا التمترس خلف قراراتها التي تمس الشعب الاردني بخلاف تعاملها مع مجلس النواب الذي يقايض دوما مواقفة من مشاريع الحكومة مقابل مكاسب شخصية او الى دوائرهم الانتخابية..
رسالة قوية للاحزاب الاردنية بأن اتركوا المجال في هذه القضية للنقابات المهنية بعد فشلكم لعشرات السنين وخاصة الاحزاب الاسلامية او الايدولوجية وخاصة اليسارية..
اظهرت الالتزام النقابي المهني لاعضاء النقابات بما دعت اليه النقابات للاضراب السلمي وكلمة ” لا ” للحكومة وأمام تهديد وزير الإعلام الأردني بتطبيق نظام الخدمة المدنية الذي يمنع الموظف في القطاع العام من المشاركة في الإضراب، مما اعتبره ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بأن «الترهيب» الحكومي شكّل حافزاً لهم للمشاركة في الإضراب بفاعلية أكبر…
إضراب النقابات المهنية وانضمام النقابات العمالية اليها وكذلك الأحزاب الأردنية وبعض اعضاء مجلس النواب هى رسالة قوية بأن الأردنيين قادرين على الرفض والاحتجاج وإثبات كلمتهم كما يعتبر استفتاء شعبي على عدم صلاحية الحكومة..
ثانيا : خارجيــا
رسالة قوية للاشقاء العرب وخاصة تلك التي كفت يدها عن تقديم الدعم للاردن ، وهى اشارة الى انها لن تكون في مأمن لو تعرض الاردن لا سمح الله الى وضع من شأنه الانفلات او عدم الاستقرار .
رسالة قوية الى بنك النقد (النكد) الدولي الذي يريد فرض شروطة على الحكومة في سبيل تقديم تسهيلات مالية وهو ما يوحي بان الشعب الاردني اصبح غير مدجن على الاخذ بقرارات هذا البنك الاستعماري اللعين..
رسالة قوية امام تقلبات الرأي الاميركي (حمّال الاوجه) وبخاصة في حقبة (المغرد تاجر العقارات ترامب) ، وهو ما يبعث مجددا بأن الاردن هو «صرة» المنطقة وقطب الرحى فلا استقرار بالشرق الاوسط الا باستقرار الاردن…
وكانت الحكومة على لسان الناطق الاعلامي لها قد وصف في وقت سابق قانون الضريبة بأنه قانون اصلاحي، مشدداً على أن أعداء القانون «هم المتهرّبون ضريبيّاً» والذين «لن يألوا جهداً لتعطيله وسيعملون على التجييش ضدّه» ، والمفارقة انه يعمم على الجميع الملتزمين وغير الملتزمين وبالتالي فإنه يلحق الضرر بدافعي الضرائب الملتزمين ويزيد من الاعباء عليهم… يشار الى ان الحكومة قررت فرض ضريبة تصاعدية على إعفاءات الأفراد والأسر، بعد خفض قيمة الإعفاءات إلى 8 آلاف دينار للفرد، و16 ألف دينار للأسرة سنوياً. ووفق القانون الجديد، فإن كل من يتجاوز دخله، سواء كان فرداً أم أسرة، لقيمة الإعفاءات، سيخضع لضريبة تصاعدية تبدأ من 5 في المائة، وتصل إلى 25 في المائة على كل 5 آلاف دينار أردني سنوياً تتحقق كزيادة على القيمة المقررة من إعفاءات. وأعلنت الحكومة أن القانون الجديد سيحقق دخلاً إضافياً للخزينة العامة بواقع 300 مليون دينار. وفي السجال المحتدم محليا وعلى ضوء موقف النقابات المتشدد ازاء سحب هذا القانون فقد منح مجلس النقابات المهنية الحكومة الأردنية مهلة جديدة لا تتجاوز الأربعاء المقبل 6 يونيو / حزيران 2018 لسحب مشروع قانون ضريبة الدخل الذي أقرته أخيراً، كما جدد مجلس النقباء دعوة الفعاليات النقابية والشعبية إلى إضراب جديد الأربعاء المقبل 6 يونيو / حزيران 2018 ، كما أعلنت النقابات عن تنفيذ وقفة احتجاجية نقابية بعد انتهاء المهلة، والمطالبة برحيل الحكومة في حال لم تستجب لمطالب النقابات..
ختاما لقد سبق وان نبهنا الحكومة في مقال سابق وعبر هذا الموقع الزاهر حول الوضع الاقتصادي المتدهور وتبعياته على مناحي الحياة في البلاد ووضعنا لها العديد من الحلول الا انها كعادتها تصم اذانها لأي راي وكأن الفريق الاقتصادي لديها هم من عباقرة خلق الله، ولم نر انجازات مهاتير محمد ولا غيرة من اصحاب المدارس في الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي.
صحيح ان بلادنا في ضائقة اقتصادية تستوجب الاصلاح المالي والاقتصادي ولكن بالحوار والرأي والرأي الأخر، وهنا اوجه ندائي الى دولة السيد هاني الملقي فالامر الان بيدكم ولا غيركم لسحب هذا القانون المشؤوم من مجلس الامة استجابة لمطلب الشعب والعودة الى الحوار مع جميع الفصائل لايجاد البدائل بالحوار والاستماع الى جميع الاراء والافكار من مختلف المكونات السياسية للحفاظ على لحمة الوطن..
الامر جلل ولدينا خلل والصبر ملل ونحن مستهدفون وعلى المحك من الشقيق والعدو، حدودنا الشمالية على وشك الانفجار والقوى العظمى تحيك بافعالها شرا مستطيرا من حولنا … الحذر الحذر.!.