رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عناصر الخلق الشعري في بنية محْكَمةفي المجموعة الشعرية ( حقيبة الروح ) للشاعرة د. تحية النقيب


المشاهدات 1231
تاريخ الإضافة 2018/02/20 - 4:42 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 1:08 AM

[caption id="attachment_152245" align="alignnone" width="225"]عناصر الخلق الشعري في بنية محْكَمةفي المجموعة الشعرية  ( حقيبة الروح ) للشاعرة د. تحية النقيب عناصر الخلق الشعري في بنية محْكَمةفي المجموعة الشعرية
( حقيبة الروح ) للشاعرة د. تحية النقيب[/caption] ناهض الخياط نشرت الشاعرة د. تحية الخطيب هذه المجموعة في مدينتها البصرة عام 1987م خلال الحرب الضروس التي دارت رحاها بين إيران والعراق ، وكانت الشاعرة شاهدا مرهفا واعيا لأسبابها ونتائجها المدمرة ، ليخرج منها البَلدان ( لا غالب ولا مغلوب)، بل الغالب الرابح من خسائرهما الهائلة، هم، تجار الحروب ! لقد قدّم الناقد الراحل ( عبد الجبار داود البصري ) لها ، مشيرا إلى ما تميزت به من معطيات تضعها في المرتبة التي تستحقها في الشعر الحديث . ومما قاله عنها : ( بعض هذه الباقة موزون ، والكثير منها يفتقر إلى الوزن والقافية ، ولكنه لا يفتقر إلى الموسيقى والإيقاع ، فقد اختيرت ألفاظها بدقة ، وصيغت عباراتها صياغة جيدة ) . لقد تمثلت في مجموعتها عناصر الخلق الشعري بتوحد أفكارها ومشاعرها ، وتعاطفها القوي مع مواطنيها في بنية شعرية مُحْكمة ، مع التزامها التام بهذا الاتجاه في سياق مضامين قصائدها كلها ، بدءا من قصيدتها الأولى ( أيتها الحكمة ) : ( أريد أن أحيا في رحابك ... أيتها الحكمة المقدسة خذيني .. خذيني إلى رحابك ... فإني أنتظر هديك وسوف أموت انتظارا ) وانتهاء بقصيدتها (لعبة الليل والحقيبة) : ( حقيبة الروح أفتحها كل ليلة أخرج المخبوء فيها أحدّق فيه أشبع تحديقا وتقليبا ) والآن .. تدعونا الشاعرة إلى مشاركتها للتأمل في ما كنزته من تجارب عمرها الطويل ( حقيبتها ) لنعطي رأينا في جدوى اعتزازها واهتمامها بما حفظته في حقيبة عمرها، لأنه ثمار معاناة عميقة صادقة، وتجليات روح أرشفتها قصائدها بإبداع نور جميل : ( وقلمي المجهَد لا ينقل إلا القليل ... من بعض حطامي ... ودمي المسفوح فوق بياض الورقة ) \ ( من قصيدتها : إني أنثر نفسي). وبالرغم من عزوفها عن الأوزان الشعرية ، كما جاء في قصيدتها (فاعلاتن) : ( فاعلاتن ... فاعلاتن ... فا ... كلا ... لا أستطيع أن أمسك الميزان فكيف يدوزن قلبي حرارته ؟ هل يدوزن البركان انفجاره ؟ ) لكننا نجد في العديد من قصائدها انسجاما عفويا بين شعرية نثرها وموسيقى التفعيلة من وزن ( المتدارك والرجز والسريع ) ، بل أن قصيدتها الوحيدة ( أمل في الحزن ) المدوزنة بإيقاع ( المتدارك ) تدل على احتضانها الروحي لموسيقاه في حالة انسجام عفوي معه : ( طير الحزن الأسود ينعق... ينعق في حقلي... في أذني ... يلصق صوته يحفر كالخنجر ) في قصائدها تركن الشاعرة إلى آمالها وأحلامها التي تلهمها الثبات والإصرار في مواجهة أضداد الحياة بشعرية واعية رامزة لتشكل بغموضها الموحي الشفيف الخصيصة البارزة لأسلوبها المتين الرقيق . وبعد الانتهاء من قراءة أوراقها أجد نفسي .. وانا أحدق في صمتها الحزين ، أردد معها كلماتها المشعة بصدقها على الصفحة الأخيرة من غلاف حقيبتها .. حيث تقول : في هذا العصر الدامي ... أحاول أن أجعل صوتي يعلو .. ويعلو ليمجد الحب والفرح والحق والإنسان أيها القلم .. أدركني ! وأنا معها أخاطبه أن يرسم بألوان خياله أمواج شطه الفاره بسفنه وأشرعته وأسراب نوارسه ، وأنهار بساتينه الوارفة بنخيلها وأشجارها العابقة بثمارها وأزهارها ، والمترنمة بأغاريد طيورها ، وأن يعيد للشوارع لياليها الساهرة بأضوائها ، ونهارها المشرق بشمسه وسمرة أبنائه ، وللخطى الآمنة المتهادية كأمواج شواطئها العابقة بأنسامها الندية بالود والسلام ، بعد أن ( شاهدتُ بلادي \ غارقة بالدم \ وأشلاء الناس غارقة في الطرقات ) \ ( من قصيدتها : كابوس نيقوسيا ) . وها هو القلم يدركها الآن في يدي ، ليشير إلى ما تضمه هذه الحقيبة الجميلة من آفاق فكر ، وسماوات روح !

تابعنا على
تصميم وتطوير