في أطراف المدينة، حيث تنام القرى على همسات الريح، كان هناك بيت مهجور يثير القلق في النفوس. لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه، ليس لأنه مسكون، بل لأنه… لا يظهر في الصور.
كل من حاول تصويره، حصل على صورة مشوّشة أو فارغة، وكأن الكاميرا ترفض أن تراه. والأغرب؟ لا ينعكس في أي مرآة أو زجاج، وكأنه لا ينتمي لهذا العالم.
في إحدى الليالي، قرر شاب يُدعى سالم أن يواجه الخرافة. حمل مصباحه ودخل. الهواء في الداخل كان ثقيلاً، الزمن بطيئًا، والجدران باردة رغم حرارة الصيف. كل خطوة كانت تُصدر صدىً غريبًا، رغم أنه كان وحيدًا.
في الغرفة الأولى، وجد مرآة كبيرة مغطاة بالغبار. مسحها بيده… لكنه لم يرَ وجهه. بل رأى شخصًا يقف خلفه، يشبهه تمامًا، إلا أن عينيه كانتا سوداوتين كفراغٍ لا قرار له.
تجمّد سالم، والمصباح بدأ يومض. التفت بسرعة… لا أحد. عاد بنظره إلى المرآة، فوجد وجهه يتلاشى تدريجيًا، بينما الوجه الآخر يزداد وضوحًا.
وقبل أن يختفي النور، ابتسم له الشخص في المرآة بنفس ابتسامته، وقال بصوت خافت:
“أخيرًا خرجتَ… وأنا سأبقى هنا مكانك.”
في اليوم التالي، أضاء البيت من الداخل، وكأنه مأهول من جديد. لكن أحدًا لم يجرؤ على الدخول. ومنذ ذلك الحين، كل من يمر أمام النوافذ يرى وجهًا مألوفًا ينظر إليه… يشبه سالم تمامًا، لكن عينيه ما زالتا سوداوتين.