بدأ أمس تنفيذ المرحلة الأولى من خطّة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف العدوان الهمجي الصهيوني على قطاع غزّة ، وأُعلن عن إنطلاق عملية تبادل الرهائن بالتوازي مع وصول الرئيس الأمريكي إلى مطار دولة الإحتلال لمواكبة بدء الإتّفاق وبحث تذليل العقبات من أجل التطبيق الكامل لوقف العدوان .
وصرّح دونالد ترامب قبيل سفره إلى الأراضي المحتلة بأنّ “الحرب التي تدوم منذ مدّة إنتهت “، ويتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية من المفاوضات بعد إتمام عملية تبادل الرهائن ، ولا تزال عديد الملفات الحساسة على طاولة النقاش ، ومن ذلك نزع سلاح المقاومة ، وانسحاب جيش الإحتلال من قطاع غزّة ، وبحث نشر قوة دولية لضمان الاستقرار .
وإذْ يُعتبر هذا الإتّفاق هشّا ولا يقدم أيّ ضمانات حقيقية لوقف طويل الأمد للعدوان ، فإنّه يشكل على الأقلّ فرصة للفلسطينيين كي يلتقطوا أنفاسهم بعد عدوان همجي ومدمّر ، وهو إلى ذلك مناسبة كي يوحّد الفلسطينيون مواقفهم وأهدافهم حول برنامج وطني وفق أجندة فلسطينية صرفة بعيد عن تأثيرات الأجندات السياسية الأجنبية .
ولا مناص من الإعتراف بأنّه رغم الكلفة الباهظة التي تكبّدها الشعب الفلسطيني ، فإنّ عودة البريق للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي والإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين أعادها إلى صدارة المشهد الدولي ، وعمّق إلى ذلك العزلة السياسية لدولة الإحتلال وزعيمها نتنياهو .
وحتّى تحقيق الكيان الصهيوني لبعض المكاسب العسكرية وإطلاق بعض الرهائن لا يمكن إعتباره نصرا مهمّا لجهة تكلفته المرتفعة على التماسك الداخلي للمجتمع الصهيوني، وعلى المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين ناتنياهو الذي يحاول الآن جاهدا موازنة الضغوط الداخلية والخارجية ، بينما يسعى شركاؤه في اليمين المتطرف ، إستغلال الاتفاق لتعزيز شعبيتهم .
إنّ إرتفاع الصوت المتطرًّف داخل كيان الإحتلال يعتبر القاعدة لأنّ المجتمع الصهيوني يحتاج دوما إلى عدوّ خارجي للإبقاء على تماسكه المصطنع ، ولكنّه تخرج من حين لآخر أصوات تعتبر أنّ ديمومة العدوان على الأراضي الفلسطينية والافتعال المتكرّر للحروب والمواجهات مع دول المنطقة يقوّي عزلة دولة الإحتلال، ويخلق على المدى المتوسّط والبعيد حالة عدم إستقرار يهدّد وجود دولة الإحتلال، وهذه المخاوف الحقيقية تدفع بعض الأشخاص في دولة الإحتلال إلى الحديث عن ضرورة وقف العدوان ضدّ الشعب الفلسطيني، ومن ذلك رئيس الحكومة السابق ايهود أولمرت الذي أكد أنّ “الحرب فقدت معناها وكان لابد من وقفها”، رغم تشديده على أنّ السلام الكامل لم يتحقق بعد ، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هو: لماذا لم ينفّذ أولمرت هذه السياسات عندما كان في الحُكْمِ ؟!
إنً الحقيقة الوحيدة لدى الكيان الصهيوني هي قرار الطابع الإستراتيجي للعدوان واستدامة الحروب. أمّا السلام فهو قرار تكتيكي وعلى سبيل المناورة ومجرّد فاصل لن يدوم .