رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
“ إله التوراة .. إله القرآن ” دراسة في تاريخ الفكرة الإلهية وتحولاتها


المشاهدات 1160
تاريخ الإضافة 2025/10/12 - 9:33 PM
آخر تحديث 2025/10/13 - 7:08 PM

يُعدّ كتاب «إله التوراة، إله القرآن» والصادر عن دار المرهج للطباعة والنشر حواراً فكرياً عميقاً يجمع بين الباحث المعروف في الدراسات الكتابية توماس رومر والمفكرة جاكلين الشابي، في نقاش يتولّى إدارته جون لوي شايغل، مترجماً إلى العربية وممهوراً بتقديم نقدي من الباحث نبيل دباش.
هذا العمل لا يندرج في إطار المقارنة التقليدية بين النصين التوراتي والقرآني بقدر ما ينتمي إلى مجال تاريخ الأديان وفلسفة النصوص المقدسة، حيث يسعى إلى تفكيك صورة الإله في التراثين اليهودي والإسلامي من منظور أنثروبولوجي وتاريخي، يتتبّع جذورها وتحوّلاتها في الوعي الجمعي للإنسان القديم والحديث على السواء.
ينطلق الكتاب من فرضية أن فكرة الإله الواحد لم تكن معطى ثابتاً أو مطلقاً منذ بداياتها، بل خضعت لتطورٍ تاريخيٍّ وثقافيٍّ معقّد، تداخلت فيه عناصر السلطة، والأسطورة، والرمز، والنص، ليظهر في النهاية نموذجٌ إلهيّ مغاير في كل مرحلة. ومن خلال قراءة نقدية للنصوص التوراتية والقرآنية، يحاول المؤلفان الكشف عن البنية السردية التي تصوغ علاقة الإله بالإنسان: بين الإله الغيور والمنتقم في أسفار العهد القديم، والإله الرحيم والعادل في التصور القرآني، دون إغفال المشتركات العميقة التي تربط التجربتين الدينية والروحية.
الكتاب يثير أسئلة حسّاسة تتصل بمسار تطور التوحيد، وبالانتقال من الإله القومي لبني إسرائيل إلى الإله الكوني في الإسلام، كما يناقش أثر اللغة والتأويل والنبوّة في إعادة صياغة الصورة الإلهية. وهو بهذا المعنى ليس كتاباً في اللاهوت الدفاعي أو المقارنة الدينية، بل بحثٌ في سوسيولوجيا الفكرة الإلهية، أي في الطريقة التي تتجسّد بها المعتقدات ضمن سياقاتها الاجتماعية والسياسية والثقافية.
إن ترجمة هذا العمل إلى العربية تتيح للقارئ العربي فرصة نادرة للاطلاع على أحدث المناهج الغربية في قراءة النصوص الدينية، وتفتح المجال أمام نقاشات فكرية جادّة حول علاقة الدين بالتاريخ، وحول ما إذا كانت النصوص المقدسة تُفهم من داخلها فقط أم عبر سياقها الإنساني الأشمل.
بهذا، يقدّم «إله التوراة، إله القرآن» نموذجاً لكتابٍ يوازن بين العمق الأكاديمي وجرأة الطرح، ليضع القارئ أمام سؤال مركزي:
هل تغيّر الإله في وعي الإنسان، أم أن الإنسان هو الذي أعاد باستمرار تشكيل صورته عن الإله وفقاً لتحولاته الحضارية والفكرية؟
 


تابعنا على
تصميم وتطوير