رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المصخَنة في الريف


المشاهدات 1594
تاريخ الإضافة 2025/10/08 - 9:24 PM
آخر تحديث 2025/11/15 - 11:54 AM

المصخَنة  التي كانت  النساء في الريف العراقي  يحملنها على  الكتف أو الرأس  لجلب الماء من النهر أو العين.
هي آنية الماء ورفيقة النساء في الريف القديم
في ذاكرة الريف العراقي، تبرز  المِصخَنة  كأحد الرموز الأصيلة للحياة اليومية البسيطة، وكتفصيلٍ صغيرٍ يعكس  دور المرأة الريفية في تأمين ضروريات العيش قبل أن تصل المياه إلى البيوت عبر الأنابيب والإسالة الحديثة. كانت المِصخَنة آنيةً فخاريةً أو نحاسيةً تُصنع يدويًا بعناية، ذات  عنقٍ ضيّق وبطنٍ عريض وقاعدةٍ متينة ، تُصمم بطريقة تجعلها تحفظ الماء باردًا حتى في حرّ الصيف. وكانت النساء يحملنها على  الكتف أو الرأس  أثناء ذهابهن إلى النهر أو الجدول لجلب الماء للأسرة أو للماشية، في مشهدٍ يوميٍّ أصبح جزءًا من الذاكرة الجمعية للقرى والأرياف العراقية.
كانت  رحلة جلب الماء  حدثًا يوميًا يحمل في طياته معاني التعاون والأنس، إذ تمشي النساء جماعاتٍ وهنّ يتبادلن الحديث والأغاني الشعبية، فيما تتلألأ المِصخَنات على أكتافهن تحت شمس الصباح. وكانت هذه الرحلات تمثل أيضًا  مجالًا للتواصل الاجتماعي  وتبادل الأخبار في مجتمعٍ بسيط مترابط.
تميّزت المِصخَنة بخاصيةٍ طبيعيةٍ تجعلها  تحافظ على برودة الماء ، بفضل مسام الفخار الدقيقة التي تسمح بتبخرٍ خفيف على سطحها الخارجي، وهو ما يجعل الماء في داخلها عذبًا وباردًا رغم حرارة الجو.
لم تكن المِصخَنة مجرد آنيةٍ منزلية، بل كانت  رمزًا أنثويًا  في الثقافة الشعبية، وارتبطت بالأغاني والأمثال الريفية، فكانت تُذكر في المواويل الشعبية كرمزٍ للصفاء والعطاء والنقاء، تمامًا كالماء الذي تحمله.
ومع مرور الزمن، ومع دخول  الخزانات المعدنية والبلاستيكية وشبكات الماء الحديثة ، اختفت المِصخَنة من الحياة اليومية، لكنها بقيت حاضرةً في  ذاكرة العراقيين  وفي  البيوت التراثية والمتاحف الشعبية ، كتذكارٍ جميلٍ لزمنٍ كانت فيه البساطة عنوان الحياة، والمرأة الريفية عنوان العطاء الصامت.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير