رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
جواد الشكرجي نجم بدأت مسيرته من خشبة المسرح إلى شاشة الدراما


المشاهدات 1969
تاريخ الإضافة 2025/10/04 - 9:37 PM
آخر تحديث 2025/10/13 - 7:08 PM

النجم الكبير جواد الشكرجي، ممثل وفنان عراقي من مواليد بغداد تخرج من معهد الفنون الجميلة عام 1978، وله الكثير من الأعمال الفنية داخل وخارج العراق. أول أعماله الفنية كانت مسرحية “الغضب” من إخراج اديب القليجي. ومن ثم شارك في أعمال فنية كثيرة منها مسرحية “ألف رحلة ورحلة”، و” لو” (وهو نص مأخوذ عن مسرحية “الألم” لتيثمنوف)، ومن إعداد الفنانة والكاتبة عواطف نعيم التي فاز بها كأفضل ممثل في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1989، وكذلك مسرحية “الجنة تفتح أبوابها متأخرة”.

لقد أثبت جواد الشكرجي عكس هذه النظرية عمليا من خلال عدة أعمال تلفزيونية، مؤكدا أنه على الرغم من أن التمثيل بالمسرح يتطلب طاقة كبيرة للتعبير بكل أدوات الممثل أثناء حضوره في هذه المساحة المفتوحة التي تواجه من خلالها الجمهور بشكل مباشر، فالمسرح لا يحتمل الخطأ والإعادة. أما التمثيل أمام الكاميرا فيتطلب تجميع هذه الطاقة الهائلة واستغلالها في حدود الكادر التلفزيوني، بل إن التمثيل بالمسرح ساعده كثيرا ليتميز في السينما والتلفزيون، فهو لم يجد صعوبة كبيرة في التعامل مع الكاميرا أو التعامل مع النجوم الكبار الذين قام بالتمثيل أمامهم على الرغم من الرهبة في بادئ الأمر، فالمسرح كان سببا رئيسيا في كسر هذه الرهبة بل ونيل استحسان فرق العمل التي شارك فيها خلال رحلته في عالم الميديا. 
وُلد الفنان جواد الشكرجي في بغداد، ونشأ فيها مع عائلته. تخرَّج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1978، وبدأ حياته المهنية حينها على خشبة المسرح.  أولى خطوات الشكرجي الفنية كانت في المسرح، حيث شارك في أواخر عقد السبعينيات في مسرحية «الغضب» من من إخراج اديب القليجي ثم قام بأدوار بارزة في مسرحيات محلية أخرى مثل «ألف رحلة ورحلة» و«لو» وقد حصد عن مسرحية «لو» جائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1989.
 ولِمّا بدأ ينال شهرةً واسعة في المسرح، انتقل للعمل في السينما والتلفزيون. مثل في أفلام عراقية مهمة مثل «العاشق» (1985) و«الأيام الطويلة»، اللتين تناولتا فترات تاريخية مهمة. بالإضافة إلى التمثيل، عمل الشكرجي مؤدي أصوات ومقدِّم برامج؛ وهو حاليًا يقدم برنامج المنوعات التلفزيوني «عائلتي تربح» على قناة MBC العراق، وحظي البرنامج بإعجاب الجمهور.
ولقد أصر جواد الشكرجي على أن تكون انطلاقته في عالم الميديا من خلال المسرح.. وبالفعل كانت عروضه المسرحية في بداية حياته لها فضل كبير في تميزه واختلافه كممثل تلفزيوني، كما أن ثقافته المسرحية أصقلت موهبته لمواجهة الكاميرا بلا رهبة، وقد راعى في تجاربه التلفزيونية والسينمائية أنه يجب على الممثل إدراك الفرق في التكنيك بين التمثيل للمسرح والتمثيل للتلفزيون، وأثبت أن ممثل المسرح ليس مفتعلا، وأن هذه (السمعة) القديمة عن ممثلي المسرح انتهت الآن، فأغلب الممثلين المتميزين في السينما والتلفزيون كانت بداياتهم من خلال المسرح، فالتجارب المسرحية تنمي ذكاء الممثل وقدرته على الحفظ واستحضار الحالة وكسر الرهبة وثقل الموهبة والإحساس، وهذا هو سر تميز ممثل المسرح، إن التمثيل هو التمثيل من حيث الموهبة ولا فارق بين التمثيل في المسرح أو أمام الكاميرا سوى وسيلة التعبير، ولكن الممثل الذي سبق له تجارب مسرحية قد يتميز بسبب خبرته وامتلاكه لتكنيك التمثيل وتدريب أدواته. 
لعب جواد الشكرجي أدواراً بارزة في مسرحياتهِ وأعمالهِ السينمائية والتلفازية. مثل تجسيده شخصية عمرو بن هشام «أبو جهل» في المسلسل التاريخي «عمر» (إنتاج عام 2012) ونال إشادة واسعة، حيث أبدى كثير من المشاهدين إعجابهم بقوّة أدائه وبيانهِ في هذا الدور. وقد شارك أيضاً في مسلسل «خالد بن الوليد» عام 2007 في دور سيد المحاربين، وأدى دور عوف في المسلسل التاريخي «الحجاج» عام 2003. وعلى الشاشة الفضية، برز الشكرجي في أفلام عراقية عدة، من أهمها «الأيام الطويلة» (1980) و«العاشق» (1985). وهما من الأفلام التي تناولت حقبًا حسّاسة من تاريخ العراق.
والشكرجي الذي زاملته بمعهد الفنون الجميلة لا بل تشاركنا في تقديم مسرحية « اوديب» اخراج مادة الإخراج والتمثيل المصري ممدوح عقل، اعتاد ان يحلم بأشياء استثنائية منذ أن ترك مهنة والده (الحلواني) واختار التمثيل.. فقد اعاد حينما كان مديرا لقسم المسرح في مؤسسة السينما والمسرح مسرح الرشيد الى الحياة بعد توقفه لمدة ثلاث سنوات بعد ان تعرض الى السلب والنهب والتخريب، واوقف بعض الاعمال الاستهلاكية في عروض الفرقة القومية للتمثيل، وخطط ونفذ برنامجا ثقافيا امتد لمدة خمسة أشهر، وضم عشر مسرحيات جادة لمخرجين مبدعين، واقام مهرجانا للمسرح العراقي، وكافح من منع (دخول الغجر) الى المسرح العراقي، وهكذا نجح الشكرجي خلال فترة خدمته في ادارة الفرقة القومية التي تحولت لعبئ كبير، حتى اضطر صاغرا الى طلب احالته على التقاعد او اعفائه من منصبه. فهو لا يريد أي منصب، لذا فهو يعترف انه فشل في ادارته للفرقة لأنه لم يتمكن من ان يكون مديراً بالاسم، وهكذا حاول ان يقمع شعوره بالإحباط.
أما مفهومه حول الموهبة الفردية التي تميز بها منذ ان بدأ ممثلا وطالبا في معهد الفنون الجميلة فيقول: ان الموهبة هي التي تتلمس طريقها بشكل عفوي وغريزي في أي مجال إبداعي بدون أن يتحكم العقل بها إلا اننا يجب أن نقرر ان هذه الموهبة لابد لها أن تلتقي بالعقل والمعرفة لتتعمق· 
ومنذ ايام معهد الفنون الجميلة في بغداد وتحوله الى جندي بعث الى جبهات القتال وهو في أوج تألقه حيث كان الجنود هم الذين يلقنونه النصوص التي سيشارك بها في المسرح العراقي حين اسندت له أدواره في مسرحيات عراقية مهمة· 
جواد الشكرجي مثل في أعمال مهمة أشار لها باعتزاز وهي ‘ألف رحلة ورحلة ولو و» حكايات العطش والأرض والإنسان. وبخصوص بعض الاعمال التي اثرت عليه يرى ان أهمية مسرحية (لو) في مسيرته الإبداعية وهو النص المأخوذ عن مسرحية الألم لتيثمنوف ومن إعداد الفنانة والكاتبة عواطف نعيم· وقال: لقد فزت بهذه المسرحية كأفضل ممثل في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي عام 1989 . في كل ذلك كان الشكرجي يعرض تجربته لا بالأطر السياقية للعرض العام بل تجلت فيه روح الممثل الذي استحوذ على اهتمام الحضور وهو يقدم لهم التاريخ الشخصي والاجتماعي تمثيلاً·
وقد تمثل شخصية حمادي الحوذي في مسرحية لو هي الأكثر قرباً اليه حيث تقمصها بكل كيانها مما اثار اعجاب مارتن اسل أحد أهم المسرحيين في العالم والذي كان عضو لجنة التحكيم· 
وبخصوص مسلسل الرصافي الذي أدى دوره أكد ان قناة السورية قد شوهت هذه الشخصية بعد أن حذفت الكثير من المشاهد فيها، اذ وصلت أعداد المشاهد إلى أكثر من 500 مشهد قرأ فيها أكثر من 400 بيت من شعر الرصافي الذي توفي عام  1945 ، قرأ جواد الشكرجي ابعاد هذه المسيرة الشخصية الطويلة للشاعر فقرأ ابياتاً من شعره منها: وكم عند الحكومة من رجال / تراهم سادة وهم العبيد/ وليس الإنجليز بمنقذينا/ وان كتبت معهم عهود/ اما والله لو كنا قروداً/ لما رضيت قرابتنا القرود، ثم قرأ : أنا بالحكومة والسياسة أعرف/ ألام في تفنيدها وأعنف/ علم ودستور ومجلس أمة/ كل عن المعنى الصحيح محرف· ثم قرأ قصيدة غريب على الخليج لبدر شاكر السياب وقصيدة للشاعر موفق محمد. 
يرى الشكرجي ان الشعر سماويُّ والحوار أرضي وان الفن هو قوة وحنين وعقل وضمير لكي تكون له حرارة العاطفة والتأثير.
لقد ارتبطت الدراما عند (جواد الشكرجي) بالأداء (التمثيل)، والذي هو نشاط يتم فيه سرد القصة عن طريق تفعيلها من قبل ممثل أو ممثلة تتبنى الشخصية في المسرح أو التلفزيون، أو أي وسيط آخر يستخدم أسلوب المحاكاة، وتتضمن فلسفة الأداء في التمثيل المعاصر مجموعة واسعة من المهارات، منها الخيال المغاير والملامس للعاطفة والتعبير الجسدي والإسقاط الصوتي ووضوح الكلام والقدرة على تفسير الشكل الدرامي، وذلك يتطلب القدرة على استخدام اللهجات واللكنات والارتجال والمراقبة والتمثيل الصامت والاستمرارية في الأداء المسرحي والدرامي كما في حالة (الشكرجي)، وعند متابعتنا للدراما العراقية وما قدمه في مجمل اعماله ، كان هناك تركيز على أداء الممثلين وعبر العديد من الوجوه والأشكال الجديدة لفلسفة الأداء الجمالية، والتي نتجت عن شكل نص أو نثر أو فكرة قصة مليئة بالمشاعر والنزاعات الإنسانية، ليصبح المسرح جهة فاعلة على تنفيذ أدوار الشخصيات عبر انزياح العديد من الممثلين الى الحركة المسرحية أمام الكاميرا.
والمتأمل لمسيرة جواد الشكرجي سوف يجد أن تجاربه في المسرح كان لها دور كبير في تخطي ربكة التعامل مع الوسيط التلفزيوني الذي هو بالطبع مختلف عن التجارب المسرحية، فهناك دوما فارق بين ممثل تعلم أن يعمل على دور بالكامل، وبين من يعمل على مجرد جمل حوارية، ممثل تعلم أن يكون مدركا للمسار الدرامي بأكمله، ومع ذلك يدعي أنه يتفاجأ مع كل نقطة تحول، ممثل تعلم أن يتماسك حتى لو أصابه التوتر لأنه في مواجهة جمهور ولا يحق له أن يخذلهم ولا أن (يفصل)، ممثل اعتاد أن يؤدي في صمته كما يؤدي أثناء إلقائه لجمله الحوارية، فالجمهور المسرحي كاشف له طوال وجوده وليس كالكاميرا التي تبرز ما تريد، وبالتالي اعتاد أن تكون لانفعالاته أهمية ويكون مشهده حقيقيا بقدرته على التواصل الانفعالي المدربة.
وهناك حقيقة دامغة تقول: إن الممثل الذي خاض تجربة المسرح قادر تماما على التمثيل في أي وسيط آخر؛ حيث إن المسرح يبرز كل إمكانيات الممثل ويطورها، فالممثل المتميز في المسرح يتميز في أي وسيط آخر غير أن لكل قاعدة شواذا، فالممثل ذو الوهبة المتميزة يفرض نفسه على الساحة بقوة حتى إن لم يسبق له تجارب على خشبة المسرح، وعادة ما يكون الممثل المسرحي ذا خبرة كبيرة حيث إنه في المسرح تتاح له الفرصة للتلون وأداء الكثير من الشخصيات المختلفة، وهذا يشيد في ذاكرة الممثل مخزونا ضخما من الشخصيات المتنوعة التي يمكن للممثل استدعاؤها أثناء قيامة بالتمثيل أمام الكاميرا. 
فالمسرح يتطلب أداءً حيا، وتكرار ليالي العرض تنمي مهارات الممثل وتمده بخبرات الأداء الهائلة سواء أداء جسدي أو تلون الصوت أو مخارج الألفاظ، وإذا تعاون المخرج السينمائي أو التلفزيوني الجيد مع الممثل المسرحي ستتحقق معادلة أو تركيبة جيدا جدا حيث إن المخرج الجيد يستطيع أن يسيطر على الانفعالات الحية لدى الممثل ويكيفها على قدر اللقطات وممثل المسرح يخدم المخرج بتلونه وتنوع أدائه بحكم اعتياده وتراكم خبراته على خشبة المسرح، والدليل أنه إذا بحثنا عن تاريخ أي ممثل تميز بشكل واضح في السباق الرمضاني التلفزيوني، فستجد أنه غالبا كان له تجارب مسرحية سابقة في تاريخه الفني.
ولأن المسرح هو أساس تكوين الممثل وفيه يكتسب أدواته ويمسك بتقنياته لأن الموهبة لا تكفي وحدها، خاصة في ظل عدم وجود مفهوم إدارة الممثل، وإن كان البعض يستهين بهذا الجانب، فقد ضرب (جواد الشكرجي) مثلا في رمضان 2022 من خلال مسلسله ( وطن)، الذي يعد دوره فيه مفصلا مهما في الصراع الدائر مع شخصية الفنان (جلال كامل) الإيجابية، تلك الشخصية التي تكتنز الكثير من الأحداث والملابسات، كونها عنصرا أساسيا في مسلسل تلامس قصته الواقع المعاش رغم ضرورة التخيل الدرامي، ومن قبله برع (الشكرجي) في مسلسلي (عمر وخبير) وغيرهما من أعمال درامية تضعه في مصاف النجوم الكبار في عالمنا العربي، أولئك الذين يملكون القدرة على التجسيد الحي، فالدراما والمسرح كلمات مرتبطة بالفنون الأدائية والتي لها معنى مشابه للعديد من الناس، والدراما لديها أشكال عديدة يجب أن تفسر على أنها عملية أداء وتجسيد على خشبة المسرح أمام الجمهور أحيانا لتكون حلقة من الحياة، أو يمكن أن تكون خيالا مليئا بالعواطف والصراعات، التي تتطلب مساحة ليتسنى للأفراد الذين يلعبون الشخصيات عليها الحركة والاستمرارية داخل الفضاء .
ومن هنا فقد خلق (الشكرجي) دراما قد تكون مجردة وذاتية، الأمر الذي يتعلق باستخدام الأفعال الملازمة للممثل وأبعاده الشكلية بعيداً عن مضمون الشخصية، وهذا يؤكد على أن هناك اختلافا ما بين الأداء في المسرح والدراما التلفزيونية، والذي اكتشفت عن طريق نظريات مثيرة حول بنية ومعنى فن الأداء فيهما، فكل المهتمين بالفن يلجؤون إلى الدراما كشكل للاتصال، إذ يرون أن الشكل الدرامي هو أفضل من أية وسيلة أخرى للاتصال بالإنسان، فالممثل، والذي يجد نفسه أحيانا أنه تورط ليقوم ببعض الأفكار والسلوكيات بأداء مسرحي وحركة مغايرة. وهذا ينزاح بنا الى أن المسرح يؤثر في حركة وأداء الممثل في الدراما التلفزيونية وعلى الفعل الدرامي، وفي جوهر تشريح الدراما لـ (مارتن اسلن)، ضمن فصل الوهم والواقع.
 يقول: (الدراما أو المسرح عمل إيمائي تقليدي للعالم الواقعي باللعب وبالادعاء، والدراما التي نراها في المسرح وعلى شاشة التلفزيون هى وهمية الصنع، ومع ذلك، تعد مقارنتها بالفنون الأخرى المنتجة للوهم، انعكاسا لنص درامي يمثل عنصر الواقع).
شارك (جواد الشكرجي) في عدة مسلسلات تلفزيونية ومن أهمها : باكو بغداد – 2019، خيبر – 2013، عمر – 2012، رايات الحق – 2010، السيدة – 2010، إخوان مريم – 2010 – ذاكرة الجسد – 2010، هدوء نسبي – 2009، إعلان حالة حب – 2009، صدق وعده – 2009، حب في الهايد بارك – 2008، أبو حقي – 2008، عنترة – 2007، أسد الجزيرة – 2006، سارة خاتون – 2006، الحجاج – 2003، عمر الخيام – 2002، ذئاب الليل ج1 – 1990، الأماني الضالة – 1989، سنان – رسوم متحركة 1975،  وعلى مستوى السينما قدم أعمال مهمة ومنها (الأيام الطويلة – 1980، العاشق – 1985، الحب كان السبب – 1986، حب في بغداد – 1987، مكان في الغد – 1991، طعم الليمون – 2011، يوم الحشر- 2013 إنتاج إيراني.
وفي مسيرة (جواد الشكرجي) روائع درامية تظل محفورة في الذاكرة العربية وأمها على الإطلاق مسلسل (عمر) فقد لفت الفنان العراقي (جواد الشكرجي) الأنظار إليه وهو يؤدي شخصية مهمة في هذا المسلسل الضخم بشكل مبهر، وهو ما يؤكد أن الممثل العراقي قادر على أن يكون مميزا ولافتا إذا توفرت له الفرصة والإمكانيات، بدليل أن هناك من أحب (أبو جهل) في المسلسل، بسبب القدرة التعبيرية العالية للفنان الشكرجي.
رفض جواد الشكرجي اللجوء إلى لندن أو الهجرة إليها رغم انتهاء الإجراءات الأصولية المطلوبة، لأنه شعر بأنه لن يستطيع استنشاق عطر تراب بغداد المحروسة بالله.. عطر مضمخ بدماء أهلي وعذاباتهم.
وفي اخر لقاء معه وكنا في الرياض حيث مهرجان الرياض المسرحي، قال لي :  كنت محملا بالعديد من الخطط لتوحيد صف المبدعين في المسرح العراقي، وحققت بعض ما سعيت له، من إعادة المسرحيات الجادة إلى مخاطبة الجمهور، لكني عالجت الوضع بطريقة جادة وحماسية، وأعتقد أن هذا الظرف لا يحتمل الحماسة، ويتطلب المراوغة التي لا أجيدها، وتعلمت من الخشبة طالبا ومحترفا ان اجتهد واحترم الممثل الذي امامي، لذلك لا أخشى من الممثل الذي يقف أمامي مهما كانت شهرته ونجوميته، بل أخاف من الشخصية التي أجسدها، فأنا في (أبو جهل) مثلا هو الذي كان يقلقني ويخيفني وليس الممثل الآخر، فعندنا دخلت في أعماقه وجدت أن شخصيته هي التي كانت المتسيدة والسائدة.
تحية تقدير واحترام للفنان القدير والكبير (جواد الشكرجي) الذي واجه معاناة كبيرة خلال تواجده خارج العراق، وتذوق مرارة الاغتراب في بلاد المنافي، ولا يغادر ذاكرته شارع (أبو النواس) الشهير على ضفاف نهر دجلة (بغداد) بعد أن هاجر لسنوات طويلة، ليتذكر دوما شارع الشعراء والفنانين والسمك، ويظل مشهودا لهذا الفنان العملاق أنه اعتاد أن يحلم بأشياء استثنائية منذ أن جافى مهنة والده (الحلواني) واختار التمثيل.. ومع ذلك فهو يبوح دائما بأنه يعيش قلقا يوميا منذ أن خلقه الله إلى يومه هذا – على حد قوله – حيث يقول مثلما يقول المتنبي: (على قلق كأن الريح تحتي، أوجهها جنوبا أو شمالا)، هذا القلق الذي يفترض أن يكون في ذات الكاتب والشاعر والتشكيلي، بل حتى في ذات الإنسان، هو القلق المشروع، والخوف المشروع، وهو الذي يعمل أبو حيدر عليه دائمًا، لذلك تجده لا يقلق ولا يخاف من مستقبل قادم.


تابعنا على
تصميم وتطوير