قبل دخول البرادات الكهربائية إلى البيوت، كان البغداديون يعتمدون على طرق تقليدية لتبريد الماء، خصوصاً في أشهر الصيف الحارة. السطوح كانت المكان المثالي لهذه العملية، والطرق كانت بسيطة لكنها فعّالة بذكاء يعتمد على الفيزياء الطبيعية.
الجرار والفخاريات
كانوا يستخدمون الجرار الفخارية الكبيرة (تسمى أحياناً حبّ بكسر الحاء أو قلّة). والفخار مسامي، فيسمح بتبخر جزء من الماء إلى الخارج، وهذا التبخر يسحب الحرارة ويبرد الماء داخل الجرة.
كانوا يضعون الجرة على السطح مساءً، ويغطونها بقطعة قماش مبلولة أحياناً، حتى تبرد أكثر بفعل نسيم الليل.
القِراب والخرق المبللة
بعض العوائل كانت تضع الماء في قِراب جلدية (مثل قربة الحليب) وتعلقها على السطح.
القربة تتعرّض للهواء فيتبخر الماء من مسامها، وتبرد بسرعة. أحياناً يغطون القناني أو الدبات بخرقة مبلولة، وتوضع في مهب الريح، فيصبح الماء بارداً مع الصباح.
استغلال نسيم الليل
بغداد في الليل يكون فيها هواء منعش رغم حرارة النهار، وكانوا يرفعون أواني الماء إلى السطح للاستفادة من البرودة الطبيعية.
في الفجر، كان الماء يكون أبرد بكثير من ماء النهار.
طقوس اجتماعية بسيطة
كان الأطفال يصعدون مع أهلهم لجلب الماء البارد عند السحور أو الفطور..
أحياناً كانت الجرة تجمع حولها الأهل والجيران لتناول كأس ماء بارد، خصوصاً في ليالي رمضان.
الحنين والبساطة
هذه الذكرى مرتبطة برائحة الفخار، وصوت صبّ الماء في الكاس الفرفوري، وطعم الماء البارد في عزّ الصيف.
كثير من البغداديين اليوم يتذكرون تلك الأيام بحنين كبير، لأنها كانت جزءاً من طقوس الحياة البسيطة والجميلة قبل زحمة الكهرباء والمولّدات.