لم يعد العطش في العراق مجرد مشكلة خدمية عابرة، بل تحوّل إلى كارثة وجودية تهدد الإنسان والأرض معًا. ففي أغسطس 2025، أعلنت وزارة الموارد المائية رسميًا دخول البلاد في مرحلة ندرة المياه، بعد أن تراجع المخزون المائي إلى أقل من 10 مليارات متر مكعب، وهو أدنى مستوى يسجله العراق منذ قرن كامل.
. وقد انخفضت مناسيب نهري دجلة والفرات وذلك بنسبة %27 في أسوأ موجة جفاف يشهدها العراق منذ عام 1933
.وبحسب تقارير وزارة الموارد المائية ،فإن حاجة العراق اليومية من المياه لا تقل عن 950-2000،م3 /ثا
حيث لا يتجاوز ما يصل فعليًا من دول المنبع 420 م3/ ثا فقط ،وهذا عجز كارثي يهدد الحياة والزراعة معًا .
. وهناك آلاف العوائل نزحت من الأرياف إلى المدن بحثًا عن ماء صالح للشرب وحياة أقل قسوة، وذلك أثر تحول أرضيها إلى الجفاف (صحراء جافة وآبارها إلى حفر خالية يجتاحه الرمال الحارقة والصخور القاسية.
يقول أبو علي، مزارع من ريف الديوانية: “أرضي التي ورثتها عن جدي لم تعد تنبت سوى الغبار المتطاير. كنا نسقيها من بئر قديم، لكنه اليوم جاف كالحجارة. هجرت الأرض مرغماً، ليس لأنني أردت، بل لأن الماء خاننا
لكن قصة ابو علي أنها جزء من لوحة أكبر ففي البصرة شط العرب قد تحول إلى نهر مالح وذلك بتغلغل مياه الخليج وهذا ادى إلى إلى تلف المحاصيل وهلاك الكثير من بساتين النخيل وفي الشمال ينخفض منسوب دجلة إلى مستوى حرج .
وحذر خبراء البيئة من أن العراق قد يواجه «عطشاً « أذا لم تعتمد خطط عاجلة لتحسين أنظمه الري، ولإدارة الموارد المائية، ببناء خزانات مياه استراتيجية، والتفاوض مع دول الجوار بشأن حصص عادلة من مياه الرافدين.
وحيث ينتظر الناس حلولاً من الحكومات المتعاقبة، ويصبح المشهد اليومي أكثر قسوة: مزارعون يغادرون بيوتهم وأراضيهم إلى مكان مجهول، ونخيل يموت واقفًا في بلد كان يسمى يومًا «أرض السواد «»
فهل ينهض العراق من جديد لإنقاذ مائة قبل أن يفقد روحه؟