رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الأسوأ قادم على عجل


المشاهدات 1131
تاريخ الإضافة 2025/09/15 - 8:29 PM
آخر تحديث 2025/09/16 - 11:08 AM

  تأكّد، مرّة أخرى، أنّ الأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها أغلب دول العالم الغربي الليبرالي أصبحت ذات طبيعة هيكلية وتهدّد بحدوث تغييرات جوهرية على المستوى السياسي وفي تركيبة الحُكْمِ وطبيعته وكذلك في المنظومة القيمية التي تحكم هذه المجتمعات والدول.
 والواضح أنّ هذه التغييرات بدأت تلقي بظلالها على المشهد الجيوسياسي العالمي في إتّجاه بدا أنّه يقطع نهائيا مع منظومة ما بعد الحرب الكونية الثانية، وهو ما يؤشّر على قرب حدوث إنقلاب دراماتيكي في العلاقات الدولية ، التي شهدت بعض الإستقرار النسبي بعد الحرب الكونية الثانية.
 والبيّن أيضا أنّ الإنتصار الوهمي، الذي حقّقته المنظومة الليبرالية ضدّ المنظومة السوفييتية السابقة والتي إنتهت بسقوط جدار برلين رمز الحرب الباردة بين المعسكرين، كان مؤقّتا ولم يمكّن دول الغرب الليبرالي بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية من التمتّع بمزايا ومنافع نظام القطب الواحد، بسبب أنّ أنظمة الحُكْمِ في مختلف الدول فشلت في تحقيق أنماط تنمية تضمن حاجيات المواطن الغربي فضلا عن رفاهية مجتمعاتها . 
 ومع رجوع دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجدّدا محمولا بحالة مدّ قومي شعبوي، بدأ اليمين المتطرّف والقومي الشعبوي في مختلف دول العالم الغربي “يُجاهر” بأفكاره المعادية للآخر بكلّ تلويناته الحضارية والثقافية، وهو ما أحدث شروخا عميقة في تناغم المنظومة الليبرالية الغربية، بما فتح الباب مشرعا أمام المنافسة الوحشية والتناحر الإقتصادي .
 ولا يكاد يمرّ يوم دون أن يُعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط ومواقف جديدة تصبّ في إتجاه تعميق الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية لحلفائه في دول العالم الغربي، وبخاصّة أوروبا، وآخر هذه الخطط والمواقف مطالبته السبت الماضي دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) بوقف شراء النفط من روسيا، وذلك قبل فرض عقوبات عليه. وبالطبع فإنّ البديل عن النفط والغاز الروسي هو التمويل الأمريكي وبأسعار شديدة الإرتفاع ، ما دفع الأوروبيين إلى إعتبار ذلك شكلا مقيتاً للابتزاز، واستغلالا فاحشا لواقع الأزمة في دولهم . 
 إنّ سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائمة على شعار “مصلحة أمريكا أوّلا” أصبحت مثالا يُحتذى لدى قوى اليمين المتطرّف واليمين الشعبوي القومي، وإنّ اكتساح هذه القوى لمختلف أنظمة الحُكْمِ في دولها يفتح أبواب لا توصد لحروب مدمّرة ونزاعات لا تنتهي، ما يفرض على الدول كلّها ضرورة التموقع والتهيّؤ للسيناريوهات الأسوأ التي تسارع الخطى لتفرض نفسها على الواقع المتفجّر .


تابعنا على
تصميم وتطوير