رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المخرج علي أبو سيف صانع البث الحي وهوية الأخبار والتلفزيون


المشاهدات 1316
تاريخ الإضافة 2025/09/14 - 9:10 PM
آخر تحديث 2025/09/17 - 1:53 AM

في رحاب الإعلام العراقي الذي شهد تحولات كبيرة منذ منتصف القرن العشرين، برز عدد من الأسماء التي شكلت معالم الشاشة والإذاعة. من بين هذه الأسماء شخصية المخرج علي عبد الحسين مهدي، المعروف فنيًّا بـ علي أبو سيف، الذي كانت له بصمات واضحة في إخراج الأخبار والبرامج التلفزيونية، ومنهم برنامجه مع الإعلامي مؤيد البدري “الرياضة في أسبوع”. تجسّد مسيرة أبو سيف كمسيرة رجل خلف الكاميرا، يُعنى بتفاصيل الأداء والصورة والإيقاع، في ظل ظروف مهنية تتطلب كلّ من الدقة والحس الفني العالية.
الجذور والبداية:
من أسرة من قضاء الصويرة في واسط، نشأ علي أبو سيف منذ طفولته مولعًا بالفن والرسم، وحصل على جوائز في الرسم من مدارس واسط والصويرة عام 1963 تقريبًا.
بعد اجتياز الدراسة المتوسطة، انطلق عبر معهد الفنون الجميلة عام 1969؛ وقد كان المرحوم إبراهيم جلال وسيط قبوله. 
استمر في التطوّر الفني من خلال المعهد، حيث شارك في أعمال المسرح، إعداد الأطروحات للطلّاب، ومسرحيات متعددة، وعدد كبير من المشاركات. 
التدريب والتحوّل إلى قطاع التلفزيون:
أثناء الدراسة في أكاديمية/معهد الفنون الجميلة، تم تعيينه في دائرة الإذاعة والتلفزيون، ومع التعليم العملي أكمل دورة إخراج تلفزيوني في عام 1975، استغرقت نحو سنة ونصف، شملت التعرف على جميع أقسام الدائرة: الإذاعة والتلفزيون، كمصور، محرر، مخرج. 
من المحاضرين في تلك الدورة، الأستاذ سامي مهدي من بين آخرين. 
العمل في الأخبار والسياسة:
بدأ عمله فعليًا مخرجًا في قسم الأخبار السياسية ضمن تلفزيون العراق، مع بث حي وإشراف على النشرات الإخبارية. 
وصفه للعمل هناك بأنه «عمل شاق ومضنٍ وحذر جدًا»، ما يعكس الضغوط المطلوبة في التعامل مع الأخبار، سرعة الأداء، الحاجة إلى الدقة، وتحمل المسؤولية العالية. 
البرنامج الرياضي والتعاون مع مؤيد البدري
تم اختياره من قبل مؤيد البدري لإخراج برنامجه “الرياضة في أسبوع”. 
كذلك شارك في نقل المباريات الرياضية من الملاعب – مثل ملعب الشعب وغيره – بما في ذلك مباريات كرة القدم، وكذلك الألعاب الأخرى مثل كرة السلة والملاكمة. 
وكان يعمل ضمن فريق مع أسماء مثل فيصل جواد، أحمد علوان، قاسم عباس، حليم الدراجي. 
البعد الإذاعي والإنتاج الإعلاني
الإذاعة كانت جزءًا من بداياته أيضاً، في قسم التمثيليات، مُمثلاً ثم مخرجًا. 
اشتغل أيضًا في إنتاج الإعلانات، الأغاني، المنوعات – مثلا مع شركة بابل. 
ما بعد 2003
علي أبو سيف يعمل مخرجًا خارجيًا، مع الفضائيات المختلفة التي تستدعي خبرته. 
التحديات والخصائص الفنية:
1.  العمل تحت ضغط الزمن والبث الحي 
البث الحي في الأخبار والمناسبات التلفزيونية يستلزم دقة في التوقيت، تنسيقًا بين فرق متعددة (كاميرات – فيديو – صوت – مذيعين)، وتحمّل الخطأ القليل بأكبر قدر ممكن قبوله. أبو سيف يشير في الاجابة على اسئلتنا إلى أن النشرات الإخبارية كانت على الهواء مباشرة، ومعها “مشاكل كثيرة” غالبًا ما تكون تقنية أو زمانية. 
2. التنوع بين الإخراج الفني والإداري 
 الإخراج ليس فقط عن الزوايا والتكوين والصورة، بل يتضمن تنسيقًا إداريًا بين الأقسام، إدارة فريق، التعامل مع ضغوطات الرقابة أو المضمون، والتزامًا بالمعايير، خاصة في قسم الأخبار.
3. حبّ الفن والتعلم المستمر
 بدايته مع الرسم، المسرح، ثم التدريب الرسمي، التنقّل بين التمثيل والإخراج، التعلم من الزملاء والأساتذة مثل إبراهيم جلال، مهند طابور، وغيرهم، يظهران أنه لم يكن تنقلًا عشوائيًا، بل مسارًا منظمًا للتكوين الفني.
4. الصمود والمثابرة لديه
   عمل من 1975 تقريبًا (دورة الإخراج) إلى وقت لاحق في الفضائيات، مع نشاط مستمر وعمل متنوع رغم التغيرات السياسية والتقنية البينية في العراق.
الربط مع مؤيد البدري والإعلام الرياضي
مؤيد البدري هو شخصية مركزية في الإعلام الرياضي العراقي، أول تعليق رياضي، مدير ألعاب، مقدم لبرنامج “الرياضة في أسبوع” لأكثر من 30 عامًا من عام 1963. 
التعاون بين مؤيد البدري وعلي أبو سيف في البرنامج الرياضي مهم؛ فقد أسهم أبو سيف في إخراج البرنامج الذي كان ينتظره الجمهور أسبوعيًا، ونقل المباريات الحيّة، مما جعل من البرنامج أحد أيقونات التلفزيون العراقي.
الزاوية النقدية
رغم أن المقابلة تضيء كثيرًا من الجوانب المهنية والإخراجية، هناك نقاط يمكن أن تُسأل عنها:
إلى أي مدى تأثر عمل أبو سيف بالظروف السياسية، التقنية، أو الأزمات التي مرّ بها العراق؟
 كيف تعامل مع القيود على الإعلام الرسمي، الرقابة، والتوجيه السياسي؟
   ما الابتكارات التي أدخلها على أسلوب الإخراج في نقل المباريات أو الأخبار في ظل الإمكانيات المحدودة؟  ما الدروس التي يمكن أن يستفيد منها الجيل الشاب من مخرجي الأخبار والرياضة اليوم؟
علي أبو سيف: الدراما العراقية تتعافى… لكن الأجور ما زالت دون الطموح.
في متابعة لآراء المخرج العراقي علي أبو سيف، يؤكد أن المشهد الدرامي في العراق يشهد حراكاً ملحوظاً مع عرض 18 مسلسلاً على مختلف القنوات الفضائية خلال عام 2023، وهو مؤشر إيجابي على تعافي الدراما المحلية وتزايد اهتمام الجمهور. ويرى أبو سيف أن مضامين هذه الأعمال تتنوع تبعاً لسياسات القنوات المنتجة، موضحاً أن كل قناة تدخل السباق الدرامي ولديها أجندة محددة وأهداف مسبقة تسعى لتحقيقها من خلال العمل الفني. وهنا يبرز دور المخرج، الذي لا يكتفي بالتنفيذ، بل يتدخل في النص، يحذف ويضيف مشاهد، أحياناً بما يتجاوز الخمسين مشهداً، لضمان سلامة الرؤية الدرامية ونجاح العمل. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أشار أبو سيف إلى أن أجور الفنانين والفنيين العراقيين لا تزال متواضعة مقارنة بنظرائهم في الدراما العربية، مبيناً أن فترة ما بين 2014 و2017 كانت أفضل من حيث مردود الأجور، آملاً أن تواكب المكافآت مستقبلاً حجم الإبداع والجهد المبذول.
كما لفت إلى حجم التحدي الذي يواجهه الفريق الفني، إذ قد ينجز الممثل مشاهده في عشرة أيام، بينما يستغرق طاقم العمل ما يقارب 75 يوماً لتصوير ثلاثين حلقة، وهو ما يعكس حجم الجهد المبذول خلف الكواليس.
ولم يخفِ أبو سيف إعجابه بعدد من الأعمال التي تابعها مؤخراً، مثل مسلسل العشرة  الذي أشاد فيه بالأداء المتميز للفنانة آلاء حسين والفنان خليل فاضل خليل، إلى جانب إشادته بمستوى النص والإخراج.
 كما أشار إلى مسلسل تاتو الذي أخرجه عن نص للكاتب مهند هادي، ومسلسل بغداد الجديدة ، معتبراً أن هذه النماذج تقدم صورة مشرفة عن الدراما العراقية الحديثة.
خلاصة: علي أبو سيف هو مثالٌ على المهنية داخل التلفزيون الرسمي العراقي؛ عايشناه لفترات طويلة مخرجٌ تدرّج من التمثيل إلى الإخراج، عبر مسارات تعليمية وفنية وإدارية. مشاركته في إخراج “الرياضة في أسبوع” إلى جانب دوره في الأخبار والسياسة تظهر تنوعًا وعمقًا مهنياً. إن قصته تُعبّر عن تحدي الإعلام في بيئة صعبة، لكنها أيضًا تؤكّد أن الخبرة والتعلّم والمثابرة يمكن أن تنتج أعمالاً تركت بصمة في ذاكرة الجمهور العراقي.
شكرا للمخرج التلفزيوني علي ابو سيف، متمنين له دوام العطاء والعافية .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير