بلا أدنى شك أن “التسريبات” الصوتية هي أبرز ما يميز هذه الانتخابات التي باتت على الأبواب والشبابيك بل وحتى “زروف” الحيطان التي لم تعد بحاجة الى آذان. لن أقوم بدور القضاء الذي يملك وحده حق نفيها او إثباتها. ولن اتولى دور الواعظ لأقدام نصائح في الغالب “مجانية” للمسرب والمتسرب عليه والمسروب له. فالمسرب هو الطرف الساعي لتصفية الحساب مع الطرف المتسرب عليه حقا كان ذلك أم باطلا. بمعنى أن التسريبات بصرف النظر إن كانت صحيحة أم مفبركة فهي بالنتيجة صادمة للطرف المتسرب عليه فضلا عن تداعياتها الأخرى إن كان على المستوى الرسمي او الاجتماعي بل وحتى الأخلاقي.
المتسرب عليه هو الضحية الذي تم إما توريطه بكلام ناعم أو بوسيلة أخرى لكي يقول ما لا يقال أو من خلال إختراقه تقنيا وبعض هذه التقنيات لاتملكها الإ دول، وليس كل دولة أو أية دولة، بل دولة “حوك” والهدف إما التشويه، تشويه السمعة لهذا الطرف أو ذاك أو زعزعة الوضع السياسي خصوصا إذا إمتدت التسريبات الى أعلى هرم السلطة. وهنا تسكب العبرات لأن مثل هذه الحالة فإن الأمر لا يتعلق بحملة إنتخابية يمكن أن تستخدم فيها أدوات غير نظيفة من هذا النوع، كما إنه يتعدى كونه مجرد خصومة شخصية بين طرفين أو شخصين أو أكثر تجري عبر وسائل تقنية حديثة بل أن العملية برمتها هنا تتحول ليس الى قضية رأي عام يتولى أمرها “المسروب له” وهو المواطن أو الناس بل قضية أمن وطني. وإذا عدنا الى أركان القصة وهو المسرب وهو الركن الأول الذي تولى عملية فبركة التسجيل أو التقاط التسجيل حتى لو كان صحيحا فإن هذا الطرف أو الركن لديه غايات معروفة في المقدمة منها في الأقل تصفية الحسابات. بينما الركن الثاني وهو المتسرب عليه فهو الضحية الذي إما يكون بريئا وقد جرى تلفيق عملية تسجيل عبر تقليد الأصوات أو تم التقاط مكالمة له يتحدث فيها بحرية مع طرف ما تولى عملية إستدراجه وهو غافل “ويا غافلين الكم الله”. أما الركن الثالث وهو المواطن أو الرأي العام الذي أسميناه “المسروب له“، فهذا بالنتيجة يتعامل مع الأمر من منطلق الدوافع المسبقة. فبقطع النظر إن كان التسريب صحيحا ام لا، فإن هناك من يصدق وهناك من يريد أن يصدق، وهناك من يريد أن “يتونس”. المحصلة أن التسريبات تؤدي غرضها .. خارطة أم مخروطة.