لندن/متابعة الزوراء
أقدمت الصحفية فاليري زينك العاملة مع وكالة رويترز على تمزيق بطاقتها الصحفية مع وكالة الأنباء العريقة والإعلان عن توقفها عن العمل مع المؤسسة التي اتهمتها بـ»تبرير وتمكين الاغتيال المنهجي لـ245 صحفياً في غزة»، مؤكدةً أنّها تدين لزملائها في فلسطين بهذا الموقف وأكثر من ذلك.
وقالت الصحفية الكنديّة في تدوينة على «فيسبوك» نشرتها مساء الاثنين، وأرفقتها مع صورة لبطاقتها الصحفية مع «رويترز بعد تمزيقها»، أنها لا تستطيع تصور حمل هذه البطاقة إلا بشعور عميق بالخزي والحزن وذلك بعد ثماني سنوات من العمل مع المؤسسة.
وانتقدت زينك، وهي مصوّرة عملت مع عدد من وسائل الإعلام الدولية في أميركا الشمالية وآسيا وأوروبا، وسائل الإعلام الغربيّة واتهمتها بتحمل المسؤوليّة المباشرة عن خلق ظروف تُمكّن من اغتيال الصحفيين من خلال ترديد الأكاذيب الإسرائيلية دون التحقق من مصداقيتها، والتخلي عن أبسط مسؤوليات الصحافة، على حد قولها.
جاء إعلانها هذا في أعقاب اغتيال إسرائيل خمسة صحفيين صباح الاثنين، من بينهم مصور رويترز حسام المصري، مع 20 شخصاً في هجوم على مستشفى ناصر في قطاع غزّة، قائلة إن العملية هذه تُعرف باسم «الضربة المزدوجة»، حيث تقصف إسرائيل هدفاً مدنياً مثل مدرسة أو مستشفى، ثم تنتظر وصول المسعفين وفرق الإنقاذ والصحفيين لتعاود القصف مرة أخرى.
وكتبت زينك في منشورها: «عندما اغتالت إسرائيل الصحفي أنس الشريف مع كامل طاقم الجزيرة في مدينة غزة في العاشر من أغسطس (آب)، اختارت رويترز نشر الادعاء الإسرائيلي الباطل تماماً بأن الشريف كان عنصراً في حماس، وهو واحد من عدد لا يحصى من الأكاذيب التي كررتها وسائل إعلام مثل رويترز ومنحتها المصداقية. إن استعداد رويترز لترديد دعاية إسرائيل لم يحمِ حتى صحفييها من الإبادة الجماعية الإسرائيلية».
واقتبست في منشورها كلام جيريمي سكايل، الذي قال: «كل وسيلة إعلام كبرى، من نيويورك تايمز إلى واشنطن بوست، ومن أسوشييتد برس إلى رويترز، عملت كناقل لدعاية إسرائيل، تُلمّع جرائم الحرب وتُجرّد الضحايا من إنسانيتهم، متخليةً عن زملائها وعن التزامها المزعوم بالصحافة الحقيقية والأخلاقية».
أضافت: «إن حقيقة أن عمل أنس الشريف الذي فاز بجائزة بوليتزر لصالح رويترز لم تُلزم الوكالة بالدفاع عنه عندما وضعته قوات الاحتلال الإسرائيلي على قائمة اغتيالات الصحفيين المتهمين بأنهم عناصر في حماس والجهاد الإسلامي. ولم تُلزمهم بالدفاع عنه حينما ناشد وسائل الإعلام الدولية حمايته بعدما نشر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يوضح نيتهم اغتياله عقب تقرير أعده عن المجاعة المتفاقمة. كما لم تُلزمهم بتغطية مقتله بصدق عندما طاردوه وقتلوه بعد أسابيع».
وخلصت في منشورها إلى القول: «لا أعرف ما الذي يعنيه أن أبدأ في تكريم شجاعة وتضحيات الصحفيين في غزة، الأشجع والأعظم ممن عاشوا يوماً، لكن من الآن فصاعداً سأوجه أي مساهمة أستطيع تقديمها وفي ذهني هذا الهدف أولاً».
انتقادات لتخلي وسائل الإعلام عن صحفييها
وانتقد عدد من الصحفيين الفلسطينيين الشكل الذي وصفت فيه المؤسسات الصحفية الغربية الصحفيين العاملين معها بعد استهدافهم المباشر من الجيش الإسرائيلي وقتلهم، اذ كتب الصحفي وليد ابراهيم : موقف كبير وشجاع للصحفية Valerie Zink وهي تعلن استقالتها من وكالة رويترز احتجاجا على تبني الوكالة سردية دولة الاحتلال في قتل الصحفيين.
كصحفي، عملت مايقارب عشر سنوات في وكالة رويترز مراسلا في بغداد، من عام 2003 حتى 2012، لا املك سوى ان اقف احتراما وتقديرا لهذا الموقف الشجاع والمتميز والذي عبرت فيه الصحفية بكل وضوح رفضها ان تكون شاهد زور وان تتماهى مع سردية استهداف دولة الاحتلال للصحفيين.
أدناه ترحمة لنص رسالتها التي أعلنت فيها انتهاء علاقتها بوكالة رويترز وتبين فيها الاسباب التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار.
إذ كتب الصحفي باسل خلف، من التلفزيون العربي، منشوراً قال فيه: «الحياد والموضوعية في غير محلها، وربما للوقاحة أشكال مختلفة. إذ قالت وكالة أنباء أسوشييتد برس إن الصحفية مريم أبو دقة كانت «صحفية مستقلة» تتعاون مع الوكالة، لكنها «لم تكن في مهمة» لصالح الوكالة لدى استهدافها. أمّا وكالة أنباء رويترز فقالت إن «أحد الصحفيين القتلى وأحد الجرحى يعملان معها متعاقدَين».
وأضاف خلف: «وبينما كان المشهد على الهواء مباشرة، تقول وكالة فرانس برس إنها لم تتمكن من التثبت بصورة مستقلة من معلومات الجيش الإسرائيلي أو الدفاع المدني في ظل القيود الإسرائيلية المفروضة على الإعلام في غزة، وصعوبة الوصول إلى المواقع المستهدفة في القطاع».
أمّا الصحفي الفلسطيني سليم الريّس فكتب: «وكالات الأخبار العالمية وأشهر محطات التلفزة، عملت منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، على إجلاء معظم طواقمها والموظفين إلى الخارج مُستبدلة الموظفين الرسميين بالتعاقد مع آخرين بمقابل شهري أو يومي أو حسب المادة المصورة أو المكتوبة، هي بذلك حاولت التخفيف من الأعباء المالية في حال إصابة أو قتل أحد الموظفين الرسميين. مع استمرار الحرب، نشط الزميلات والزملاء في العمل على تغطية الجرائم الإسرائيلية ولهثت الوكالة على شراء المواد ذات القيمة في تقييمها فيما لم تكترث غالبيتهم بحياة من تعاقدوا معهم، صحيح أنّ بعضهم يسأل عن الحال والأحوال لكنهم لم يقدموا أي نوع من الحماية، وما يقدمونه فقط يأتي في صالح استمرار حصولهم على المواد التي تُدر عليهم الأموال وتضعهم في الصدارة».
وأضاف: «ومع كل استهداف لأحد الزملاء أو الزميلات المتعاقدين، تسرع وكالاتهم للتأكيد على أنّ المستهدف لا يعمل متعاقداً أو أنه لم يكن في مهمة رسمية مُكلّف بها، لتتجنب بذلك أي حقوق أو واجبات مادية أو أخلاقية قد تقع على عاتقها، والمثال الأبرز ما حدث اليوم».
كذلك، انتقدت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز، كافة الصحفيين الذين لم يبدوا أي رد فعل حيال استشهاد خمسة من زملائهم في قصف إسرائيلي على مستشفى ناصر جنوبي قطاع غزة.
جاء ذلك في منشور بحسابها على منصة شركة “إكس” الأمريكية مساء الاثنين، تعليقا على المجزرة التي قتل فيها 20 شخصا بينهم 5 صحفيين.
ألبانيز استشهدت بصورة للكاميرا الخاصة بأحد الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في الهجوم، قائلة: “هذه الكاميرا يجب أن تُعرض في النصب التذكاري للإبادة الجماعية الذي سيُنشأ يوماً ما، تخليداً لذكرى عدد لا يُحصى من ضحايا الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.”